آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » سيد درويش في ذكراه السنوية.. كان الهادي لمن تبعه من كبار الموسيقيين

سيد درويش في ذكراه السنوية.. كان الهادي لمن تبعه من كبار الموسيقيين

أديب مخزوم:

في صباح يوم 15 أيلول 1923 رحل سيد درويش، مؤسس النهضة الموسيقية والغنائية العربية الحديثة والمعاصرة، حيث وضع الأساس المتين الذي سار عليه كبار الملحنين والمطربين في القرن العشرين، وكان الهادي لمن تبعه وسار على ضوء اكتشافاته وإبداعاته، التي لا تزال تعيش بيننا وكأنها وليدة الساعة، رغم مرور أكثر من مئة عام على إطلاقها.
ولقد وضع حوالي ألف لحن صاغتها عبقريته الفذة في خمس سنوات، ولهذا نتساءل: ماذا كان سينجز لو امتد به العمر عشر سنوات أخرى أو أكثر. فمنذ حضوره إلى القاهرة سنة 1918 حتى رحيله عن إحدى وثلاثين سنة وستة شهور، لحن 26 مسرحية غنائية و66 طقطوقة و 10 أدوار للتخت يمكن اعتبارها سمفونيات عربية و 28 موشحاً والفصل الأول والفصل الثاني من كليوباترا.
ويصعب على الدارس إحصاء جميع الأدوار والطقاطيق التي وضعها هذا الفنان العبقري الفذ، ويدهش لغزارة إنتاج هذا الملحن النابغة. ومن ناحية الشكل تعتبر طقاطيق سيد درويش شكلاً أولياً لفن الطقطوقة. ولكن الروح الفنية لسيد درويش أعطت فن الطقطوقة لمسة تعبيرية قوية، كانت هي الأساس الذي تطورت عليه فيما بعد على أيدي محمد القصبجي وعبد الوهاب وزكريا أحمد ورياض السنباطي وفريد الأطرش وغيرهم.
ولقد أشار حسن سيد درويش نجله في كتابه (من أجل أبي سيد درويش) إلى أن والده حاول خلال عمله بمسرح الريحاني من سنة 1919 إلى سنة 1921 أن يرتقي بكلمات الأغاني التي يلحنها لهذا المسرح عندما كان اسمه مسرح (كشكش بيه) الذي كان يقدم استعراضات غنائية شديدة الميل إلى الكوميديا وخاصة في كلام الأغاني .

وهذا يعني أن سيد درويش لم يترك مسرح الريحاني إلا من أجل الارتقاء بفن التمثيل وكلمات أغانيه، تركه بعدما يئس من إقناع الريحاني ومؤلف مسرحه بديع خيري بتنقية المسرحيات من الكلام السطحي والمتخلف. وكانت المسرحية الأولى التي لحنها للكسار بعد انفصاله عن الريحاني هي مسرحية (راحت عليك) علماً أن فرقة الريحاني ظلت تعرض المسرحيات السبع التي كان سيد قد لحنها لها قبل انضمامه للكسار، لأن ألحان سيد درويش كانت مطلوبة جماهيرياً ولم تكن الفرق المسرحية قادرة على النجاح من دونها، وقد كان يلحن لجميع مسارح القاهرة بين عامي 1918 وأوائل 1920.
وبالرغم من ذلك هناك طقاطيق مسرحية ليست قليلة ارتقت كلماتها إلى مستوى الألحان العظيمة التي قدمها، وهي لا تزال وستبقى تتردد في الأسماع مثل (سالمة يا سلامة) من مسرحية (قولوا له) وهي مسجلة بصوت سيد درويش. و(طلعت يا محلا نورها) وقد سجلت بأصوات كثيرة أشهرها فيروز. أما طقطوقة (الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية) فهي إحدى أغاني مسرحية (ولو) التي عرضت سنة 1918 وسجلتها أيضاً فتحية أحمد وغيرها. وطقطوقة (هز الهلال يا سيد ) مسجلة بصوت سيد درويش سنة 1918. وسجل سيد بصوته طقطوقة تتحدث وتشيد بحب الوطن والحرية، ثم سجلتها منيرة المهدية التي تقاسمت تسجيل ألحانه مع حياة صبري ونعيمة المصري ومنتهى الوحيدة وهانم المصرية وأمينة القبانية والست تودد ونرجس المهدية وسميحة المصرية، فضلاً عن الأصوات التي سجلت ألحانه على امتداد عشرات السنين.
ولقد لحن العديد من الأدوار التي كانت قد استوفت جميع عناصرها على يد الملحن الكبير محمد عثمان الذي يمكن اعتباره أستاذاً في هذا المجال، رغم أن الحقائق الثابتة تؤكد أن الشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب هو الأب الشرعي لفن الدور. الإضافة التي أضافها سيد درويش لفن الدور شبيهة بالإضافة التي أضافها إلى فن الطقطوقة. إذ أنه لم يمس شكله الذي تطور على يد المسلوب، وإنما أضاف إليه لمسة جديدة تزيده تأثيراً في النفوس وتعطيه غنى تعبيرياً واضحاً. مع الإشارة إلى أن سيد لم يلحن إلا بضعة عشر موشحاً أشهرها (يا شادي الألحان ) التي اشتهرت بصوت صباح فخري.
والملاحظ أنه في هذه الموشحات قد ذهب إلى التنويع في المقامات، وأضاف إلى هذه الأصناف الغنائية إيقاعاً جديداً لم يعرف من قبل، وتجاوب في أغانيه الشعبية مع الجماهير العريضة خاصة حين غنى للفلاح والأرض والوطن والناس البسطاء وقد تميز بهذا الأسلوب التعبيري وتألق فيه وكان رائداً له.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ديبلوماسية «البيكيني»… للترويج للصهيونية

غادة حداد   بعد عام 2000، عملت الحركة الصهيونية على تغيير صورتها، بسبب النقمة عليها بعد انتفاضة الـ 2000، وما رافقها من جرائم إسرائيلية بحق ...