الرئيسية » كتاب وآراء » سيناريوهات ما بعدَ الحربِ على غزّ.ةَ

سيناريوهات ما بعدَ الحربِ على غزّ.ةَ

 

كتب:د.المختار

 

 

بعدَ مرورِ أكثرَ من ستةِ أشهرٍ على بدءِ الحربِ على غزّ.ةَ، وسقوطِ أكثرَ من 33 ألفَ .قتيلٍ و76 ألفَ جر.يحٍ، تبدو سياسةُ الرئيسِ الأمريكي جو بايدن في الشرقِ الأوسطِ على المحك. فالمفاوضاتُ حولَ وقفٍ لإطلاقِ النا.رِ في غزّ.ةَ وصلَت إلى مرحلةٍ معقدةٍ جداً، وهجماتُ الج.يشِ اليمني وأ.نصا.رِ الله تشلُّ حركةَ الملاحةِ البحريةِ في البحرِ الأحمرِ وخليجِ عدنَ وتستنزفُ القو.اتِ البحر.يةَ الأمريكيةَ، والم.قا.ومةُ في العراقِ ترهقُ القو.اتِ الأمريكيةَ. ورغمَ تدهورِ علاقةِ بايدن بنتن يا.هو، ورغمَ إضرارِها بحظوظِ بايدن بالانتخاباتِ الرئاسيةِ الأمريكيةِ المقبلةِ، مازالَ دعمُ بايدن لإ.سر.ائيلَ مطلقاً.

 

فبنظرة استشرافية للأمورُ في الشرقِ الأوسطِ يمكنُ أن تصبحَ أشدَّ تعقيداً وتتجهُ لأزماتٍ جديدةٍ أخرى قد تكونُ أشدَّ تد.ميراً، لأنَّ نتن ياهو وفريقَه ا.لمتطر.فَ وداعميهم المؤثرين في الغربِ بدأوا يروجون أنَّ إ.سر.ائيلَ لا يمكنُها الاستمرارُ بالعيشِ وسطَ هذا المحيطِ المعا.دي لها والذي يزدادُ قوةً يوماً بعد يومٍ، وأنَّ 7 أكتو.بر أحدثَ صدمة وجود للإ.سر.ائيلي، وأتى الردُّ الإيراني ليعمّقَ هذه الصدمة ويطرحَ السؤالَ الكبيرَ ما هو مستقبلُ دولةِ الا.حتلا.لِ في هذه المنطقةِ؟ وهذا ما يرجحُ الانتقالَ من أزمةٍ إلى أزماتٍ، أهمُّها:

 

أولاً: – وضعُ غزّ.ةَ ما بعدَ الحر.ب.

 

بعدَ 6 أشهرٍ من التد.ميرِ والقتلِ في غزّ.ةَ، لم تنجح إ.سر.ائيلُ في تحقيقِ هدفِها بالقضاءِ على ح.ما.سَ وإسقاطِ حكمِها. وبعد الا.نسحا.بِ الإ.سر.ائيلي من غزّ.ةَ، يبرزُ السؤالُ المهمُ هل سيسقطُ حكمُ ح.ما.سَ، وتنجحُ إ.سر.ائيلَ في استبدالِه…؟

 

قبلَ الا.نسحا.بِ من خان يونس كان جوابُ بعضُهم نعم لصالحِ إ.سر.ائيلَ لكن بعد الا.نسحا.بِ وظهورِ عناصرِ ح.ما سَ في خا.ن يو.نس، تصاعدَت الشكوكُ بنجاحِ إ.سر.ائيل

 

فقد واصلَت ح.ما.سُ الإدارةَ تحتَ الحر.بِ، وتوجيهَ القواتِ الأ.منيةِ والشر.طيةِ ودفعَت جزءاً من رواتبِ موظفيها ما يشيرُ إلى هيكليةٍ إداريةٍ متماسكةٍ، وتمكنَت من صرفِ سلفٍ ماليةٍ، ونجحَ جها.زُ الأ.منِ با.عتقا.لِ العديدِ من المتعاونين مع قواتِ الا.حتلا.ل.

 

وأكدَت صحيفةُ “يد.يعو.ت أحر.ونو.ت” ا.لعبر.ية رصدَ نشطاءِ ح.ما.سَ الذين بدأوا في استعادةِ سيطرتِهم بعد الا.نسحا.بِ متنكرين، ما يعززُ صعوبةَ تحقيقِ الأهدافِ الإ.سر.ائيليةِ ورأت الصحيفةُ ” أنَّ إ.سر.ائيل خسرَت الحر.بَ في القطا.عِ.

 

أما محاولةُ إيجادِ حكمٍ عشائري بديلٍ فقد فشلَت لأنَّ عناصرَ الفصائلِ هم بالأساسِ من العشائرِ، والعشائرُ سبقَ أن رفضَت التعاملَ مع الاتصالاتِ التي أجريَت معها من قِبلِ ا.لضبا.ط الإ.سر.ائيليين.

 

وأما الترويجُ الإ.سر.ائيلي لقوةٍ عربيةٍ متعددةٍ، فمحكومٌ عليه بالفشلِ إذا دخلَت على ظهرِ الد.با.باتِ الإ.سر.ائيلية، والم.قا.ومةُ أكدَت أنها ستتعاملُ مع أي قو.ةٍ خارجيةٍ على أنّها قو.ةُ ا.حتلا.لٍ وهذا يعني استمرارَ الأزمةِ، بعد استعادةِ الأسرى الإسرائيليين، بشكل جديد.

 

الأزمةُ المحتملةُ الثانية:

 

تتعلقُ باحتمالاتِ تطورِ الحر.بِ بين إ.سر.ائيلَ والم.قا.ومةِ اللبنا.نيةِ، فالمسؤولون الإ.سر.ائيليون ينظرون بقلقٍ لتكديسِ الم.قا.ومةِ للأ.سل.حةِ الأكثرِ تطوراً، بما فيها ما يقارب 150 ألفَ صا.رو.خٍ، وينظرون بقلقٍ كيف سيشعرُ مستو.طنو الشمالِ الفل.سطيني بالأ.مانِ وهم تحت تهديدِ هذه القو.ةِ، وهذا يتفقُ مع رغبةِ نتن يا.هو بتوسيعِ دائرةِ الحر.ب، فكثيرٌ من الإ.سر.ائيليين مذعورون أن يستفيقوا يوماً وقد قامَت الم.قا.و.مةُ اللبنا.نيةُ باله.جومِ وتحر.يرِ شمالِ فل.سطينَ على غرارِ هج.ومِ يوم 7 /أ.كتو.بر.

فتحوّلُ كثيرٍ من المستو.طناتِ إلى مدنِ أشباحٍ، وانتقالُ عشراتِ الآلاف من مستو.طني هذه المنطقةِ للحياةِ في أماكنَ أخرى، خلقَ أزمةً داخليةً كبيرةً. أضف إلى ذلك أنَّ المتطر.فين يرون أنَّ إ.سر.ائيلَ تعاني من الانكماشِ لمساحةِ أراضيها، وهو يتعارضُ مع الحلمِ التو.ر.اتي.

 

لذلك يجبُ أن يؤخذَ بالحسبانِ أنَّ نشوبَ حر.بٍ شاملةٍ بين إ.سر.ائيلَ والم.قا.ومةِ اللبنانيةِ هي رغبةُ المتطر.فين في حكومةِ نتن يا.هو ولو حصلَت ستكونُ أشدَّ تد.ميراً مما يجري في غزّ.ةَ الآن. لأنَّ الم.قا.ومة اللبنانية تختلفُ عن الم.قا.ومةِ في غزّ.ةَ من حيث القد.راتُ والتدريبُ والجاهزيةُ والإمدادُ، وستلقنهم درساً قاسياً، وقد تنخرطُ إيرانُ في الحر.بِ إلى جانبِها بشكلٍ أوضح، وإذا كان لدى ح..ز..بِ ا.لله أسبابُه المنطقيةُ لتجنّبِ مثلِ هذه الحر.بِ وهو لا يسعى إليها، فإنّه بالوقتِ نفسِه لن يقبلَ بشروطٍ تمسُّ السيادة.

 

لذلك وجب التنبيه على إلى أنَّ هناك أز.مةً قد تنشبُ على الحدودِ الشماليةِ بمجردِ انتهاءِ الق.تالِ الكثيفِ في غ.زّ.ةَ، وتمكن حكومةِ إ.سر.ائيلَ من توجيهُ اهتمامِها إلى ج.بها.تٍ أخرى. إذا لم تلجمها أمريكا، ومن غيرِ الواضحِ حتى الآن ما إذا كانت الجهود الدبلوماسية ستنجح بتسويةُ هذه الأزمةِ.

 

أما الأزمةُ الثالثةُ المحتملة.

 

فتكمنُ في نظرةِ الغربِ لإيرانَ الموجودةِ في أغلبِ ملفاتِ “الشرقِ الأوسط”. فإيرانُ من دونِ شكٍّ تتجنّبُ حر.باً شاملةً ومباشرةً مع إ.سر.ائيلَ والولاياتِ المتحدةِ بدليلِ الردِّ الدقيقِ والمحسوبِ الذي قامت به رداً على ق.صفِ القنصليةِ بدمشقَ، خصوصاً وأنّها مرتاحةٌ للوضعِ الراهنِ سواءٌ عرقلةُ التقاربِ بين إ.سر.ائيلَ والسعوديةِ، أو قيامُ الج.يشِ اليمني باستنزافِ قدراتِ الولاياتِ المتحدةِ وحلفائِها في البحرِ الأحمرِ، أو عملياتُ الم.قا.ومةِ في العراقِ، لذلك لن تكفَّ إ.سر.ائيلُ وخصوصاً بعد الردِّ الإيراني ومعادلةِ الر.دعِ الجديدةِ لن تكفَّ عن تحر.يضِ أمريكا ودولِ الغربِ على البرنامجِ ال.نو.و.ي السلمي الإيراني وتخويفِ الغربِ من تحوّلِه لعسكري، وبدء شيطنة النظام الإيراني وفرض عقوباتٍ جديدةٍ عليه في المستقبلِ القريب، وما يؤكدُ استجابةَ الغربِ التلقائيةِ لذلك ما قالَه الجنرالُ “ميشيل كوريلا”، قائدُ القيادةِ المركزيةِ الأمريكيةِ، إنَّ حصولَ إيرانَ على ق.ن.بلةٍ نو..و.يةٍ “سيغيّرُ الشرقَ الأوسطَ إلى الأبد”. وستعطي هذه ال.ق.ن.بلةُ إيرانَ د.رعاً نو..و.ياً تدعمُ به حلفاءَها، وستعيدُ رسمَ خريطةِ موازينِ القوةِ الإقليمية.

 

مما سبقَ نستنتجُ أنّه من قبيلِ الأحلامِ الورديةِ أن نتصورَ أنَّ انتهاءَ الحر.بِ في غ.زّ.ةَ سيؤدي إلى أي انخفاضٍ دائمٍ في مستوى التوتراتِ الإقليميةِ في “الشرقِ الأوسطِ”، بل قد تكونُ مدخلاً لبدءِ أزماتٍ أخطرَ، إذا لم تتدخّل القوى الكبرى وتجد تسوية شاملة تأخذ بالاعتبار حقوق جميع الأطراف.

 

ولا يفوتُنا أن نقولَ إنَّ هذه الأزماتِ هي رغبةٌ إ.سر.ائيليةٌ أكثرَ منها رغبةٌ أمريكيةٌ، أو رغبة دولُ المنطقة.

 

لاتستغربوا فصمود سورية من قبل وصمود غزَّ.ة الآن غير كل المعادلات…

(سيرياهوم نيوز ١-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السعودية والقضية الفلسطينية والحرب على غزة

  رأي مضاوي الرشيد   يكثر اللغط عند الحديث عن الموقف السعودي من الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام. وهذا ليس بالأمر ...