آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » سيّدات المجالس المحلّية: بدايةٌ من «تحت الصفر»

سيّدات المجالس المحلّية: بدايةٌ من «تحت الصفر»

| لمى علي

لم يتجاوز الحديث عن مشاركة النساء في انتخابات «مجالس الإدارة المحلّية»، حدود تمنّي ظهور نتائج طيّبة على أرض الواقع، إذ إن جهود الأوساط الإعلامية والمنظّمات الشعبية والأحزاب لتشجيع النساء على خوض المنافسة، بقِيت في إطار «التحفيز المعنوي»، ولم تصل إلى مرحلة الدعم الفعلي الذي يفتح المجال أمام المرأة لتحصل على فُرص تمثيل أكبر في دوائر صُنع القرار المحلّية، ويساعدها على تجاوُز الظروف التقليدية التي تحاصرها، وتحُول دون دخولها مجال العمل في الشأن العام. مع ذلك، حقّقت النساء حضوراً – ولو ضئيلاً – في أغلب مجالس المحافظات والمدن والبلديات، وحصلْن على نسب متفاوتة، وصلت في حدّها الأعلى إلى 17% في مجلسَي محافظتَي دمشق وحلب، عدا المقاعد «المجّانية» التي نالتها بعض المرشّحات بالتزكية.

هل أنصفهنَّ القانون؟
لا يحدّد قانون الانتخابات السوري نسبةً لمشاركة النساء في أيّ عملية انتخابية، على اعتبار أن الدستور ينصّ على المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والواجبات، وبالتالي، فإن مشاركتهنّ في مجالس الإدارة المحلّية غير محدَّدة بحدٍّ أدنى أو أعلى. هذا ما يؤكده رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات المحلّية، القاضي المستشار جهاد مراد، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «نسبة تمثيل المرأة في مجالس الإدارة المحلّية مرتبطة بالناخبين، والبرامج الانتخابية التي طرحتْها المرأة لهم في الحملات الانتخابية»، مضيفاً أن «قوائم مرشّحي حزب البعث العرب الاشتراكي راعت ضرورة مشاركة النساء في أغلب المناطق». ويشير إلى أن «المرأة حقّقت في انتخابات هذه الدورة حضوراً مميّزاً من خلال ارتفاع نسبة المرشّحات مقارنة بالدورات السابقة، حيث وصلت إلى أكثر من 20% في طلبات الترشيح، وهذا دليل على اهتمام المرأة بالوضع المحلّي والعمل على تنميته».
ثمار العمل النسوي
ازداد نشاط تجمّعات العمل النسوي في سوريا خلال السنوات الأخيرة، وصولاً إلى الاستحقاق الأحدث، حيث ضاعفت جهودها من أجل تحسين تمثيل النساء، من دون أن تفلح في إحداث تغييرات كبيرة. ومن بين تلك التجمّعات حملة «وأنا رح شارك» في محافظة حمص (وصلت نسبة تمثيل النساء في مجلسها إلى 15%)، التي أسّستها مجموعة من السيّدات اللواتي يطمحْن إلى «تحقيق العدالة الجندرية، وتغيير الصورة النمطية للمرأة، وتعزيز دورها القيادي في المجتمع». وتتقدّم هؤلاء الناشطةُ المجتمعية، رولا إبراهيم، التي تلْفت، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «وأنا رح شارك» سعت إلى «تشجيع السيّدات على المشاركة في انتخابات الإدارة المحلّية، من خلال الجلسات الحوارية التوعوية والقانونية في العديد من المناطق في حمص وريفها، إلى جانب التشجيع الإلكتروني عبر السوشل ميديا، بهدف إيصال الصوت النسائي إلى المجالس المحلّية». وتعترف رولا بأن «الحملة لم تنجح في الكثير من الأماكن لأسباب كثيرة، منها ما يتعلّق بطبيعة المنطقة والنظرة المسبقة إلى دور المرأة فيها وسلطة الرجل الطاغية في كلّ التفاصيل، ومنها ما هو مرتبط بظروف المرأة نفسها كجهلها بحقوقها وعدم معرفة إمكاناتها أو انشغالها بالأسرة، وعدم امتلاكها قراراً مالياً لإقامة حملةٍ انتخابية». وتستدرك بأن «الحملة حقّقت – على الأقلّ – هدفها المتمثّل في تشكيل الوعي المدني لدى النساء، من خلال تعريفهنّ بأهمّية ودور مجالس الإدارة المحلّية، وتنمية الشعور لديهنّ بقدرتهنّ على تولّي أماكن صنع القرار، والترويج لفكرة ضرورة دعم النساء للنساء».
أهداف وتجارب
وصلت «وأنا رح شارك» إلى مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي (حيث بلغت نسبة تمثيل النساء في مجلسها 12%)، دافِعةً نجود قناطري (42 عاماً) إلى الترشّح للانتخابات المحلّية على رغم التحفّظ الذي لاقتْه من مجتمعها. ومع أن نجود لم تحصل على المقعد الذي حلمت به، إلّا أنها لم تستسلم، مُصمِّمةً على تكرار التجربة في الدورة القادمة. أمّا المهندسة المعمارية، هنادي المزّان، فقد نجحت تجربتها الأولى في خوض الترشّح للحصول على مقعد قيادي في مجتمعها في محافظتها دير الزور (وصلت نسبة تمثيل النساء في مجلسها إلى 10%).

ازداد نشاط تجمّعات العمل النسوي في سوريا خلال السنوات الأخيرة

تقول السيدة التي بدأت العقد الثالث من عمرها، لـ«الأخبار»، إنها «تلقّت الدعم والتشجيع من القيادة وأهلها»، وإنها «أقدمت على هذه الخطوة إيماناً منها بأهمّية مشاركة المرأة ودورها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، مضيفةً أنه «لا يخفى على أحد قوّة المرأة الشرقية وتحمّلها الصعاب ووقوفها إلى جانب الرجل في الحرب والحصار الذي مرّ على محافظة دير الزور، وحان دورها اليوم للوقوف معه في إعادة إعمار هذا البلد…». وتتابع المزّان أن «الدولة عملت على إتاحة الفرص لجميع النساء للمساهمة الفعّالة والكاملة في جميع مجالات الحياة، وإزالة القيود التي تمنع تَطوّرها ومشاركتها في بناء المجتمع».

الحرب أيضاً
ترى الباحثة الاجتماعية، حنان ديابي، أن «مجالس الإدارة المحلّية في سوريا تتّسم بطابع ذكوري عموماً»، لافتةً إلى أن «تمثيل النساء في جميع المفاصل الحكومية لا يتجاوز الـ30%». وتشدّد ديابي، في تصريح إلى «الأخبار»، على ضرورة «العمل بصورة أكثر جدّية على إعداد نساء قادرات على العمل في الشأن العام، وتولّي مراكز صُنع القرار، وخاصة أننا خلال الحرب تراجعْنا في مجال تمكين النساء سياسياً بشكل كبير»، داعيةً إلى اعتماد «الكوتا النسائية» للوصول إلى الحدّ الأدنى من عمل المرأة في الشأن العام، على «رغم احتمال أن يؤدّي ذلك إلى وصول نساء غير كُفُؤات إلى مفاصل صُنع القرار». وتلْفت إلى أن «غياب صورة واضحة لدى الناس عن مهامّ مجالس الإدارة المحلّية ودورها أثّر سلباً في نسبة النساء المترشّحات لهذا المنصب»، مضيفةً أن «انخفاض نسبة النساء في شغْل المراكز القيادية في مجتمعاتهنّ بشكل عام، لا يرجع إلى سبب اجتماعي بحت، مرتبط بالعادات والتقاليد والعُرف الاجتماعي، خصوصاً أن أغلب مُدننا بعد الحرب أصبحت خليطاً مجتمعياً، أدّى إلى كسْر بعض العادات والتقاليد»، وإنّما «السبب الأساسي هو الوضع الاقتصادي ونتائج عشر سنوات من الحرب، خاصة أن النساء هنّ دائماً الحلقة الأضعف في الأزمات». وحول تفاوت نِسب تمثيل المرأة بين المحافظات، تعزو ديابي ذلك إلى «التمركز الديموغرافي للسكّان ونِسَب التعليم، فمن الطبيعي ارتفاع النسبة في محافظة دمشق مقارنةً بمحافظة الرقة، لكن ثمّة حالات تتأثّر بأسباب أخرى كالوضع الاقتصادي، مثل محافظة طرطوس (هي محافظة خالية من الأمّية) حيث نسبة كبيرة من النساء المتضرّرات من الحرب أصبحْن معيلات لأسرهنّ، وهذا شَغلهنّ عن العمل في الشأن العام».
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار
x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...