بقلم:أحمد يوسف داود
يَخطرُ لي كثيراً أنّ كُلَّ المُفقَرينَ في سوريّةَ – وهمُ الغالِبيّةُ العُظمى منَ السّوريّينَ الآنْ – ربّما صاروا في تمامِ الجاهِزيّةِ للهِجرةِ إلى أيِّ كوكَبٍ آخرَ لاتُوجَدُ فيهِ حُكومةٌ تَفعَلُ بالنّاسِ هُناكَ ماتفعَلُهُ حُكومتُنا الحاليّةُ بِنا، أَسعَدَها الله!.
فمَثَلاً: قَبلَ الزّيادةِ الأَخيرَةِ الفَقيرةِ لِرَواتِبِ مَنْ يَعمَلونَ في وَظائفِ الدَّولةْ، قامتْ – بِكلِّ ثِقلِها وقوّتِها الإداريَّةِ الماهرِةِ القاهِرَةْ – برَفعِ سَويّةِ اقتِناصِها لِما تمَّ تَوزيعُهُ من الكُتلَةِ الماليّةِ الصَغيرةْ، وَزادَتْ في الطَّنبورِ أَنغاماً، لانَغَماً واحداً كَما يُقالْ!.
وأَنغامُ طُنبورِ هذه الحُكومِة – ماشاءَ اللهْ – هيَ أنغامٌ مَفتوحةٌ وبلا حَصرٍ، حتى لقد جَعلتِ (المُواطِنينَ!) يَتراقَصونَ تَراقُصَ الدَّجاجِ نِصفِ المَذبوحِ من صُعوبةِ الفَوزِ ولو ببَعضِ القُدرةِ على (الصّمودِ والتّصَدّي!) لزِياداتِها الفتّاكةِ الفَتّانَةْ، حتّى على سِعرِ الرّغيفِ بِسائِرِ سويّاتِ (صُنعِهِ): منَ الفاخِرِ جِدّاً، والخاصِّ بِمنْ هم “نُخبةُ النُّخبةِ”، إِلى الرَّديءِ جِدّاً حَيثُ هوَ مِمّا لايَرضي أي جائع بعدَ إِخراجِهِ بِساعةٍ واحدةٍ من الفُرنْ!.
وآخِرُ ماقرأتُه منذ بضعة أيام هو أَنَّ السّيّدَ رئيسَ مَجلسِ الوُزراءِ قد قالَ : إِنَّ زِيادَةَ الرّاتبِ لم تَكنْ كافِيَةْ!.
وبالطبع، هذا عُذرٌ غَيرُ مَقبولْ، ولَنْ أَزيدَ كَلِمةً أُخرى على ذلكْ!.
إنّهُ لَمِنَ الحقِّ بِمَكانٍ أَنْ يَعتَرفَ كلُّ ذي مَوقِعٍ بِما أساءَ، في خِلالِ إدارتِهِ لهذا المَوقِع، بجَوانِبِ تَقصيرِهِ كُلّها وحتّى بما ارتَكبَهُ في حقِّ الغالبيّةِ منَ الشّعبِ: منْ إِفقارٍ هوَ في الحاصِلِ الأَخيرِ أكثرُ منْ إذْلالٍ لها، وحينَ تُذَلُّ هذهِ الغالِبيّةُ – بَينَما تَسرَحُ الأقليّةُ النَهّابَةُ وتَمرَحُ على هَواها هِي وأتْباعُها منَ الطُّفَيليّينَ الذين لهم في كلِّ عِرسٍ قِرصْ – فتِلكَ حالٌ لَها طابَعُ الاستِخفافِ بِحَقِّ الوَطَنِ في البَقاءِ صامِداً وقَويّاً تِجاهَ مايُرادُ لَهُ منْ إذْلالٍ وتَركيعْ، وهو في النِّهايَةِ لَنْ يُذَلَّ ولنْ يَركَعْ، رَغمَ كلِّ ماحَدثَ لَهُ ومازالَ يَحدُثْ!.
على أَنَّ هناكَ وَجهاً آخرَ لِما يُخطَّطُ لِهذا الوَطنِ الرّائِعِ سُوريّةَ العَربيَّةْ: هوَ وَجهُ إِذْلالِ الشَّعبِ السّوريِّ كعُقوبَةٍ كُبرى لَهُ على صُمودِهِ حتّى الآنَ معَ بَقاءِ دَولتِهِ ضِدَّ ماكانَ قد تَمَّ تَخطيطُهُ لَها في البِنتاغونْ، وتمّ إرسالُ الآلافِ من المُرتَزِقَةِ الذينَ لادينَ لَهمْ سِوى القَتلِ المَأْجورِ ليُساهِموا في إسقاطِ الدّولةِ السُّوريَّةِ معَ تَنظيماتِ (الإِخوانِ المُسلِمينَ) وسِواهم في الدّاخلِ السُّوريّْ، ولمّا بَدا أنّ إِسقاطَ الدولةِ السورية غَيرُ مُمكِنْ، عَمدَتِ الوِلاياتُ المُتّحدَةُ إلى إٍصدارِ قانونِ سيزار، ثم إِلى إدخالِ بَعضِ قُواتِها الى الشَّمالِ الشرقيِّ منْ سُوريّةَ، والتّتِماتُ مَعروفَةْ!.
ويَبْقى السؤالُ الأَخيرُ قائِماً:
– هل إِفلاتُ الأيدي العابِثَةِ بِقُدرَةِ فُقراءِ سوريّةَ على الحَدِّ الأَدنى من العَيشِ المَقبولِ أَمرٌ مَشروعْ؟!.
وهنا نتوقف لِنَترُكَ الإجابةَ لمَنْ في أَيديهِمُ الأَمرْ!.
(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع)