الموت حق، لكّنه وحش لا يشبع. وكأنه يصير فتّاكاً عندما يصل إلى سوريا التي لم يفارقها منذ 13 عاماً وكلّ يوم يطعنها بموضع جديد… ولعلّ النجم أيمن زيدان هو وعائلته نموذج واضح لمن دفعوا ثمناً باهظاً في وجه القدر وضرباته المتلاحقة تحت الحزام منذ سنة 2011 عندما فارق المثل والمخرج السوري الشهير ابنه نوّار بعد رحلة محفوفة بالوجع إثر المرض. بعدها فارق والده. وقبل أيّام كانت العائلة على المحكّ. أيمن وابناه الممثل والمخرج حازم والموسيقي غالب وشقيقه الممثل وائل وبقية الأسرة كلّها كانت أمام الاختبار الصعب. لقد سقط شادي زيدان (1974/2023) انهار مغشياً عليه أثناء تصوير مشاهده في السلسلة الشامية «حواري الخير» (إنتاج شركة أفاميا) بطريقة دراماتيكة تشبه مهنته. كان يؤدي دور رجل متجبّر يقع في مشاكل عائلية، ويمعن في خذلان زوجته، لكّنه فجأة يخرّ بعد أن تضربه سكتة قلبية! ما هي إلا دقائق بعد ذاك المشهد حتى أعيد بشكل حقيقي. دخل بعدها شادي زيدان في غيبوية كاملة ليفارق الحياة قبل قليل في مستشفى «دار الشفاء» في دمشق! الفرق بين ذلك المشهد والحقيقة شاسع، صحيح بأن الطريقة التي انتهت بها الشخصية تشبه إلى حد ما المشهد الختامي في حياة الممثل المعروف، لكن يشهد كلّ من عرف شادي بأخلاقه العالية ودماثته ونبله، فيما تستمد عائلته الصغيرة زوجته وأطفاله الثلاثة قوّتهم وأمانهم منه. جرّب شادي خلال سنوات الحرب السفر والهجرة النهائية بعيداً عن شلال الدم الذي يحكم بلاده، لكّن الشام كانت لها حظوة واسعة في وجدانه، فعاد وكرّ الشريط من أوّله ودأب على المحاولات مجدداً لاجتراح مكانة يستحقها بعدما أمضى عمره ممثلاً في الدراما التلفزيونية، ولعب عشرات البطولات في أنواع درامية مختلفة، بدءاً من كوميديا «سلسلة النجوم» وصولاً إلى »طيور الشوك» (قمر الزمان علوش وأيمن زيدان) ثم «هولاكو» (رياض عصمت وباسل الخطيب) و «عائد إلى حيفا» (عن رواية غسان كنفاني إخراج باسل الخطيب) ثم لعب أدواراً تتماشى مع بنيته الجسدية القوية، واستثمار هذا المفتاح الأدائي في الدراما الشامية التي جسّد فيها أدوار بطولة في «بيت جدي» و«باب الحارة» وغيرهما الكثير.
رحل شادي زيدان فجأة، قبل أن يضع قدمه على عتبة الخمسين. ستظلّ أعماله الفنية حاضرة، هذا أكيد، لكن سيتذكر كل من عايشه كيف هرع مع شقيقه وائل وابن أخيه حازم ليديروا حملة جمع تبرعّات للمناطق المنكوبة بالزلزال، فيما ستبقى نظرته المترفة بالحزن والخيبة صاحبة حصة وافرة من ذكراه لأنها تعبر عن مرحلة كاملة عاشتها البلاد!
__
*يشيّع الراحل غداً السبت الساعة 10 صباحاً من مستشفى «دار الشفاء» إلى بلدته الرحيبة في ريف دمشق، حيث يوارى ثرى تربتها.
* تتلقى العائلة التعازي في بلدة الرحيبة يومي السبت والأحد، وفي دمشق يومي الإثنين والثلاثاء للنساء والرجال في صالة «دار السعادة للمسنين» في حي المزّة من الساعة 6 حتى الساعة 8
سيرياهوم نيوز-الأخبار