بقلم:ناظم عيد
باختصار ومن دون إطالة، حدد الرئيس الشرع الملامح القادمة لسورية الجديدة، بما يناغي ما يصبو إليه كل سوري حقيقي ينشد الخير لهذه البلاد.
الكلمة بدت حافلة بالآمال الكثيرة.. لكن كل ما انطوت عليه في الواقع هو تحديات، ولائحة مهام تتطلب حالة استنفار قصوى للجميع دونما استثناء، كما تلح في استعجال حالة الاستقرار وبلورة البيئة المناسبة للانطلاق المنظّم والممأسس نحو الأفق الجديد.. الكثيف باستحقاقاته والمتزاحم بأولوياته.
وربما علينا جميعاً في هذه البلاد، مؤسسة مؤسسة وفرداً فرداً، أن نكفّ عن تقليد كئيب غرقت فيه سورية لعقود مضت، يركز على الإطناب في مديح خطابات السلطة، والدوران في حلقات مفرغة من التأويل التمجيدي الممض، ليكون بعده انكفاء مريب عن مساحات التنفيذ والشروع بالفعل الحقيقي المنجز على الأرض.
اليوم بتنا وجاهياً أمام استحقاق شامل، لا مجال في أي تفصيل من تفاصيله، لا للتسويف ولا الذرائع و لا “إدمان تصنيع وابتكار المبررات الجوفاء”، وإنما “ترويض الظرف” وصناعة بيئة العمل المواتية للبدء بإنفاذ مشروع دولة بكل معنى الكلمة.
ستواجهنا صعوبات..لكن لا صعوبات من دون حل في هذا العالم، ففي تجارب من جربوا قبلنا دروس بليغة، وربما يكون في تجربة رواندا البلد الذي طالما كان مأزوماً، ثم برع في تجاوز محنته محققاً أعلى معدلات نمو في المضمار الإفريقي، درساً يصلح لمقاربته لدينا بكثير من المرونة والرشاقة.
كما في بلدنا عقول وأفكار مكنوزة، تكفي حاجتنا وتزيد، في أدبيات وأسس ومتطلبات وخطط الإصلاح والتنمية بكافة أبعادها…وها هو الأفق مفتوح على مصراعيه أمام الجميع للدفع بكم هائل من الرؤى التي كان أصحابها يتحفظون عليها خوفاً من ملامة أو مساءلة أو دخول القائمة السوداء التي باتت أشهر من كتاب غينيس مع فارق فحوى التصنيف و مآلاته..
لدينا مراكز أبحاث شهيرة أُغلقت قسراً وأخرى غادرت البلاد، ومن بقي لاذ بالانكفاء في ظروف عدم اليقين التي فرضت نفسها بقسوة على مدى سنوات طوال، ولدينا وفرة من الأكاديميين والباحثين والإعلاميين، كل هؤلاء يمكن أن يضطلعوا بصياغة المقدمات النظرية بخيارات متعددة لبناء الدولة السورية الجديدة على أسس عصرية، تستدرك سلسلة هفوات الماضي، وتحاكي تجارب البناء الحديثة في هذا العالم.
اليوم سورية أمام وقائع مختلفة كلياً عن المشهد الماضي بكل تفاصيله..تحتاج إلى حذاقة التنظيم والتحضير قبل الانطلاق..وحسبنا ألا تطول فترة التحضير..لأن أجندة الاستحقاقات لا تنتظر، لا سيما وأن سلسلة الانهيارات التي شهدتها الحقبة البائدة أوصلت البلاد إلى الحضيض، فباتت المهمة اليوم ذات طابع إنقاذي عاجل
*الكاتب:رئيس تحرير الحرية
(اخبار سورية الوطن 2-افتتاحية صحيفة الحرية)