آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » شارليتو يغسل أيدي «رفاقه» التكفيريين: دماء «مار إلياس» في البازار اللبناني

شارليتو يغسل أيدي «رفاقه» التكفيريين: دماء «مار إلياس» في البازار اللبناني

 

علي سرور

 

نظرية مؤامرة ابتكرتها أوساط إعلامية يمينية في لبنان، على رأسها شارل جبّور، كسردية جاهزة للتوظيف تهدف إلى التشويش على هوية الجاني الحقيقية في التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة المصلّين في «كنيسة مار إلياس» في دمشق

 

 

فجّرت العملية الإرهابية الدموية في «كنيسة مار إلياس» في دمشق، المخاوف المبطّنة لدى الشعب السوري عامة، والمسيحيين خصوصاً، حول مستقبل بلادهم في ظلّ التساؤلات عن قدرة كبح جماح الأجنحة التكفيرية.

 

◀ مقالات ذات صلة:

– هل يعرف السوريون مَن فجّر كنيستهم؟

 

– تفجير «مار الياس»: التلفزيون السوري يستخفّه الطرب

 

وبينما كان السوريون مشغولين بلملمة أشلاء ضحاياهم، فوجئ مستخدمو السوشال ميديا بنظريات المؤامرة تنتشر بشكل سريع. نظريات تسحب اللوم عن الفكر المتطرّف، لتلقي به على طرف «غبّ الطلب»، أي المخابرات الإيرانية، باعتبارها مسؤولة عن إرسال الانتحاري ضمن مسعاها إلى «تقويض استقرار النظام الجديد» في سوريا.

 

بنات أفكار اليمين المسيحي

لكنّ تتبّع التسلسل الزمني لهذه السردية، يكشف أنّ المتطرّفين في سوريا ليسوا أصحاب هذه النظرية العظيمة، بل ابتكرتها أوساط إعلامية يمينية في لبنان، على رأسها شارل جبّور، كسردية جاهزة للتوظيف تهدف إلى التشويش على هوية الجاني الحقيقية.

 

 

لم يتردّد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» في إطلاق اتهاماته بعد ساعات قليلة من حدوث العملية الإرهابية، بل أسهب في منشوره الأول في تحديد الجهات المسؤولة، متجاوزاً حتى تقديم واجب العزاء لأهالي الضحايا. وللإنصاف، لم يُعر جبّور اهتماماً يُذكر بالمسيحيين السوريين في سنوات الحرب الطويلة.

 

تبرير إعلامي للإرهاب

التكفيري عبر أدوات التواصل والمواقف السياسية

 

 

وعبر تغريدة على منصّة «إكس»، حدّد جبّور السردية الإعلامية بوضوح: «من فجّر كنيسة مار إلياس في دمشق هم جماعة إيران».

 

إلا أنّ «المهنية القضائية» لم تمنعه من توسيع دائرة المتّهمين، فتابع قائلاً: «إما فلول الأسد… وإما أذرع إيران المأزومة، وإما الأجنحة الإرهابية التي تأتمر بأوامرها»، مشيراً إلى أنّ المستهدف هو نظام الشرع.

 

ملكي أكثر من الملك

وبعدما لقيت تغريدته صدى من «رفاقه» في سوريا، ممّن يسعون إلى إبعاد سهام الاتهام عن الأمن العام السوري، إثر تداول معلومات على المنصّة ذاتها تشير إلى أنّ المنفّذ هو أحد عناصر القوى التابعة لوزارة الداخلية، عاد جبّور في تغريدة ثانية ليؤكد على سرديّته بأنّ إيران فجّرت الكنيسة لحرف الأنظار عن هزيمتها النووية.

 

من فجّر كنيسة مار الياس في دمشق هم جماعة إيران، إما فلول الأسد الذين كانوا فجروا المسجدين في طرابلس، وإما أذرعها المأزومة، وإما الأجنحة الإرهابية التي تأتمر بأوامرها.

الفرق الإيرانية بدأت عملها بالانتحاريين، والمستهدف الأول هو نظام الرئيس الشرع، والمطلوب لبنانيا الاستنفار أمنيا.

 

— Charles Jabbour (@charlesjabbour) June 22, 2025

حماسة شارل جبّور بدت «ملكية أكثر من الملك»، إذ إنّ البيانات الرسمية السورية لم توجّه اتهامات علنية لأطراف خارجية، بل أشارت وزارة الداخلية إلى ضلوع تنظيم «داعش» في العملية.

 

وبعد نحو أربع وعشرين ساعة، نشرت وكالة «ناسا» نقلاً عن مصدر في جهاز الاستخبارات العامة، خبراً عن إلقاء القبض على المسؤول عن العملية وعدد من أفراد الخلية المتورّطة، مؤكّداً على انتسابهم إلى «داعش».

 

ورغم هذه الرواية الرسمية، ركب بعض الناشطين موجة التشويش المقصودة التي تسهم في إنكار وجود تطرّف فعلي داخل سوريا، في محاولة لمواجهة الخطاب المعاكس الذي يُشير إلى تغلغل هذا الفكر داخل مؤسسات النظام الجديد.

 

إذ نشر ناشطون على «إكس» أنّ زياد أنور الإدلبي، المعروف بلقب «أبو البراء»، شوهد في الآونة الأخيرة يقود سيارة تحمل مكبّراً للصوت يدعو المسيحيين في حيّ الدويلعة، حيث تقع الكنيسة الأرثوذكسية المستهدفة، إلى الدخول في الإسلام، وهو الشخص ذاته الذي التقطته كاميرات المراقبة أثناء تنفيذه العملية الإرهابية.

 

تطبيع إعلامي للإرهاب

في خضمّ هذا المشهد الدموي، يبرز خطر آخر لا يقلّ فتكاً عن الحزام الناسف، وهو تطبيع التبرير الإعلامي للإرهاب التكفيري عبر أدوات التواصل والمواقف السياسية.

 

فالتساهل مع سرديات تُنكر بشكل فجّ وجود تطرّف داخل سوريا، لا يخدم فقط مشاريع التضليل، بل يُشكّل أيضاً إهانةً مباشرةً لضحايا الهجوم ولعائلاتهم، ويؤكّد على الاستعداد النفسي للبعض لتبرئة القاتل حين لا يتناسب مع روايته السياسية المفضّلة.

 

في العالم المثالي الذي يحترم المبادئ الأساسية، لا تحتمل المآسي تحويلها إلى حلبة تصفية حسابات سياسية عبر إعادة تشكيل الحقيقة على قياس المصالح الخاصة.

 

لكنّ الحادث الدموي كشف من جديد عن هشاشة البيئة الأخلاقية التي يتعامل بها بعضهم مع المأساة البشرية، حيث تُهمَّش الحقيقة لمصلحة محاور سياسية محمّلة بالأحقاد والحسابات الإقليمية، ما يُفاقم الجراح ولا يسهم في بناء سردية عادلة تحترم كرامة الضحايا.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تمديد تسجيل المقبولين في مفاضلات الدراسات العليا وملء شواغر الطب في الجامعات السورية

مددت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اليوم موعد تسجيل الطلاب المقبولين في مفاضلات الدراسات العليا ومفاضلة ملء الشواغر الموحدة لخريجي كليات الطب للعام الدراسي 2024-2025، في ...