فاتن أحمد دعبول:
تخترق قوافل الزهور والنباتات بألوانها الندية وتسمع حواراتها عبر همسات لغاتها المتنوعة ترحب بزوارها في معرض الزهور بدورته ال 41 في حديقة تشرين التي تتوسط دمشق في ساحة الأمويين وتمتد على مساحات واسعة، لتشهد امتداد الحضارة وتواصلها وتربط بين أجيال خبروا معنى أن تكون للزهرة حضارة ولحفيفها لغة لا يفهمها غير عشاقها.
ووسط هذا الجمال الأخاذ يقع جناح الهيئة العامة السورية للكتاب ليضفي على المكان قيمة مضافة، فالكتاب في غناه ووجوده هو صنو الجمال الذي تضفيه الأزهار في عبقها، وبما تمنحه للنفس من سكينة وسط زحام الحياة وأعبائها، ليحل الكتاب ضيفاً مهماً على الزوار من شرائح المجتمع كافة.
ولا أخفي سراً عندما وصلت إلى جناح الكتاب ورأيت هذا التدفق البشري على شراء الكتاب وهذا الازدحام حتى اضطر الموظف المسؤول على البيع أن ينظم الدور للدخول إلى الجناح، وبت أتابع عن قرب إلى أي نوع من الكتب يتجهون وأي فئة عمرية تقبل على شراء الكتب، والحقيقة كانت المفاجأة أن الشباب والأطفال هم الفئة الأكثر إقبالاً، ما استوقفني لسؤال البعض عن دوافعهم لاقتناء الكتاب في ظل تلك العولمة المهيمنة، وخصوصاً أنهم ما زالوا في عمر الزهور ولما يتجاوزوا بعد المرحلة الثانوية.
الطالبة وعد علاء الدين، الصف التاسع: المعرض فرصة للتعرف على الإصدارات الجديدة، والكتاب بلا شك أفضل من قضاء الوقت في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي وهدر المزيد في الألعاب الإلكترونية، وهي بدورها تنصح الأهل بتشجيع أطفالهم على القراءة لأنها عالم غني بالمعرفة.
والسيدة منال كانت تجمع العديد من قصص الأطفال، وتختار بعناية ما يلائم طفلتيها، ولفتني اقتناؤها لعدد كبير منها، وعند سؤالها قالت: عانى أولادنا من انقطاعهم عن الدراسة فترات طويلة، ما انعكس سلباً على تحصيلهم ونتائجهم، وأرى في القراءة تعويضاً لهم عما فاتهم من الدراسة، وأسعى دائماً إلى اختيار القصص الشائقة التي تجذب أبنائي وتغني جعبتهم بالمفردات والأسلوب والقيم الأخلاقية التي تكرسها إصدارات الهيئة، وخصوصاً أن أسعارها مقبولة ولا تشكل عبئاً على الأهل.
الشاب علي البرادعي، طالب بكالوريا: يقول للأسف إن القراءة قد تراجعت بعد انتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة، ومن الأهمية بمكان أن نعيد للكتاب والمطالعة دورهما، لأن القراءة تجعلنا نتفكر في الأحداث التي تجري في العالم وفي بلادنا، وقد اشتريت كتاب “الحرب على سورية” لأتعمق في تفاصيل هذه الحرب التي شنت على بلادنا، ومن هم أعداؤنا الحقيقيون، ودورنا نحن الشباب في الوقوف إلى جانب بلدنا.
وبين الشاب محمد عماد علاء الدين: أهمية وجود معارض الكتاب وخصوصاً في هكذا فعاليات جماهيرية وشعبية، حيث يصطحب الأهل أطفالهم لتكون لهم فرصة الاطلاع على إصدارات الأطفال وبأسعار رمزية، فالكتاب وقبل كل شيء هو مصدر للمعلومة المفيدة والموثوقة، لأنها صادرة عن مؤسسة حكومية تهدف إلى نشر الثقافة بعيداً عن الأهداف التجارية.
وتمتد نشاطات وزارة الثقافة لتشمل الفنون جميعها” السينما، المسرح، الغناء وأنشطة الأطفال، ما جعل من معرض الزهور مهرجاناً حضارياً وإنسانياً وثقافياً وأيضاً فنياً واجتماعياً، يهدف إلى رسم الفرحة على وجوه قاصديه، ونشر المتعة والفائدة في الآن نفسه.
ولكن لا بد أن ألفت الانتباه لعبارة استوقفتني صدرت عن بعض أولياء الأمور عندما كان الطفل يدفع بهم إلى اقتناء بعض القصص التي كانت تجذبهم بألوانها الزاهية، قالت الأم أنا لا أفهم بالكتب ولا أحسن الاختيار، فلماذا لا يرافق المعرض شخص متخصص يقدم المشورة ويشرح محتوى الكتب وملاءمتها لكل فئة عمرية، لتعم الفائدة على الجميع، هو اقتراح أرجو أن يلقى صدى إيجابياً.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة