د. فؤاد شربجي
يُحكى عن الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت أنّه كان يرفض وضع شجرة في البيت الأبيض من أجل الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، وحجته أنّه يحترم البيئة، ولا يقبل قطع الأشجار لأيّ سبب من الأسباب.
ونتيجة الموقف هذا فقد كان ابنه يخبئ شجرة الأعياد في خزانة غرفته بعيداً عن أنظار أبيه الرئيس، تصوروا !! الرئيس الأمريكي الذي دخل البيت الأبيض في السنوات الأولى إلى القرن العشرين، يدافع عن البيئة ويدعي حمايتها ويرفض قطع الأشجار.
إن ثبتت حقيقة هذه المعلومة فهي تكشف المفارقة في السياسة الأمريكية، حيث إنّ الآباء المؤسسون لأمريكا لم يقتلعلوا الشّجر فقط، بل اقتلعوا وأبادوا شعباً بأكمله، ليحتلوا أرضه، ويقيمون عليها دولتهم، مؤسسو أمريكا اقتلعوا وأبادوا الأمريكيين الأصليين أصحاب الأرض، أي أنّ هذه البلاد التي يتغنون بعظمتها اليوم، قامت على اقتلاع شعب آخر، اقتلاع شعب بأكمله، وليس اقتلاع شجرة لأعياد الميلاد ورأس السنة.
ثم ماذا عن الأشجار التي حرقتها السياسة الأمريكية في فيتنام ولاوس والفلبين وأمريكا اللاتينية و…إلخ؟
أين كان حرص روزفلت على الأشجار، عندما قامت الإدارات الأمريكية التي جاءت بعده في حرق غابات فيتنام ولاوس بالنابالم؟ ألم يترك روزفلت لخلفائه شيئاً من الحرص على البيئة؟ أم أنّها كانت مجرد موضة للتظاهر بإنسانية مُخادعة تنكر الأصل الذي أباد شعباً كاملاً، واقتلعه من أرضه وحياته؟أم إنّ روزفلت لم يورث إلى خلفائه أي حس إنساني فيقومون في حرق بلاد، وتدمير أوطان، من أجل تكريس الهيمنة الأمريكية الغاصبة، وتعميق سيطرتهم الهمجية واللصوصية.
ثم ماذا سيقول الفلسطينيون في غزة اليوم إذا سمعوا حكاية حرص روزفلت على البيئة، أو رفضه وضع شجرة أعياد في البيت الأبيض؟ كم سيسخر الفلسطينيون من وقاحة الأمريكيين وهم يتذكرون روزفلت ومواقفه من قلع شجرة، بينما الإدارة الأمريكية تدعم وتسلح أوتمول وتشارك إسرائيل باقتلاع فلسطينيي غزة بالقنابل والتدمير والقتل و تهجيرهم بعيداً عن أرضهم بالنار.
في أعياد الميلاد ورأس السنة لهذا العام، “إسرائيل” المدعومة من خلفاء روزفلت في الإدارة الأمريكية، تقوم بقتل وتهجير الفلسطينيين، أهل وعائلة السيد المسيح عليه السلام، إسرائيل وأمريكا من الفكرة الشيطانية في نشأتهما، إلى الجريمة الهمجية في قيام دولهم، لا يمكن أن تحميا البيئة كما تدعي حكاية روزفلت، لأنّهما قاموا على تحطيم وتدمير الاوطان والإنسان، ولكن الشعب المتمسك بحقه يعمق جذوره في وطنه بمقاومة هذا العدوان المستمر والمتمادي من عام إلى عام.
كان تأمل العرب والفلسطينيون أن يفرحوا بالعيد حول شجرة المحبة والبركة في رأس السنة والميلاد، لكن الهمجية الإسرائيلية الأمريكية فرضت عليهم بعدوانها أن يعانوا من ثمار شجرة العدوان الصهيوني الأميركي .
مع ذلك، فكلّ عام و الأمل كبير بتجدد الروح في العروبة المقاومة والمحررة والنابضة بالخير والإنسانية.
(سيرياهوم نيوز ١-تشرين)