آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » «شراع» تبحر بالحرف من جديد… اللاذقية تستعيد نبضها الثقافي

«شراع» تبحر بالحرف من جديد… اللاذقية تستعيد نبضها الثقافي

رغم فتور الحراك الثقافي في اللاذقية خلال الأشهر الماضية، أعادت جمعية “شراع للثقافة والإبداع” النبض إلى المشهد الأدبي بعد فترة من الركود، من خلال نشاط أدبي حمل عنوان “سوريا المجد والفخار”، جمع كوكبة من الشعراء والمفكرين في لقاء يعبّر عن إصرار المثقفين على إعادة وصل ما انقطع من نبض اللقاء والحوارات الثقافية.

منبر للمحبة والانتماء

مؤسس ومدير الجمعية الشاعر أحمد داؤد، أكد في حديثه لـ”الحرية” أن “شراع” منذ انطلاقتها بعام ٢٠٢٣ تمد جسوراً بين السوريين من خلال أنشطة متنوعة، لا تقتصر على الأدب والشعر بل تمتد لتشمل تنمية مواهب الأطفال.

وأضاف: “رسالتنا السلام والمحبة لسوريا ولكل شعوب العالم، نحن أبناء الأبجدية وأحفاد الفينيقيين، نؤمن أن الكلمة قادرة على الإبحار، وهذا ما نسعى لتحقيقه الإبحار عبر أبناء وطننا كما أبحر أجدادنا الفينيقيين إلى العالم، وتسمية النشاط “سوريا المجد والفخار” لأن سوريا قادمة إلى تعافيها وستعود لمكانتها الحضارية كما كانت نقطة انطلاق والتقاء العالم بأسره”.

وأشار إلى أن النشاط ضم عشرة مشاركين، (أحمد داؤد – صديقة رابعة- د. غسان عبدالله- نجاح عفرم- د. عدنان بيلونه- مروى قره جه- فايز سلهب- حكمت شوقي- حيدر نعيسة- منذر قدسية) شملت موضوعاتهم: الوطن، المرأة، الحب، الطفولة، والطبيعة، ضمن لوحة أدبية غنية بصدقها، عبّرت عن الشغف والرغبة في التغيير.

نصوص تفيض بالعنفوان

الشاعرة مروى قره جه قدّمت ثلاث قصائد عبّرت فيها عن هموم (المرأة – العاشق- الشاعر)، ففي قصيدتها “ضدان” حضرت المرأة المقاومة المتمردة في وجه المجتمع الذكوري، الذي يحد من طموحها وكينونتها، مؤكدة أن الأنثى ليست نقيضاً للرجل، بل شريك مكافئ له:
كنتُ الرياض وكنتَ بعض جراد
كم كنتُ سطراً أرتجيك مدادي

فاذهب فديتك بالكلام وعزه

إن كنتَ رقماً لن تكون أحادي

أما في “هجاء” فمزجت بين الهجاء والمديح، الغضب والحب في نفس العاشق الموجوع، لتختتم بـ”الشعراء”، نص دفاعي عن دور الكلمة وصاحبها في مجتمع سريع الأحكام، مبينة أن الشعر والشاعر لا يحتاجان أن ندافع عنهما، فقد أثبتا وجودهما عبر العصور والأزمان.
إذا الشعراء أغلبهم حفاة
فكلُّ الكلِّ أشتات عراة

فانتازيا ناقدة للواقع

الأديب والباحث الدكتوى عدنان بيلونه قدم قصتين قصيرتين، “أسطورة أوغاريتية” و”ظل الحمار”، حيث استخدم في الثانية رمزية ساخرة لتصوير كيف يتلاشى الشخص الذي يعتمد على السلطة أو المنصب …الخ، ويزول بزوالها، مستلهماً أسلوب “كليلة ودمنة”.

وفي حديثه لـ«الحرية» أشار إلى أن قصصه لاقت قبولاً لدى أغلب شرائح المجتمع، الذي يوجهها له وليس للنخبة، “أسعى لإظهار الطفل الجميل بداخلنا الذي لم يتشوه”، وبيّن أنه لبناء مجتمع حضاري قادر على العطاء والإبداع، علينا بإعادة القيم الإنسانية التي بدأت بالتلاشي، فبناء المجتمع يبدأ من بناء روح المواطنة الحقيقية.

من حلب إلى الوطن

نجاح عفرم أهدت قصيدتها “مناهل الوجد” لحلب وسوريا، مؤكدة أن الحب والانتماء هما حجر الأساس في بناء وطن يحتفي بالتنوع الثقافي. وفي حديثها  لـ«الحرية» عن الواقع الثقافي، شددت على أن هذا النشاط يحمل بارقة لبذور العودة للمشهد الأدبي الذي ينتظره الجميع.

الثقافة لبناء الإنسان

مؤسس ملتقى قنديل الثقافي الباحث بالتراث الشعبي حيدر نعيسة رأى أن مثل هذه اللقاءات ضرورية بهذه المرحلة المفصلية بعد التحرير، وبيّن من خلال حديثه لـ«الحرية» أن مثل هذه اللقاءات تعزز تبادل الآراء والرؤى لإعادة بناء الإنسان السوري الحر الواعي المنتمي للوطن والعقل والفكر، لأنها البوصلة الحقيقة للنهوض، مشيراً إلى أن المرحلة الجديدة تتطلب مثقفاً منخرطاً في قضايا مجتمعه، قادراً على قراءة اللحظة التاريخية بوعي.

دعوة إلى أدب مسؤول

الكاتب والناقد الدكتور غسان عبدالله دعا المثقفين بكل أطيافهم للابتعاد عن الخيال المجرد والانخراط في القضايا الحيوية التي تمس المجتمع والإنسان قائلاً: “علينا أن نكون جديرين بالانتماء لهذه الأرض، وأن نبذل قصارى جهدنا لبناء واقع نهضوي شامل”، كما يرى أن العمل الدؤوب لإخراج سوريا من عنق الزجاجة، خطوة نوعية نحو استعادة سوريا مكانتها في العالم.

حين يكون الحب هو الأساس

أما الشعراء: صديقة رابعة، منذر قدسية، حكمت شوقي، فقدموا نصوصاً تتغنى بالحب والوطن، في حين تناول الناقد فايز سلهب الواقع الثقافي الراهن، مؤكداً أن المشهد بحاجة إلى التجديد والنقد البناء ليواكب التحولات.

كلمة في وجه الصمت

رغم تواضع الحضور، شكل هذا النشاط الأدبي دفعة معنوية للمشتغلين في الثقافة، ورسالة بأن الكلمة مازالت حية في وجدان السوريين.

أثبتت “شراع” أن الأشرعة قد تتمزق، لكن الريح التي تهب من الوطن، قادرة دائماً على الإبحار من جديد.

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2ـوكالات _الحرية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أدباؤها حصدوا جائزة نوبل للآداب الحرب.. أرضيّة متشبّعة بالفنون الأدبيّة.. مرّت من هنا لتصنع ..كتاباً أدبها عبر التاريخ ..تجربة إنسانيّة عميقة ومؤلمة

رنا بدري سلوم:   يستحضرني وصف امرئ القيس عن الحرب وخاصة أنّنا نعيش أجواءها، ونتتبّع أخبارها ونحن مجبرون على ملاحقة أحداثها على شريط العاجل، فقد ...