شركة بحاجة مدير يكتب بقلم رصاااص!

من المعـلوم أنّ «الجميع يرتكب أخطاء، ولهذا السبب يثبتون المحايات على أقلام الرصاص».

عندما كنت أدرس في المرحلة الإعـدادية كان لدي أسلوبي الخاص في كتابة الإجابات للاختبارات النهائية، كنت أكتب جميع الإجابات بالقلم الرصاص ثم أثبـّتها بالكتابة عليها مرة ثانية بقلم الحبر بعد التأكد من صحة الإجابات، ولكن في أحد الامتحانات تفاجأت بالأسئلة الكثيرة التي تتطلب إجابات مطوّلة؛ الأمر الذي شكـّل علي ضغطاً زمنيا هائلاً حتى تمكنت من إعادة كتابة جميع الأجوبة بالحبر في آخر لحظة خاصة وأن هيئة الامتحانات لم تكن لتقبل الإجابات المكتوبة بقلم الرصاص،

هذا الموقف دفعني لتغيير أسلوبي والاعتماد على كتابة الإجابات مباشرة بالقلم الحبر…

الآن سؤالنا: هل مدير المؤسسة يكتب بقلم الرصاص؟

عندما يبدأ الأطفال الدراسة في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية يكون قلم الرصاص والمساحة والبراية رفاق الدرب. ولكن مع تقدم الطلبة إلى المرحلة المتوسطة تدخل أقلام الحبر والمزيل، وتحال أقلام الرصاص إلى التقاعد إلا في حالات نادرة. وكأننا نعلم أطفال المدارس أنه لا مجال للخطأ ولا مجال للتراجع، هذا الحديث ذكرني بكلمات رائعة للمفكر كيم إيميرسون عن الدروس التي يمكن أن نتعلمها من أقلام الرصاص في حياتنا، حيث يذكر أربع نقاط كما يلي:

أ) كما أننا نكتب بقلم الرصاص ونمسح أخطاءنا لنكتب مجدداً، فسوف ترتكب أخطاء على طول الطريق لكن يمكنك تصحيحها والتعلم منها فتلك الإخفاقات ليست قاتلة.

ب) ليس المهم الشكل الخارجي لقلم الرصاص بل المهم هو المادة التي في داخل القلم والتي هي السبب للكتابة، والشيء نفسه ينطبق على كل منا. فالمهم في نهاية الأمر ليس الشكليات والمظاهر والألقاب بل هو ما بداخلنا من شخصية وفكر، وما الأشياء التي تخرج منك؟

ج) كما أن قلم الرصاص وجد لتتم الكتابة به وتبقى الكلمات والرسومات، فكل ما تفعله يترك أثراً. ولذلك فمن الضروري الحرص على ترك أفكار مميزة وإرث جيد للآخرين للبناء عليه.

د) كما أن قلم الرصاص لا بد من شحذه بالبرايات كل فترة ليكون قابلاً للكتابة به، فمن المهم أن نتعلم تقبل الألم والتحديات والانخراط في التعلم مدى الحياة. فهذه التجارب القاسية هي التي تصقل شخصياتنا وتجاربنا وتجعلنا أكثر نضجاً وقدرة على مواجهة تحديات الحياة.

بالعودة لسؤالنا في البداية: هل القائد يكتب بقلم الرصاص؟ ففي الواقع يعتمد ذلك على الموقف. فهنالك مواقف تتطلب من القائد المرونة والشجاعة على التراجع ومسح الخطة بدل الإصرار على الخطأ. وهنالك مواقف أخرى تتطلب الحسم والحزم والعزم على إكمال التنفيذ رغم كل العقبات، أي حسب قول ستيفن فورتيك: «احفر رؤيتك بالحجر، لكن ارسم إستراتيجيتك بالقلم الرصاص».

هنا دعـونا نسرد أنّ بعـض الأخطاء ناجمة عـن ثقة مفرطة (ومبالغ بها بالقدرات)؛ وهاكم هذا المثال:

«منسا» هي منظمة دولية في سان فرانسيسكو خاصة بالأشخاص العـباقرة الذين لديهم معدل ذكاء 140 أو أعلى.

ذات يوم خرج أعضاء «منسا» لتناول طعام الغداء في مطعم؛ وعندما جلسوا عـلى المائدة، اكتشف أحدهم أن زجاجة الملح تحتوي على الفلفل، وكانت زجاجة الفلفل مليئة بالملح..! كيف يمكنهم تبديل محتوى الزجاجتين دون انسكاب أي منهما، وباستخدام الأدوات المتاحة على الطاولة فقط.. بكل بساطة حل المسألة هذه كان وظيفة لعقول أعضاء «منسا»!

ناقشت المجموعة المشكلة وقدمت أفكارًا، وفي النهاية، توصلت إلى حل رائع يتضمن منديلاً وقشة وصحناً فارغاً.

ثم نادوا على النادلة لإبهارها بحلهم. قالوا: سيدتي، لاحظنا أن زجاجة الفلفل تحتوي على الملح وأن زجاجة الملح تحتوي على الفلفل. وقبل أن يكملوا كلامهم وقفت النادلة وقالت: آسفة بشأن ذلك.. وبعـفوية انحنت على الطاولة، وتناولت الزجاجتين وفكت أغطيتهما التي كتب على أحدهما ملح والأخرى فلفل واستبدلت كل غطاء مكان الآخر.. كان هناك صمت مميت على طاولة أعضاء «منسا» الأذكياء. بالنسبة لمعظم مشكلات مؤسساتنا، هناك حلول بسيطة، لكن عقولنا الرائعة هي التي تعقد كل بسيط.

ختاماً نذكـّر بالقول: «إذا كنت لا تستطيع أن تكون قلم رصاص لتكتب سعادة أي شخص، فحاول أن تكون ممحاة لطيفة لإزالة أحزانه».