شرود التلميذ أثناء الدراسة يعطي مؤشراً على مشكلة نفسية، ويجب عدم الاستخفاف بهذه المسألة لما ينجم عنها من تأثيرات سلبية على نمو الطفل وحياته المستقبلية.
فكثيراً ما يلفت انتباه الأمهات هذا السلوك خصوصاً في حال أثّر على تواصل التلميذ وانتباهه، وعلى تحصيله الدراسي، والكثير من أولياء الأمور لا يجدون تفسيراً لهذا الشرود، فالطبيعي في نظرهم أنه لا يوجد ما يشغل بال طفلهم، فاهتماماته البسيطة تتمحور حول اللعب وتناول الطعام والخروج مع الأسرة.
استشارية تربوية : يجب عدم الاستخفاف بهذه المسألة لما لها من تأثيرات سلبية على الطفل
حالة واضحة
لاحظت ديما وهي أم لطفلين، أن ابنها الصغير الذي يدرس في الصف الثالث الابتدائي يشرد كثيراً، وتقول: رغم محاولتي إثارة انتباهه وحثه على استعادة تركيزه عند القيام بواجباته المدرسية إلا أنني فشلت.
وتضيف : بعد الحديث مع معلمته قررت عرضه على استشارية تربوية نفسية اكتشفت أن هناك متاعب نفسية سببها سوء علاقاته مع إخوته، وهذه هي المشكلة التي تقف وراء إصابته بهذه الحالة من شرود الذهن.
وشرحت الأم للمعلمة أن فارق السن بين ولدها الصغير وإخوته جعلهم لا ينسجمون معه حتى في اللعب.
ففي السابق كانت لا تهتم كثيراً لانزعاجه أو لأي شيء يقوله لها بسبب انشغالها بأعباء البيت والعمل خارجه، ما جعل معاملتها معهم قاسية لا تقوم على الاستماع إليهم ومحاورتهم وتفهّم مشكلاتهم.
بعد النصائح التي قدمتها لها الاستشارية التربوية اتبعت الأم أسلوباً جديداً في التعامل مع ابنها الصغير ومع إخوته، وحاولت بناء علاقة جديدة معه تقوم على العناية النفسية وعلى الاستماع لمشكلاته وتفهمها ثم محاولة حلها وسعت إلى تحسين علاقته بإخوته لكي يشعر بحنان كل أفراد أسرته وباهتمامهم به، الأمر الذي من شأنه أن يخرجه من حالته النفسية المضطربة ويبعد عنه حالة الصمت والشرود الدائم.
إنشاء بيئة آمنة
الاستشارية التربوية ربا ناصر بينت خلال حديثها لصحيفة الحرية أن هناك عدة طرق يمكن استخدامها لعلاج الشرود الذهني عند الأطفال في عمر مبكرة
مثل: تقديم الدعم النفسي، فيجب على الوالدين تقديم الدعم النفسي للأطفال وإنشاء بيئة آمنة ومهتمة بهم، كما يجب على الوالدين منح الثقة في قدرات الأطفال و تشجيعهم على تحقيق أهدافهم.
وكذلك تنظيم النوم فالأطفال في عمر صغيرة يجب حصولهم على نوم كافٍ وملائم، حيث يساعد النوم في تعزيز الذاكرة والتركيز، كما يجب على الوالدين تنظيم ساعات النوم للأطفال وتجنب السهر لساعات متأخرة.
إضافة إلى حصول الطفل على التغذية الجيدة: من خلال تقديم وجبات صحية ومتنوعة، وذلك لأن التغذية الجيدة تساعد في تعزيز الصحة العقلية والجسدية. كما يجب على الوالدين تقديم الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن للأطفال.
ونوهت الاستشارية التربوية بأن ممارسة الرياضة بانتظام تساعد في تحسين الصحة العقلية والجسدية، كما تساعد في تخفيف التوتر والقلق.
وكذلك يجب استخدام تقنيات التدريب العقلي عند الأطفال مثل التدريب على التركيز والذاكرة والتفكير المنطقي و يمكن استخدام هذه التقنيات من خلال اللعب والتدريب والتمارين.
ومن الضروري طلب الحصول على المساعدة المهنية إذا استمرت المشاكل مع الأطفال، من معلمته أو من الاستشارية التربوية نفسها فمن الممكن أن يقوم مهنيو الصحة العقلية بتقديم التشخيص والعلاج المناسب لهم.
وختمت ناصر حديثها بالتركيز على دور الوالدين في الاهتمام بتنمية الصحة العقلية للأطفال واتخاذ الإجراءات المناسبة للتغلب على الشرود الذهني عندهم.