كتب:نبيل صالح
المنتصر يفرض شروطه ودولته: هذا مايجب أن نعترف به .. لكننا نراقب ونتابع أعمال لا أقوال حكومة البشير الجديدة، فإذا كانت عادلة بين الجميع ولاتنتقص من حرياتهم المدنية والسياسية فسوف نندغم فيها، وإذا لم تكن فسوف نأخذ مكانها في الثورة عليها، فإن للباطل جولة، انتهت مع الأسد وستتكرر مع غيره إذا فعل.. أما بعد:
فإن (العلوية السياسية) مصطلح خاطئ أطلقه صديقنا الراحل صادق جلال العظم الذي أثبتنا سيرته في موسوعتنا “رواية اسمها سورية” .. فالعلوية تاريخيا هي طريقة صوفية في الإيمان أكثر منها مذهبا، حيث يقول أئمتها إن روح المؤمن تحل في كل الملل والنحل، وبالتالي فالعلوية درجة روحية يحصل عليها المرء بالإجتهاد لاالولادة .. وهذه مقدمة لاعتراضي على البيان الضعيف والمتسرع الذي وقعه بعض مشايخ العلويين، ولا أعتب عليهم، فهم تاريخيا ليس لهم خبرة بالشأن السياسي ولا يقربونه، وإنما يقتصر عملهم على اللاهوت دون الناسوت، لذلك ليس لهم أن يتصدروا المشهد كقادة للمجتمع، ولكن يمكنهم أن يشاركوا في الرأي كغيرهم، ولانذكر أن فقهاء الطائفة، على امتداد تاريخ الطريقة العلوية، (التي تتشابه مع كل الطرق الصوفية الإسلامية في مرجعيتها إلى الإمام علي) قد فكروا يوما بتشكيل مؤسسة دينية تجمع أتباعها بعصا اللاهوت وتجبرهم على تنفيذ قراراتها وبيعها للسياسيين، بعكس الطوائف الإسلامية والمسيحية، وهذا أول مبدأ في تنشئة الفرد على ممارسة الحرية، ولكن شيوخها كباقي رجال دين الطوائف الإسلامية والمسيحية مازالوا مكرهين على مداهنة الحاكم، منذ زمن معاوية بن أبي سفيان إلى زمن الأسد، وقد كان لنا جولات ضد استخدامها من قبل الأسد وشيوخه، كما يذكر كل من يتابعني، حين ألغيت المرسوم الجمهوري رقم 16 الخاص بالأوقاف عام 2018 بدعم ومؤازرة من مواطني السوريين، وقد دفعت الثمن في حفلة تجريمي من قبل نواب البعث بمجلس الشعب ..
غير أني أقترح أن يكون هناك تجمع باسم “أحرار إقليم الساحل” يضم كل النخب الوطنية من شتى القوميات والطوائف، كون أهل الساحل السوري، من أنطاكيا حتى حيفا، متشابهون في أسلوب حياتهم وطبيعتهم وطعامهم وشرابهم وفولكلورهم المتوسطي وحتى في شكل رؤوسهم الكبيرة ، وذلك حتى لانعيد إنتاج أسباب انقسامنا وتكرار حروبنا، وإذا فعلنا سوف نكون صوتا مؤثرا وضاغطا في انتخاب الرئيس السوري الجديد ..
بالطبع، وحسب قراءتي للمشهد، سيكون هناك انقسام بين علمانيي الإئتلاف وجماعة الإخوان على شكل الدولة ودستورها، وكذا الأمر عند الموالين، مع تصحيح تفسير المصطلح كوننا كنا موالين للدولة والجيش وليس للأسد الذي كرهه الجميع بما فيهم زوجته، بسبب جشعه وشبقه ومراهقته السياسية التي ضيعت جيش البلاد وأساطيله البحرية والجوية وصواريخه النوعية فغدونا طريقا مفتوحا لدخول نتنياهو وجيشه ليصلي في كنيس جوبر حين يشاء ..
أتوقع أن يعود الإصطفاف السوري بين المعارضين والمؤيدين على أساس فريق من يريد دولة سلفية وفريق يرغب بدولة مدنية، وفي ذلك خير، ذلك أن المنتصرين علينا بحاجة إلى أصواتنا في اللعبة الديمقراطية، وسوف تكون ديمقراطيتهم ناقصة ومشوهة من دوننا .. وإذا تساوت القوى سنكون مضطرين إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وفي ذلك خير مضاعف لإعادة الإعمار في البشر والحجر .. ونكمل لاحقا حول العلم والنشيد الوطني..
(اخبار سورية الوطن ١-صفحة الكاتب)