علي عبود
ليس مستغرباً أن يتشبّه دونالد ترامب بـ “الشمس” التي ـ برأيه ـ لاتشرق على أمريكا فقط، بل على العالم أجمع!
وها قد اكتشفنا إنّ اهتمام ترامب بإنهاء الحرب “الإسرائيلية” على قطاع غزة ليس حرصاً على إنقاذ أهلها الفلسطينيين من الإبادة، وإنما لـ “يشرق” عليها كمستثمر مستغل، ليؤسس على دماء أطفالها ونسائها مشروعا عقاريا أطلق عليه سابقا “ريفييرا”، واسبتدله مؤخراً باسم مشروع “شروق الشمس”!
ولم يُعلن ترامب عن “شروق الشمس” مباشرة عبر طرح فكرة عامة عنه في مؤتمر صحفي، بل اعلن عنه صهره جاويد كوشنر مؤسس شركة أفينيتي بارتنرز، والمبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ، وقالا: قدمنا للرئيس خطة لإعادة إعمار قطاع غزة لـ مستثمرين محتملين وسيتم تحويل القطاع إلى مدينة منتجعية عصرية مزدهرة حيث ستموّل الولايات المتحدة 20 % من بعض التكاليف!
وبما أن فريق العمل الذي اقترح تحويل قطاع غزة المدمر إلى مدينة متألقة تشبه “شروق الشمس” يضم أيضا إثنين من كبار مساعدي البيت الأبيض، فهذا يؤكد إن ترامب يُخطط للإستيلاء على غزة عقاريا وسياحيا غير مكترث يمصير أهلها، فهي بالنسبة له صفقة تجارية مجانية لن يُفوتها بسهولة.
ولا يبدو إن فريق ترامب قلق من الصعوبات التي ستعرقل المشروع، بدليل أنهم عرضوه بشكل سري على دول مانحة رئيسية من بينها تركيا ومصر مع 32 شريحة مليئة بصور مبانٍ شاهقة ورسوم بيانية وجداول تكاليف،كما ناقش الفريق مع المستثمرين المحتملين مشاريع السكك الحديدية فائقة السرعة والشبكات الذكية..الخ.
الملفت أن فريق عمل مشروع “شروق الشمس” لم يجب على سؤال أساسي: أين سيقيم أكثر من مليوني فلسطيني خلال فترة إعادة الإعمار؟
ربما لايرى ترامب مشكلة سكانية في غزة، فقد أوكل مهمة تهجير الفلسطينيين لحليفه “نتنياهو”، مع أن حرب الإبادة ضدهم ـ والتي لاتزال قائمة ـ لم ترغمهم على ترك منازلهم التي سوّيت بالأرض، ولاتوجد قوة قادرة على تهجيرهم خاصة مع رفض مصر لعملية ترحيلهم عبر حدودها أو استقبالهم على أراضيها!
ويبدو أن الحل ورد في وثيقة مشروع شروق الشمس ففريق ترامب يمنح سكان غزة خيارين: إما المغادرة الطوعية للقطاع مقابل تعويض مالي بقيمة 5 آلاف دولار، أو الانتقال مؤقتا إلى مناطق آمنة ومحددة داخل غزة حتى اكتمال عمليات إعادة الإعمار.
وكما تشير بعض وسائل إعلام أمريكية فإن مشروع “شروق الشمس” يواجه منذ الآن صعوبات تجعل تنفيذه مهمة مستحيلة لسببين على الأقل: الأول رفض حركة حماس نزع سلاحها مع رفض قاطع للفلسطينيين بترك غزة، والثاني عملية تأمين تمويل المشروع والتي تتجاوز مبلغ 112 مليار دولار على مدى السنوات العشرة الأولى!
صحيح إن ترامب يشرف شخصيا على خطة إنهاء الحرب في غزة، لكن سيواجه قريبا مشكلة إفراغ القطاع من الفلسطينيين كي يبدأ فريقه بتنفيذ المشروع الذي يتضمن اربع مراحل تبدأ من الجنوب في رفح وخان يونس، وشمالاً إلى المخيمات الوسطى وصولاً إلى مدينة غزة، ومن المؤكد إن ترامب سأل فريق العمل المكلف بتنفيذ مشروع “شروق الشمس”: كيف سنهجّر الفلسطينيين من قطاع غزة؟
وترامب عندما يطرح هكذا سؤال لايمزح، فهو يرى في مشروع “شروق الشمس” استثمارا مجزياً ومغرياً جدا لن يتخلى عنه بسهولة ففريق عمله أكدوا له: قطاع غزة سيحقق عوائد استثمارية طويلة الأجل تزيد عن 55 مليار دولار!
الخلاصة: طرح ترامب منذ أشهر فكرةً مفادها أن تستولي الولايات المتحدة على قطاع غزة بعد تهجير الفلسطينيين وتعيد بناءه ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط””، وأوحى ترامب أنه تراجع عن الفكرة بعد استنكارها من دول عدة، لكنه سرعان مااكتشفت الدول التي دعمت خطة ترامب الشاملة للتسوية في قطاع غزة والتي أقرها مجلس الأمن في منتصف تشرين الثاني الماضي إن هدفها الأساسي تهجير الفلسطينيين من القطاع لتنفيذ مشروع شروق الشمس، أي شروق ترامب على غزة، وهو ليس شروقا وإنما كارثة على القضية الفلسطينية!!
(موقع:اخبار سوريا الوطن)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
