طالت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس بشظاياها معرض فرانكفورت للكتاب، إذ أثار تأجيل احتفال تسليم كاتبة فلسطينية جائزة استنكار مؤلفين بارزين ودفَعَ دولاً مسلمة عدة إلى الانسحاب من المعرض الذي يُعدَ أكبر حدث تجاري للنشر في العالم، وهو ما وصفه منظّموه عشية افتتاحه الأربعاء بأنه “كارثة”.
وجدّد منظّمو المعرض الذي يستمر إلى الأحد في المدينة الواقعة في غرب ألمانيا إدانتهم الهجوم الذي شنّته حركة حماس الفلسطينية السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن عدد كبير من القتلى، وردّت عليه الدولة العبرية بقصف واسع النطاق لقطاع غزة.
واستهول مدير المهرجان يورغن بوس ما حصل، معرباً أيضاً عن “التعاطف مع الأشخاص الذين وقع أحباؤهم ضحايا لهذا العنف المفرط ومع جميع الأشخاص في إسرائيل وفلسطين الذين يعانون من الحرب”.
لكنّ موقف المنظّمين الذي اعتُبر متحيزاً جداً، وإعادتهم ترتيب البرنامج بهدف تغليب الأصوات اليهودية فيه، دفعا عددًت من دور النشر العربية أو التابعة لدول إسلامية، إلى اتخاذ قرار بمقاطعة المعرض.
ومن الجهات المقاطعة “هيئة الشارقة للكتاب” الإماراتية التي اعتبرت في إعلان انسحابها أن “الثقافة والكتب تقف دائماً مساندة لتعزيز الحوار والتفاهم بين المجتمعات”.
وأصدرت “جمعية الناشرين الإماراتيين” بياناً مماثلاً، في حين ذكرت صحيفة “ناشيونال” ومقرّها الإمارات أن “جمعية الناشرين العرب” في مصر انسحبت أيضاً.
وأعلنت جمعية الناشرين الإندونيسيين أيضاً انسحابها لأن قرار المنظمين “الانحياز إلى إسرائيل (…) قوّض مُثُل الحوار والجهود الرامية إلى بناء تفاهم مشترك”.
ووصف بوس هذه المقاطعة بأنها “كارثة”، مشدداً على أهمية “أن يكون الناس هناك لإجراء مناقشات صريحة”. (…) حتى لو كانت مثيرة للجدل”.
– رسالة احتجاج-
وألقى جدل محتدم بظلاله على التحضيرات لهذا المعرض، بعد تأجيل احتفال تسليم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي جائزة “ليبيراتوربريس” (LiBeraturpreis) التي تمنحها جمعية “ليتبروم” تشجيعاً للمؤلفين الأجانب الذين ينشرون أعمالهم باللغة الألمانية.
وفازت شبلي بالجائزة هذه السنة عن روايتها “تفصيل ثانوي” وهو عمل يستند إلى أحداث حقيقية لعمليات اغتصاب وقتل ارتكبها جنود إسرائيليون في العام 1949.
إلا أن “ليتبروم” أعلنت أنها عدلت عن إقامة احتفال ضمن المعرض، كما تفعل عموماً “بسبب الحرب التي بدأتها حماس”، مؤكدة في المقابل أنها تدرس “شكلاً وإطاراً مناسبين لإقامة الاحتفال في وقت لاحق”.
وشددت في بيان على أن “أي إعادة نظر لم تحصل في منح عدنية شبلي الجائزة”.
وقوبل هذا التأجيل بِرَدّ فعل شاجب، من خلال نشر 600 شخصية من أوساط الأدب والنشر رسالة مفتوحة الاثنين.
ومن بين الموقعين على الرسالة الروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح والكاتبة البولندية أولغا توكارتشوك الحائزين جائزة نوبل للآداب، وكتاب آخرون بينهم الكونغولي إيمانويل دونغالا والكندية ناومي كلاين، بحسب الرسالة التي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها.
ولاحظت الرسالة أن المنظّمين “يغلقون المجال أمام الصوت الفلسطيني”.
ورأت الرسالة أن “على معرض فرانكفورت مسؤولية توفير مساحات للكتّاب الفلسطينيين للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم وأفكارهم في شأن الأدب خلال هذه الأوقات المروعة والقاسية، لا إغلاقها”.
-تكريم سلمان رشدي-
ورغم تأثير هذه الضجة سلباً على المعرض، يحفل برنامج نسخته الخامسة والسبعين بعناصر وأنشطة بارزة ومرتقبة، من أهمها المشاركة النادرة لسلمان رشدي.
وكان رشدي أصيب بجروح خطرة لدى مشاركته في 12 آب/أغسطس 2022 في مؤتمر في تشوتوكوا بشمال غرب ولاية نيويورك، جراء هجوم بسكين نفذه شاب أميركي من أصل لبناني يشتبه في أنه متعاطف مع إيران الشيعية.
ويعيش الكاتب منذ 1989 تحت تهديد فتوى بهدر دمه أصدرها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آنذاك آية الله روح الله الخميني إثر نشر روايته “آيات شيطانية”.
وفقد رشدي النظر في إحدى عينيه إزاء تعرضه للحادثة وقال إنه واجه صعوبة كبيرة في استئناف الكتابة بعد ستة أشهر من الواقعة.
ويعقد رشدي مؤتمراً صحافياً الجمعة ويمنحه اصحاب المكتبات الألمانية جائزة السلام الأحد.
وسيكون الذكاء الاصطناعي وتأثيره المحتمل على قطاع النشر من أبرز محاور هذه الدورة.
ولاحظ بوس أن العاملين في قطاع الكتاب في مختلف أنحاء العالم يشعرون “بإحساس عميق بعدم الأمان” في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، لجهة حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين وسوى ذلك.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم