| خضر خروبي
تستغلّ الصين الفراغ المتنامي للولايات المتحدة في المنطقة، لتعبّئ جانباً منه بنفسها، خصوصاً في الخليج، حيث يكبر الصدع في العلاقات بين السعودية والأميركيين، والذي تَعزَّز أخيراً على وقْع قرار «أوبك+» خفْض إنتاج النفط. ومع وصول الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى الرياض، حيث يشارك في ثلاث قمّم، وتتصدّر مائدة مباحثاته ملفّات شتى، سيحضر في مقدّمها النفط، وزيادة التعاون الاقتصادي، لا يُنتظر أن تجري مناقشة مسائل دفاعية، خصوصاً أن بكين ليست في وارد تولّي زمام أيّ دور أمني في منطقة الخليج، أو طرْح «وكالتها الدفاعية» كبديل من تلك الأميركية
وصل الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى الرياض، على وقع تنامي العلاقات بين البلدين، وفي وقتٍ بات فيه حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين في المنطقة، على مسافة أكبر من الصين، في ظلّ مؤشرات تراجع الاهتمام الأميركي بالشرق الأوسط، لمصلحة تركيز الجهد العسكري والاقتصادي والدبلوماسي في اتجاه آسيا، وأوروبا. وعلى مائدة المباحثات المرتقبة بين الجانبين، ملفّات شتى، وخصوصاً أن الزيارة ستمتدّ على ثلاثة أيّام، وسيشارك فيها تشي، المنتشي بإعادة انتخابه أميناً عاماً لـ«الحزب الشيوعي الصيني» لمدة خمس سنوات، تمهيداً للتجديد له لفترة رئاسية ثالثة في آذار المقبل، في ثلاث قمم، ستجمعه الأولى إلى الملك السعودي سلمان، ووليّ عهده محمد، على أن تليها قمة صينية – خليجية يوم غد الجمعة، وأخرى صينية – عربية في الإطار نفسه، بمشاركة قادة خليجيين وعرب.
يجزم محلّلون بأن بكين ليست في وارد تولّي زمام أيّ دور أمني في منطقة الخليج
وعن فرص نمو العلاقات الصينية – السعودية، يتّضح أن البلدين يقفان على أرضيّة مشتركة حيال عدد من القضايا، ولا سيما أنهما مدرجان في خانة الأنظمة السلطوية، وفق التصنيف الغربي. وفي خضمّ هذه العلاقة التبادلية من «الودّ السياسي»، يوفّر إحجام الصينيين عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تحت شعار «حقوق الإنسان»، إمكانية لتغاضيهم عن سجلّ شركاء بكين الدوليّين في هذا المجال، على غرار ما يسجّله الواقع الحقوقي لدول الخليج، والذي تمظهر أخيراً في تقرير «المنظمة الأوروبية – السعودية لحقوق الإنسان» الذي أفاد بأن الرياض أصدرت أحكاماً بإعدام 15 معتقل رأي، بينهم 8 قاصرين، على نحو يجعل هذا الإحجام رافعة لعلاقاتهم بالسعوديين. وظهرت «العلامة التجارية» الأبرز لهذا الود الصيني، من خلال إطباق المسؤولين الصينيين الصمت حيال قضيّة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي. في المقابل، تتجنّب الرياض تسليط الضوء، أو توجيه انتقادات من أيّ نوع إزاء ما يُشاع في شأن الممارسات القمعية لبكين بحقّ أقليّة الإيغور المسلمة في إقليم شينجيانغ، خلافاً لدول إسلامية أخرى مثل تركيا، وهو أمر تحبّذه القيادة الصينية. ولشرح الأمر، يرى الباحث في جامعة شينجيانغ للدراسات الدولية، ما شياولين، أنه «ليس لدى الصين، باعتبارها شريكاً تجارياً كبيراً (للسعودية)، أيّ مطالب ذات صلة بمسائل السيادة والأيديولوجيا، والقيم (حول حقوق الإنسان)».