آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » صاحبة الجلالة.. هل فقدت تاجها؟!

صاحبة الجلالة.. هل فقدت تاجها؟!

 

د. بسام الخالد

 

“صاحبة الجلالة، السلطة الرابعة، مهنة المتاعب”.. ألقاب أُطلقت على الصحافة عندما كانت الصحافة سيدة الساحة قبل اختراع الراديو والتلفزيون والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الحدث من أبعد مكان في العالم بأقل من دقائق معدودة.

هذه الألقاب تلاشت اليوم ولم يبقَ منها إلا “المتاعب” التي يعيشها العاملون في صناعة الحرف وخلق الكلمة، وأقصد الذين يعملون، فعلاً، في مهنة الصحافة ويقدّمون عصارة فكرهم ومخزون أعصابهم لمتابعة الكلمة الصادقة أينما كانت ومهما قست الظروف، لا الذين يتسلّقون على المهنة لتكون مطيّة لهم لتحقيق الأغراض والمنافع الشخصية التي يضعونها في سلم أولوياتهم ويقدّمونها على مصالح الجميع!

لقد ابتليت مهنة الصحافة، للأسف، بنماذج كثيرة من المتسلقين والمنتفعين والوصوليين والانتهازيين الذين ( تعمشقوا) على شجرة الصحافة الوارفة بسواعد داعميهم .. وللأسف نقول: إن هذه النماذج تسعى لأن تكون في المقدمة دائماً، ودائماً تجد الوسيلة لتحقيق مكاسبها على حساب الذين يراهنون على كرامتهم وأخلاقيات مهنتهم.. هذه النماذج تتصدر اليوم الواجهة الإعلامية في كل نشاط وتسجّل حضوراً مكثّفاً وكل همّها إثبات التواجد فقط، وعندما تسال أحدهم عن عمله يجيبك على الفور: ( أنا إعلامي) وليس ( صحفي) اعتقاداً منهم أن الصحفي انتهى دوره وتجاوزه الزمن، ومصطلح (الاعلامي) بنظرهم هو (المودرن), دون إدراكهم أن الإعلامي هو التسمية الحقيقية للصحفي المخضرم الذي مارس كل فنون الصحافة وأنواعها ليصل إلى هذا المستوى من العطاء والإبداع.

أمثال هؤلاء، للأسف، هم في الواجهة الآن، ينقضون على أي مكسب يلوح في أفق المهنة بحكم تواجدهم المستمر في كل فعالية ويلمعون صورهم بحكم تآلف المعنيين مع أشكالهم وأسمائهم وتوصيات داعميهم، مع أنهم خارج المهنة ولا ينتمون إليها إلا بجوازاتٍ مزيّفة.

إن الصحافة الحقيقية والعاملين فيها بحق (جُنْدٌ مجهولون) والصحفي الحقيقي لا يحتاج إلى “الخزعبلات” التي يمارسها أشباه أولئك، وما أكثرهم في حياتنا الإعلامية، لكنهم في النهاية سيسقطون، وقد سقط منهم الكثير أمام جلالة الكلمة، فالكلمة الصادقة لا ترحم المتاجرين بها، و”صاحبة الجلالة” إذ تذرف دموعها على الحال التي آلت إليها اليوم، فإنها ترتقي بأبنائها الذين يعملون ليل نهار، ليعيدوا إليها ابتسامتها وألَقها على الرغم من كل المتاعب!

يؤلمني الوضع المقلق الذي يعيشه الصحفيون السوريون، الذين ينتظرون إنصافهم منذ أربعين سنة، ومازالوا يأملون رغم كل مناشداتهم وطلباتهم المتلاحقة لتحسين أوضاعهم!

في هذا الإطار أقول لزملائي الذين مازالوا في محراب الكلمة، وللزملاء والزميلات المتقاعدين، بقوة القانون، الذين هم في أوج العطاء يقدمون عصارة فكرهم بصدق وحب: أنتم شموع أعيادنا، وأنتم أصحاب التاج الحقيقي للصحافة.

 

(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحرب على الوعي والمثقف الوطني المشتبك

  بقلم :د. حسن أحمد حسن   عندما يطوي السوريون تحت أقدامهم ثلاثة عشر عاماً من أقذر حرب عرفتها البشرية، ويفلحون في الحفاظ على كيان ...