الرئيسية » مختارات من الصحافة » صحيفة فرنسية: الإليزيه يبتعد عن حليفه المغربي التقليدي لصالح الجزائر.. مواقف فرنسا تجاه الرباط “عواقبها الدبلوماسية خطيرة”

صحيفة فرنسية: الإليزيه يبتعد عن حليفه المغربي التقليدي لصالح الجزائر.. مواقف فرنسا تجاه الرباط “عواقبها الدبلوماسية خطيرة”

أدى التصويت الأوروبي على قرار بخصوص “حرية التعبير” في المغرب إلى احتجاج إعلامي في المغرب، فضلاً عن رد فعل سياسي، وندد البرلمان المغربي خلال جلسة مكتملة النصاب بما وصفها حملة اتهامات اعتبرها “كاذبة”. وأعلنت المؤسسة التشريعية أنها تلقت “بمفاجأة واستياء كبيرين هذه التوصية غير الملزمة التي قضت على الثقة بين المؤسسات التشريعية المغربية والأوروبية”. كما يعتبر مراقبون أن من شأن قرار البرلمان الأوروبي أن “يضر بالمكاسب المتراكمة على مدى عقود من العمل المشترك” مع نيره المغربي.

بالنسبة إلى الرأي العام والاعلام المغربي، فإن هذا القرار، الذي يعتبر “متعجرفًا”، يشكل “تدخلاً” في نظامه القضائي. وبعثت حفصة بوطاهر، التي اتهمت عمر الراضي الصحفي المحكوم بالسجن منذ 2022، بالاعتداء عليها جنسيا، برسالة إلى البرلمانيين الأوروبيين للتعبير عن “الصدمة الوحشية” و “الجرح العميق” الناجم عن القرار المتعلق بمعنوياتها.

صحيفة “لاكروا” الفرنسية، في تقرير لها، حول الموضوع، قالت ان المغرب كجسر بين أوروبا وأفريقيا، يدرك أن خصوصياته الجغرافية ونفوذه في غرب إفريقيا يضعانه في موقع شريك محوري، ولا سيما في سياق التسوية، المدنية والعسكرية، للأزمة الأمنية في منطقة الساحل.

فرنسا التي ظلت تعول على التعاون الأمني مع المغرب لحماية مصالحها من الإرهاب المتزايد في الساحل الافريقي، وضعها قرار البرلمان الأوروبي في موقف محرج، وبالتالي أشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى أنه “من غير المناسب التدخل في الشؤون الداخلية لبلد صديق”. في الوقت نفسه، صوت أعضاء البرلمان الأوروبي من غالبية حزب الرئيس الفرنسي (أعضاء مجموعة رينيو) ، لصالح القرار، هذا الامر “لم يمر مرور الكرام في الرباط” تضيف الصحيفة.

إلى جانب مدريد، عارض ممثلو الحزب الاشتراكي الإسباني القرار. وأكد النائب خوان فرناندو لوبيز أغيلار، عضو البرلمان الأوروبي، هذا الموقف، خلال  انتقاده العلني “لخطاب أوروبا العدواني تجاه المغرب”، الذي وصفه بأنه “جار لا غنى عنه”.

وقالت “لاكروا” ان التصويت الإسباني ضد القرار “هو جزء من الحقبة الجديدة للعلاقات الإسبانية المغربية التي تتميز بتقارب دبلوماسي أكبر بعد سنوات من المواجهة”.

وصوت أعضاء الحزب الاشتراكي العمالي، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ضد قرار غير ملزم صادر عن البرلمان الأوروبي يتعلق بحرية الصحافة وحقوق الإنسان بالمغرب، بالإضافة إلى ربط المملكة بالقضية المعروفة بـ”قطر غيت”، حيث اتخذت مدريد هذا القرار بعد تحذيرات من الرباط تتعلق بمصير الاجتماع رفيع المستوى المقرر بداية شهر فبراير المقبل.

وبدأ الانتعاش يعود الى العلاقات بين مدريد والرباط، منذ عام 2022 باعتراف إسبانيا بالسيادة المغربية على الصحراء.

ونبهت الصحيفة الى أن قصر الإليزيه، من ناحية أخرى، متهم بالابتعاد عن حليفه المغربي التقليدي لصالح الجزائر، ففي السنوات الأخيرة، بدأت باريس بالتقرب من الدولة المغاربية، في سياق الأزمة الأمنية في منطقة الساحل أو أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.

 وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين البلدين لا تزال تتسم بعدم الثقة، ففي عام 2021 ، في منطقة الساحل ، ابتعدت الجزائر عن باريس لتتوجه إلى روسيا والنظام الانتقالي في مالي.

بالإضافة إلى ذلك ، تنتقد المملكة باريس لافتقارها إلى الوضوح فيما يتعلق بموقفها من سيادة الرباط على الصحراء، على عكس إسبانيا أو الولايات المتحدة. هذا على الرغم من التقارب الاقتصادي والعسكري الفرنسي المغربي، لافتة الى بروز معالم هذا التوتر، رغم زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية مؤخرا الى المغرب، حين “تم إلغاء زيارة للمديرية العامة للتسلح والتعاون القضائي (الفرنسي) في الأيام الأخيرة من قبل الرباط ، حسب لو ديسك” المغربي.

الجزائر هي خصم رئيسي للرباط، وقد قطعت الدولتان العلاقات الدبلوماسية في عام 2021 وشكلت قمة جامعة الدول العربية في تشرين ثان (نوفمبر) 2022 نقطة عالية جديدة في الخلاف. وبلغت حدة التوترات ذروتها خلال بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم التي أقيمت في الجزائر، بسبب إغلاق المجال الجوي الجزائري ومُنع لاعبو المملكة من الهبوط في قسنطينة وبالتالي من المشاركة في المسابقة.

وفي هذا السياق، أشارت “لاكروا” الى أن هذا التنافس يعود إلى بداية الاستقلال ويتبلور حول الخلافات الحدودية، لا سيما حول مسألة سيادة المغرب على الأقاليه الصحراوية حيث، منذ السبعينيات ، تدعم الجزائر جبهة البوليساريو.

تعتبر الرباط أن معاملتها من قبل الاتحاد الأوروبي وفرنسا تنتمي إلى سجل عفا عليه الزمن ويتعارض مع مصالحها السيادية ويشكك في نزاهة نظامها القضائي. بالنسبة للمغرب، فإن قرار البرلمان الأوروبي لا يُفسَّر على أنه تدخّل فحسب، بل أيضًا كموقف دبلوماسي ضده. كما تعتبر الرباط أن الجزائر “الدولة التي تعتبر سلطوية” تستفيد من “معيار أوروبي مزدوج مقارنة بالمغرب”.

وحذرت الصحيفة في نهاية تقريرها، بأنه دون التعليق على الجوانب القانونية والسياسية للقضية، فإن “عواقبها الدبلوماسية خطيرة”. خطر التداعيات السلبية على التعاون الأمني ​​والاقتصادي مع أوروبا، وكذلك مع فرنسا، مرتفع، فقد يكون فقدان نفوذ باريس وبروكسل تاريخيًا في دولة استراتيجية وحليفة تقليديًا”.

 

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قمة عربية في واد سحيق!

‬ د. عدنان منصور* كثيرة هي القمم التي يتابعها العالم، وتنعقد على مستوى رؤساء وزعماء الدول. في قمم الدول، تبحث المواضيع ذات الاهتمام المشترك، فتتخذ ...