هيثم يحيى محمد
“حين يستيقظ العربي” هو عنوان الكتاب الجديد للرحالة الكاتب عدنان عزام الذي صدر باللغة الفرنسية في الفترة الاخيرة بباريس وتتم حالياً ترجمته للغة العربية ومن المقرر إقامة حفل توقيعه يوم الأحد العاشر من اذار القادم الساعة الثالثه عصراً في باريس العاشرة 119 شارع سان مارتان
هذا الكتاب يقع في 484 صفحة من الحجم الوسط وهو الحادي عشر للمؤلف وقد قدّم له الجنرال الفرنسي المعارض للحلف الاطلسي دومينيك دولافارد والكاتبة الفرنسية الشهيرة كريستين دوفييرجونكور ( زوجة سابقة لوزير الخارجية الأسبق رولان دوماس) ويتضمن الكثير الكثير من الآراء والأفكار والمعلومات المهمة جداً عبر مقدمة وعدة فصول وعناوين ابرزها :(الطفولة المتجذرة – هدف و ارادة -خطواتي الاولى – من المحلية الى العالمية – في مغاور الهنود الحمر – الولايات المتحدة الامريكية بين التقليدية و الحداثة – العلم العربي السوري في سماء لوس انجلوس -لقاء حفيدة مارتن لوثر كنغ -الحلم الامريكي و الصحفية اليهودية ماري روزنبرغ..الخ)
*المقدمة
وبغية وضع القارئ بأهم مايتطرق اليه الكتاب نتوقف في هذه المادة عند ماكتبه المؤلف في مقدمته وننشر الجزء الثاني بعد ان نشرنا الجزء الأول منها في الثامن والعشرين من شباط الماضي:
يقول المؤلف عدنان عزام:
بدأ الغرب يكتب عن الشرق منذ بداية هذه الحروب , يكتب عن جغرافيته حتى حفظها عن ظهر قلب , و يكتب عن الإنسان الشرقي حتى عرفه حق المعرفة , معظم هذه الكتب تُظهر العربي و الشرقي بصورة ضعيفة بائسة للوصول إلى عدم احترامه و السيطرة عليه .
آلاف الكتب في التاريخ والجغرافية و الترحال و السيرة الذاتية و الموسيقى و الطبخ و التنجيم و علم الفلك .
تؤدي كلها إلى النتيجة ذاتها وهي استعمار
الشرق , من خلال منظومة معلومات يصيغها مفكرو و قادة الغرب لأقناع شعوبهم بها .أنشأواجامعات في باريس وروما ولندن وفيينا , من اجل تحقيق الهدف المقدس المعلن و هو نقل الحضارة
الغربية إلى الشرق , بينما الهدف الخبيث المخفي هو تقويض الشرق والسيطرة عليه .
جامعات تملك الإمكانات الضخمة تقوم بتصنيع وانتاج علم الاستشراق الذي يضع نفسه تحت تصرف الأجهزة الغربية الاستعمارية , عسكرية كانت أم اقتصادية أم استخباراتية . استشراق ظاهره ظريف , مخملي , علمي , فضولي ,
مقدام , وباطنه استعبادي عنصري مؤمن بسيطرة الشمال على الجنوب , مؤمن بتفوق الغربي على غيره من الشعوب .نعم , يفترض قادة الغرب أن حضارتهم متفوقة على الشرق الذي يصورونه همجي غليظ , ذكوري , عبودي , بليد , لا جمالية فيه .
يستخدم الغرب الصهيوني أحيانا الهلوسات الغيبية المنقولة من قراءة مُزورة للاديان لتبرير افعاله !هذا نابليون يخدع المصريين و يوهمهم أنه اعتنق الدين الإسلامي ! بينما هدفه هو احتلال مصر و فلسطين لتسهيل عودة اليهود
الذين يحلمون بصهيون .ونذكر مهزلة جورج بوش الذي قال ان الملاك زاره ليسلمه أمر الرب لاحتلال العراق , و نذكر أيضاً كذبة وزير الدفاع الأمريكي كولن بأول الأكبر في التاريخ امام أعين العالم , عندماصرح من على منبر الأمم المتحدة ان لديه الاثبات على امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ! يقوم الصهاينة بقتل الفلسطينيين منذ عام 1917 و حتى يومنا هذا مستندين على قراءة مزورة للاديان .علم الاستشراق سهّل فعلا مهمة الغرب باحتلال الشرق والتدخل في شؤونه الداخلية لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية وجعله يعيش دائما مثخناً بجراحه .
يقوم الغرب الصهيوني بمنع الشرق من الوصول إلى العلوم الصناعية للإٌبقاء على تخلفه , إذ قام بتدمير أول دولة عصرية في مصر عام 1884 لانها بدأت تتقدم ..منذ ذلك التاريخ يقتل الغرب مئات العلماء العرب يرتكب الغرب أيضا جرائم بحق شعوب أخرى , إذ أباد الهنود الحمر و كثير من الافارقة و الصينيين و الفيتناميين و استخدم القنبلة النووية ضد الشعب الياباني .
هذه الحقائق حبيسة كتب التاريخ لأن العرب نائمون و لا يبرزونها للعالم ..حقائق أكتشفتها في أبو ظبي عام 1976 في كتاب الاستشراق للمفكر العربي إدوارد سعيد . و تابعت اكتشافها خلال اقامتي في الغرب لمدة اربعين عاما ،كتاب الاستشراق ساعدني على فهم الذهنية الغربية , علماّ بأنه لم يؤرخ لتاريخ الحروب على العرب بل لأنه و لأول مرة درس وحلّل آلية قيام الغرب
بحروبه و احتلاله للشرق .
نستطيع القول: إن أستاذ الأدب المقارن في جامعة هارفارد إدوارد سعيد هو خير من يفتح أعيننا على هذه الدراسات في كتابه الاستشراق , و الذي من خلاله نفذ إلى لب الفكر الغربي المشبع بالغطرسة والفوقية , و رغبته الأبدية بالتوسع في أراضي الشعوب الأخرى واستغلال خيراتها .
كان على الغرب لتحقيق هذه الأهداف أن يقوم إما بالاحتلال المباشر أو الاحتلال غير المباشر لبلاد الشرق
إن نظرة سريعة إلى خارطة العالم تبرهن لنا أن أوروبا هي الأصغر مساحة بين قارات العالم , مما يجعلها بحاجة لغزو بلاد أخرى والسيطرة على خيراتها .
وقد وصف إدوار سعيد الاستشراق بأنه نهج غربي
متكامل للسيطرة على الشرق وامتلاك السيادة عليه . لانه يجعل الشعوب الأوروبية جاهزة لغزو الشرق في كل مرة يناديها قادتها لذلك , و مستعدة لتقديم أبنائها قرابين من أجل ذلك , لأن قادة الغرب اقنعوا شعوبهم بأن الشرق قابل لأن يُستعمر .
المفكر الجزائري مالك بن نبي أكّد ذلك بقوله :
” إن الشرق أو الشرقيين لديهم القابلية لأن يُستعمروا
” وقد طبّق ممثلو الغرب الذين حكموا الشرق أفكار المستشرقين بحذافيرها, فهذا كرومر الحاكم البريطاني لمصر يقول :”عملت خلال حكمي لمصر بما كان يقوله سيدي المفكر البريطاني السير الفرد لايل ”
وهذا مقتطف منه :” العرب والشرقيين
بشكل عام , سذجٌ غافلون محرومون من
الحيوية و القدرة على المبادرة ,مجبولون على حب الإطراء المُفرط و الدسيسة و الدهاء و القسوة على الحيوانات، الشرقيون لا يستطيعون التقيّد بالسير على الرصيف , فعقولهم الفوضوية تعجز عن فهم ما يدركه الأوروبي البارع بصورة فورية , و هم عريقون في الكذب و كسالى و سيِّـئو الظن , و بشكل عام هم على طرفي نقيض مع العرق الأنجلوساكسوني في وضوحه و مباشرته و نبله , و العرب ما خُلقوا إلا ليكونوا مُستعمَرين من قبل الإنسان الأبيض .” .
نعم الشرق بالنسبة إلى الغربيين , هو نقيض الغرب ..إذاً, وبسبب هذه الكتابات ترسّخَ اعتقاد الغربيين بأنهم آلهة أو أسياد الشرقيين.
يقول جيرار دو نرفال لِـ غوتييه : ” مَنْ لم يزرْ الشرق سيظل يفكر به و كأنه زهرة اللوتس , أمّا بالنسبة لي و بعد أن زرته و عرفته , فلم يعد لي إلّا بصلاً , بصلاً , بصلاً !!!!! ” و قد كان الشرق ( الإسلام ) في عرف لويس ماسينيون ( أعظم المستشرقين الفرنسيين ) رفضاً منتظماً للتجسّد المسيحي , و بالنسبة إليه فان بطل الإسلام الأعظم ليس محمد بل الحلاج الذي صلبه المسلمون .
تطغى آراء المستشرقين هذه على الصحافة و الرأي الشعبي , فيصفون العرب بسهولة بأنهم : راكبو جمال , إرهابيون , معقوفو الأنوف , شهوانيون , تمثل ثروتهم البترولية الهائلة و التي لا يستحقونها , إهانة للحضارة الإنسانية و تُعمِّق هذه الآراء , الشعور لدى قادة الغرب بأن الله منحهم وحدهم حق إدارة شؤون العالم .ولا شك أن كل هذه النمطيّة التي رسمها الغرب للشرق كانت بدافع استعماره و السيطرة على الجزء المقدس منه ( فلسطين ) .
هذه الأحكام الجائرة , ما كانت لتكون لولا أنها تغذّت من أمهات كتب المستشرقين ذوي التأثير الماحق على الشعوب الأوروبية .
لنقرأ ما كتبه المُستشرقان الكبيران سلفستر دوساسي و إرنست رينان , ليس عن العرب
وحدهم و إنما عن كل أهل الشرق :
” إن الإنسان ليرى في كل شيء , إن العرق السامي يبدو عرقاً غير مكتمل بسبب بساطته ,
وهذاالعرق بالقياس إلى العائلة الهندوأوروبية يبدو مثل التخطيط بقلم الرصاص قياساً إلى لوحة فنية كبيرة مليئة الألوان , فهو يفتقر إلى ذلك التنوع و ذلك الثراء و تلك الوفرة الفائضة من الحياة التي تشكل شرط الإكتمال ” و الأمم الساميّة مثل أولئك الأفراد , الذين لا يملكون إلّا درجة ضئيلة من الإبداع , و لذلك فإنهم بعد طفولتهم لا ينالون إلا الدرجة الأكثر عادية من الخصب , أي أن هذه الطفولة عرفت ازدهارها و تفتحها الأكمل في عمرها الأول ولم تستطع بعدها أن تصل درجة البلوغ الحق ” .
و يعترف شاتو بريان صراحة بأن :
” الحروب الصليبية لم تكن لإنقاذ كنيسة القيامة من المسلمين بل للسيطرة على القدس و تحديد مَنِ الذي سينتصر على هذه الأرض و يحكم ويقود البشرية ” , و المنتصر بالنسبة له هو الغرب , و الحاكم و القائد هو الغرب , لأن الشرقي لا يحق له أن يكون سيداً .
و يقول الشاعر والسياسي الفرنسي لامارتين :”الأرض العربية هي أرض المعجزات لأن كل رجل ساذج أو متعصب يمكن أن يصبح نبياً !”
نفس الشيء قاله نرفال و فلوبير و غيرهم من الأسماء الغربيّة اللامعة التي يحبها من يدّعون أنّهم مثقفون شرقيون , و الأصح أن نقول أشباه المثقفين في الشرق !. حتى الترحال اعتبره المفكرون الغربيون حكراً على شعوبهم , فلنقرأ ما كتبه و ليم روبرت سميث عام 1880 م
:” إن المسافر العربي مختلف عنّا , فجهد الانتقال من مكان إلى مكان بالنسبة إليه يزعجه , و هو لا يشعر بلذة بذل الجهد كما نشعر نحن الغربيين , والعربي يتذمر بسرعة من الجوع و التعب و العطش , و هو أيضاً قليل التأثر بالمناظر الطبيعية , أمّا نحن الغربيين فتأثرُنا بها عميق و إذا ما جلس العربي على قارعة الطريق ليستريح , فإنه لا يرسم المناظر الطبيعية و لا يتأثر بها , بل ينقّب أنفه بإصبعه ! ”
حتى كارل ماركس الذي كاد العرب ان يعتبروه نبيا , قال عنهم كلاما ينتقص من انسانيتهم .
” إنهم عاجزون عن تمثيل أنفسهم , و ينبغي أن يُمثـَّـلوا ! ” قال ماركس هذا الكلام عن العرب , علماً بأنهم يحفظون كتبه عن ظهر قلب , كما يحفظون كتب وأقوال تلميذه النجيب زيدر بلوم , و الذي عُرف فيما بعد باسم
لينين ذو الأصول اليهودية , و الذي حكم أول دولة شيوعية في العالم , وأول دولة تعترف بإسرائيل وفق موقع الخلايا النائمة
يتبع…
(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)