آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » صفقات ترامب الخليجية: الأرقام… للاستعراض غالباً

صفقات ترامب الخليجية: الأرقام… للاستعراض غالباً

 

خضر خروبي

 

 

حملت زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الخليج، في جولته الخارجية الأولى، مفارقات مهمّة على أكثر من صعيد. فالرئيس الذي غالباً ما يوصف بأنّه «غير قابل للتنبؤ»، لم يفاجئ كثيرين حين أعلن عن إبرام صفقات تريليونية مع القادة الخليجيين، ممَّن اعتادوا، إبّان ولايته الرئاسية الأولى، أن يعاملهم كـ»كيانات ذميّة»، وفق المعايير الإستراتيجية الأميركية، وذلك ضمن مقاربة تُعلي من شأن المصالح التجارية لبلاده، على أيّ شيء آخر، حتى ولو كان الحليف الإستراتيجي الأوثق.

 

مقاربةٌ، كان في طليعة «ضحاياها العَرَضيين»، رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، حين حُرِم المَدَد السياسي والإعلامي خلال الزيارة، خلافاً لـ»البروتوكولات السياسية الرئاسية» المألوفة، والمعمول بها في واشنطن.

 

صفقات غير مسبوقة

وبالنظر إلى توخّي الطرفين إبراز الطابع الاستعراضي لجولة ترامب الخليجية، لم يكن غريباً أن يتباهى الرئيس الأميركي المولع بلغة الأرقام والمفردات «القياسية»، بنجاحه في عقد اتفاقات وتفاهمات مع قادة الخليج بأرقام فلكية غير مسبوقة، تركّزت خصوصاً في قطاع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وقطاعَي الطاقة والدفاع، قاربت الـ4 تريليونات دولار.

 

وشملت الاتفاقات، صفقة بيع 210 طائرات «بوينغ» لحساب «الخطوط الجوية القطرية»، بقيمة 96 مليار دولار، ضمن صفقات إجمالية تناهز قيمتها 1.2 تريليون دولار، علماً أنه مبلغ مماثل لِما تعهّدت الإمارات باستثماره في الولايات المتحدة على مدى العشر السنوات المقبلة.

 

ومن فور الإعلان عن هذه الأرقام، ساد التشكيك في مدى دقّتها، ولا سيما أنّ من بينها استثمارات سبق لترامب نفسه أن أماط اللثام عنها في شهر آذار الماضي، على غرار خطط استثمارية لشركة «MGX» لإطلاق مشروع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الإمارات بقيمة 100 مليار دولار، وذلك إثر لقاء جمعه إلى مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد؛ علماً أن الشركة المذكورة تُعدّ جزءاً من إمبراطورية اقتصادية يملكها المسؤول الإماراتي، وتشمل صناديق للثروة السيادية، تدير أصولاً بقيمة 1.5 تريليون دولار، إضافة إلى شركة «G42» المتخصّصة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وترتبط بعلاقات واسعة مع عدّة شركات أميركية، مثل «OpenAI» و»Amazon».

 

هل يتم تنفيذ ما اتُّفق عليه؟

على الجانب الخليجي، يشكّك خبراء في مدى قدرة قادة دول «مجلس التعاون» على الالتزام بالاتفاقات الموقّعة مع واشنطن. وقد استعرضت شبكة «سي إن بي سي»، تلك الشكوك، بخاصة في ما يتعلّق بالسعودية، التي تعهّدت بضخ استثمارات في الداخل الأميركي تصل إلى تريليون دولار، مشيرة إلى أن الوفاء بهذا التعهّد الاستثماري سيشكّل تحدّياً للمملكة، ذات المديونية المُقدّرة بـ311.5 مليار دولار، والتي تواجه تكاليف باهظة لتحقيق طموحاتها الاستثمارية ضمن «رؤية 2030».

 

وخلصت الشبكة الأميركية إلى أنّ «انخفاض أسعار النفط العالمية ومشاريع الإنفاق العام الضخمة، سيؤديان إلى توسيع عجز الموازنة في الرياض»، موضحة أنّ صفقة الأسلحة المُقدّرة بـ142 مليار دولار بين الولايات المتحدة والمملكة «تُعادل ضعف موازنة الدفاع السعودية لعام 2025، والبالغة 87 مليار دولار»، ولا سيما أنّ البيت الأبيض لم يحدّد موعد إتمام الصفقة.

 

صفقة الأسلحة المُقدّرة بـ142 مليار دولار بين واشنطن والرياض «تُعادل ضعف موازنة الدفاع السعودية لعام 2025»

 

 

ولتأكيد هذه الشكوك، تذهب الباحثة في برنامج الشرق الأوسط في معهد «كوينسي»، أنيل شيلين، إلى أنّه «وعلى الرغم من أن السعوديين وافقوا، كما يُزعم، على أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ، على غرار الكميات الهائلة من الأسلحة التي وافق ولي العهد، محمد بن سلمان، على شرائها خلال ولاية ترامب الأولى، فإنّ العديد من هذه الالتزامات الأولية قد لا تُترجم فعلياً إلى مشتريات أسلحة».

 

يتقاطع ذلك، مع ما كشفته شبكة «سي إن إن» حول عدم التزام الرياض بصفقات الأسلحة التي أبرمتها مع إدارة ترامب عام 2017، والمُقدّرة بقيمة 110 مليارات دولار، واكتفائها بشراء ما قيمته 14.5 مليار دولار. الخلاصة نفسها، تتبنّاها دراسة أعدّها الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لبعثة «صندوق النقد الدولي» إلى السعودية، تيم كالين، حيث تلحظ أن ما وعدت به الرياض من استثمارات في اقتصاد الولايات المتحدة خلال الولاية الأولى لترامب، لم يتحقّق بالكامل، مبيّنة أن إجمالي الصادرات الأميركية من السلع والخدمات إلى السعودية، بين عامي 2017 و 2020، لم تتجاوز 92 مليار دولار.

 

وفي محاولته تسليط الضوء على مخرجات الزيارة، يؤكد الباحث في «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، إميل حكيّم، أنّ دول الخليج وترامب متشابهان من نواحٍ مختلفة، ذلك أن كليهما «بارع في المبالغة وتضخيم الأمور، وكذلك في إغداق الوعود الكبيرة». ويلفت إلى أن الكثير من الصفقات المُعلن عنها جاء «بغرض الاستعراض حصراً»، مستدركاً أنّ كل طرف منهما تمكّن من تسخير الزيارة لـ»الحصول على ما أراد، سواء لناحية الحرص على النواحي الشكلية، أو لناحية إظهار التوافقات وحسن النوايا بينهما». ومن منظور حكيّم، فإنّه «في حال تحقَّق 50% فقط (من الصفقات المعلنة)، سيبقى ممكناً النظر إلى ذلك كمكسب للطرفين».

 

النَّفس التشكيكي ينسحب كذلك على الجانب الأميركي، الذي لا يزال من غير الواضح إن كان على استعداد لتلبية رغبات القيادة السعودية، أسوة بقيادات خليجية أخرى، في الحصول على أسلحة متطورة، كبعض منظومات الدفاع الجوي، وطائرات «إف-35»، كما أفادت وكالة «فرانس برس». ونقلت الوكالة عن مصدر في وزارة الدفاع السعودية، قوله إنّ بلاده «ستشترط أن تتم عمليات تسليم الأسلحة خلال فترة ولاية ترامب، وخاصة صواريخ الدفاع الجوي»، وهو أمر يرى محلّلون أنّه يخالف التزامات واشنطن التاريخية بالحفاظ على التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل في الشرق الأوسط.

 

ولا يقتصر التشكيك على المسائل العسكرية، إذ ارتفعت الأصوات داخل الإدارة والكونغرس، للتنديد بخضوع ترامب أخيراً لضغوط شركات التكنولوجيا، حين أقدم على إلغاء القيود على وصول التكنولوجيا المتقدّمة إلى عدد كبير من دول العالم، بما في ذلك الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات المتقدّمة، والتي سبق أن أقرّتها إدارة سلفه، جو بايدن.

 

وضمن هذا الإطار، تلفت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن تسعة مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، إلى أن الصفقات التكنولوجية المُبرمة مع دول الخليج، تحت ذرائع اقتصادية، سواء ما تعلّق منها بالحاجة إلى استثمارات خارجية، أو عدم كفاية نظام الطاقة في البلاد لمتطلبات زيادة طاقة إنتاج الرقائق الإلكترونية، قد لا تحتوي على ما يكفي من التدابير الوقائية الضرورية للحؤول دون منع انتقال التكنولوجيا الأميركية، بخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، لحساب جهات أجنبية معادية، في إشارة إلى العلاقات المميزة بين تلك الدول، والصين.

 

وتحذّر الصحيفة الأميركية من أن تلك الصفقات، التي تتضمّن توريد آلاف أشباه الموصلات المتقدّمة المصنّعة من قبل شركتَي «Nvidia» و»Advanced Micro Devices Inc» إلى دول الخليج، منها مليون شريحة مخصّصة للتصدير إلى السوق إلإماراتية حصراً، في غضون عامين فقط، قد تفضي إلى تحوّل الشرق الأوسط إلى موطن لأكبر صناعات التكنولوجيا ومراكز البيانات بحلول نهاية العقد، بدلاً من الولايات المتحدة، فضلاً عمّا قد تمثّله من خسارة للأخيرة على مستوى الوظائف.

 

بدوره، يشدّد كبير الجمهوريين في لجنة مجلس النواب المعنية بالصين، جون مولينار، والمعروف بتوجّسه من علاقات شركة «G42» الإماراتية مع شركة «Huawei» وشركات صينية أخرى، على أن الولايات المتحدة «تحتاج إلى ضمانات قبل المضيّ قدماً بالمزيد من الاتفاقات» مع دول الخليج.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مصرف سورية المركزي في بيان توضيحي: طباعة كميات من الأوراق النقدية في روسيا وتغيير العملة الوطنية مازال قيد الدراسة

  أصدر مصرف سوريا المركزي مساء اليوم توضيحاً حول مايتم تداوله عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية جاء فيه: حرصًا على الشفافية، وتوضيحاً لما ...