آخر الأخبار
الرئيسية » العلوم و التكنولوجيا » صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين… محمية من العواصف التجارية

صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين… محمية من العواصف التجارية

 

 

في ظل انشغال العالم بعناوين الأخبار الواردة من واشنطن بشأن الرسوم الجمركية، مرّت موجة من الإعلانات الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي من دون أن تلقى الاهتمام الكافي. فقد أطلقت مجموعة “علي بابا” نموذجاً مفتوح المصدر لإنشاء مقاطع فيديو، وبدأت شركة “زهيبو إيه آي” (Zhipu AI) المعروفة بـ”التنين الصغير” (Little Dragon) إجراءات الطرح الأوليّ لأسهمها، بينما انتشر استخدام “ديبسيك” في المستشفيات والإدارات المحلية؛ والقائمة لا تنتهي عند هذا الحدّ.

 

 

 

تطبيق ديبسيك الصيني

تطبيق ديبسيك الصيني

شكّل ظهور “ديبسيك” لحظة فارقة في مسار الذكاء الاصطناعي الصيني، إذ أحدث ضجة عالمية، مطلع هذا العام، وأثبت أن الصين قادرة على منافسة وادي السيليكون بندّية. أعادت هذه الشركة الناشئة، التي تتخذ من هانغتشو مقراً لها، الحيوية إلى قطاع الذكاء الاصطناعي في البلاد. ورغم أن الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أربكت الأسواق العالمية، فإن هذه الضربات لن تخرج قطار الذكاء الاصطناعي الصيني عن مساره.

 

يرجع ذلك جزئياً إلى تركيز الصناعة داخلياً، مما يجعلها بمنأى نسبيّ عن تأثير الرسوم الجمركية. كذلك، فإن القطاع يحظى بدعم حكومي واضح. ففي شباط/ فبراير الماضي، عقد الرئيس شي جين بينغ اجتماعاً نادراً مع كبار التنفيذيين في شركات التكنولوجيا، من بينهم جاك ما مؤسس “علي بابا”، وليانغ وين فنغ مؤسس “ديبسيك”، في إشارة صريحة إلى مباركة عليا. وقد ورد ذكر الذكاء الاصطناعي تسع مرات في تقرير السياسات الصادر عن مؤتمر الشعب الوطني في آذار /مارس، الذي أكد على تطوير نماذج مفتوحة المصدر، كما خصصت الحكومة صندوق استثمار للذكاء الاصطناعي بقيمة 60 مليار يوان (8.2 مليارات دولار) لدعم القطاع في مواجهة تقلبات السوق.

 

لكن الدعم لا يقتصر على السياسات. فهناك أيضاً حماس شعبي جارف تجاه التكنولوجيا، إذ أظهرت دراسة استقصائية، أجرتها شركة “إبسوس” (Ipsos) أن 83% من البالغين في الصين يعتقدون بأن فوائد منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي تفوق أضرارها، وهي النسبة الأعلى عالميًا، مقارنة بـ39% فقط من الأميركيين. كذلك كانت الصين في الصدارة من حيث نسبة الأشخاص الذين قالوا إن الذكاء الاصطناعي غيّر حياتهم اليومية في السنوات الثلاث إلى الخمس الماضية، ويتوقعون أن يستمر هذا التغيير بنفس الوتيرة.

 

هذا الحماس الشعبي يتجاوز أروقة شركات التكنولوجيا. ففي مقاطعة هوبي، يستخدم المزارعون، رغم محدودية تعليمهم الرسمي، تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة الأمطار الغزيرة. وبينما يركز الأميركيون على تطوير تقنيات متقدمة، تمضي الصين قدمًا في تعميم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مما يمنحها ميزة تنافسية على مستوى الانتشار.

 

 

صحيح أن حرباً تجارية طويلة الأمد ستؤثر سلباً على الاقتصاد الصيني المعتمد على التصدير وتلحق أضراراً بقطاع التكنولوجيا، وهو ما بدأت الأسواق تعكسه فعلاً، لكنه من الخطأ الربط بين هذه الصعوبات الاقتصادية وبين تباطؤ الطموحات التقنية لبكين. فقد كتب الباحث البارز جيرارد ديبيبو من مؤسسة “راند” (RAND) أنه حتى لو استمر ضعف النمو الاقتصادي، وظلت الشركات الصينية تعاني، فإن الحكومات المركزية والمحلية ستواصل دعم الصناعات التقنية المتقدمة ونماذج النجاح الجديدة مثل “ديبسيك”.

 

في خضم هذه التحديات، نشرت جامعة ستانفورد تقريراً بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب التجارية الأخيرة، يوضح أن الصين تتصدر في عدد المنشورات والبراءات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من تفوق الولايات المتحدة في إنتاج النماذج الأكثر تقدماً، فإن “الصين تضيق الفجوة في الأداء”.

 

تبقى إحدى العقبات الكبرى أمام الطموح الصيني هي الحصول على الرقائق المتطورة. فقد شكّلت القيود الأميركية تحدياً رئيسياً في تأمين القدرة الحاسوبية اللازمة. وزادت الشكوك مع تشديد واشنطن الرقابة على رقائق “إنفيديا” H20 المصممة لتفادي الضوابط التصديرية. ومع ذلك، ترى “بلومبرغ إنتليجنس” أن هذا الإجراء قد يصبّ في مصلحة القطاع على المدى البعيد، عبر الحدّ من “فرط المعروض من النماذج”، كما أن عمالقة التكنولوجيا الصينيين، مثل “علي بابا” و”تينسنت” و”هواوي”، لديهم مخزونات احتياطية من الرقائق لتخفيف الأثر الفوري.

 

في المقابل، تتزايد المخاوف في الجانب الآخر من المحيط الهادئ من أن تؤدي تقلبات الرسوم الجمركية إلى فقدان وادي السيليكون ريادتَه في مجال الذكاء الاصطناعي. وبينما ينشغل صناع القرار وقادة الأعمال بعواقب هذه الحرب التجارية متعددة الجبهات، فليس لديهم أيّ مبرر للتفاجؤ مجدداً بانطلاقة جديدة من طراز “ديبسيك” في الصين.

 

 

أخبار سوريا الوطن١-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تلسكوب فضائي يكتشف أدلة واعدة تنبئ بوجود حياة على كوكب بعيد

بقلم: بالاب غوش ترجمة: حازم محمود فرج اكتشف العلماء أدلة جديدة ــ ولكن أولية ــ تشير إلى احتمال وجود حياة تستوطن كوكبًا بعيدًا يدور حول ...