| راما العلاف
لجأ بعض الصناعيين إلى التحايل على التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج إلى تقليص منتجاتهم عوضاً عن رفع سعرها، فنجد أن منتجات تم تصغير حجمها وأخرى يلحظ تخفيف جودة تغليفها أو تخفيض نسبة تركيز مكوناتها، ذلك ليس اختراعاً محلياً وإنما هي حيلة اقتصادية يستخدمها صناعيون ومنتجون على الصعيد العالمي لتحقيق إنتاج أكبر وأرباح أكثر على حساب أموال وصحة المستهلكين.
رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها عبد العزيز المعقالي أكد في حديثه لـ«الوطن» ورود العديد من الشكاوى للجمعية حول لجوء بعض المعامل والصناعيين في سورية إلى حيلة تقليص حجم المنتجات والعبوات أو تخفيض كمية المادة الغذائية ضمن العبوة مع الإبقاء على حجمها الأصلي في ظل ارتفاع أسعارها إضافة إلى قيام البعض بتخفيض المادة الفعالة في المواد الداخلة بتصنيع منتجاتهم ومنها المنظفات وبعض المواد الغذائية، مؤكداً أن هذا يندرج ضمن إطار الغش، علماً أنها حيلة تجارية يستخدمها بعض الصناعيين والمنتجين رغبةً منهم في إنتاج كمية أكبر من المنتجات سعياً لتحقيق أرباح كبيرة، ومشيراً إلى استغلال هذه المعامل ضعف القوة الشرائية للمواطن مقابل ارتفاع الأسعار بشكل كبير، بالتالي يسعى المواطن إلى السلعة الأرخص ولو على حساب المادة الفعالة والجودة مما يحقق أرباحاً طائلة للمعامل والمنتجين.
وحمل المعقالي مديريات حماية المستهلك مسؤولية مراقبة الأسواق وأخذ العينات وفحصها واتخاذ الإجراءات المناسبة إضافة إلى التأكد من تحقيق المنتج للمواصفات السورية للمنتج «الأيزو»، مشيراً إلى أن الجمعية راسلت مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق وريفها وطلبت سحب عينات من الأسواق وفحصها إلا أن المديريات لم تواف الجمعية بأي رد حتى تاريخه.
وأشار المعقالي إلى ارتفاع تكاليف تحليل العينات التي تتراوح بين 6 إلى 7 ملايين ليرة سورية، بالتالي الجمعية غير قادرة على إجراء تحليل للعينات على نفقتها الخاصة إذ تعتمد على التمويل الذاتي لأنها تمثل المجتمع الأهلي، منوهاً بأهمية تعزيز ثقافة الشكوى للمواطن والتأكد من وزن المنتج قبل شرائه ومن مدة صلاحيته وضرورة معرفة حقوقه ومن أهمها حصوله على المنتج المطابق للمواصفات السورية وأفضل جودة وسعر.
وفي السياق ذاته أكد الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور سامر المصطفى في حديثه لـ«الوطن» انتشار ظاهرة تصغير السلع في المنتجات الغذائية والاستهلاكية عموماً كما في معظم دول العالم بما فيها الصين والولايات المتحدة الأميركية، لافتاً إلى تزايد هذه الظاهرة محلياً نتيجة الحرب المستمرة والحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة عليها.
وأوضح المصطفى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والمنافسة الشديدة في السوق هما السبب الرئيس في لجوء الصناعيين والمنتجين إلى هذه الحيلة عندما يحدث التضخم إثر زيادة الطلب على السلع التي تتجاوز العرض ولا يمكن تلبيتها عن طريق الإنتاج وبالتالي ترفع الشركات الأسعار وتنخفض القوة الشرائية، وذلك نتيجة التيسير الكمي وضخ الأموال في الأسواق من دون تغطية من الأصول مثل الذهب أو السلع بسبب الارتفاع في الطلب والدين القومي وهذه الأموال الضخمة التي لا يوجد ما يقابلها من السلع أدت إلى ارتفاع معدل التضخم.
إضافة إلى إمكانية فرض موردي السلع والخدمات أسعارهم لأن الطلب يفوق العرض وأيضاً عند زيادة تكاليف الإنتاج والمواد الخام أو ارتفاع الأجور يتم حساب هذه الارتفاعات على السلع والخدمات، بالتالي فإن معظم الشركات اليوم تقوم بمثل هذه الممارسات، فتقلل حجم المنتج مع الإبقاء على سعره أو تخفيض الجودة للمنتج بطريقة لا تجعل المستهلك يلاحظ التغييرات، مضيفاً: إلا أن هناك شركات صريحة وواضحة بشأن ما تقوم به من تغييرات في منتجاتها وأسعارها لكيلا تفقد ثقة المستهلك بها.
ولفت المصطفى إلى أن هذه الظاهرة لا تؤثر في جميع المواطنين في سورية بالتساوي، فالشخص الذي لديه كثير من المال يقوم بإنفاق جزء صغير من ثروته على الاستهلاك ويتعامل بشكل أفضل مع التضخم من شخص آخر ليس لديه احتياطيات وبالتالي يجب عليه أن يستهلك كل دخله أو حتى مدخراته والنتيجة أن المستهلكين هم الذين يعانون.
وأشار إلى أنه عندما حدث التضخم في السوق وارتفعت تكاليف الحصول على النفط والغاز والنقل وغيرها قامت الشركات برفع الأسعار وحولت تكاليفها المرتفعة إلى المستهلكين من دون المساس بأرباحها.