آخر الأخبار
الرئيسية » العلوم و التكنولوجيا » صور مُفبركة وإباحية مُهينة… ميلوني وإيطاليات ضحية تكنولوجيا بلا ضوابط

صور مُفبركة وإباحية مُهينة… ميلوني وإيطاليات ضحية تكنولوجيا بلا ضوابط

عام 2023، انفصلت رئيسة وزراء إيطاليا عن شريكها أندريا جيامبرونو بعد علاقة دامت نحو 10 سنوات بعدما أدلى بتصريحات مُتحيّزة جنسياً، تنطوي على “تمييز ضد المرأة”.

أراد الإنسان من خلال أداة الذكاء الاصطناعي أن يحصر الحياة وما نعيشه بكبسة زر. كل شيء أمام الشاشة. وعلى أهمية هذا التطوّر البشري، فإن ما يحصل من تداعيات سلبية ترقى إلى الكارثة، يطرح تساؤلات عدّة عن مُستخدِم هذه الأداة ونيّته ومعرفته. ما جرى الأسبوع الماضي في إيطاليا، أقل ما يُقال عنه إنه صدمة. صور مزيّفة، إباحية، مهينة. مقاطع فاحشة عبر الإنترنت تستهدف مئات النساء طالت حتّى رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني!

على أنقاض هذا المشهد، تعود إلى الواجهة مجدّداً أهداف نشر هذه الصور وحتّى توقيتها، هي التي تُعدّ أهم الأسلحة الافتراضية بين الخصوم السياسيين وحتّى في مجالات عدّة ثقافية وفنّية واقتصادية. فيها تحتدم المواجهة لتصل إلى تشويه سمعة الخصم أو المنافسة الشخصية وإثارة الصدمة وتشتيت الانتباه، فتصبح المنافسة خارج “الحلبة الشرعية”…

صفحات ومتابعون وصور…
عاش المجتمع الإيطالي صدمة صفحات عبر “فايسبوك”، نشر فيها آلاف الرجال صوراً حميمية لشريكاتهم وأخواتهم ونساء معروفات ومجهولات، من دون موافقتهن مرفقة بتعليقات تنتهك كرامتهن.

هذا ما حصل مع الكاتبة كارولينا كابريا مع صفحة تُدعى “ميا موغلي” (زوجتي بالإيطالية)، التي تجاوز عدد أعضائها 30 ألفاً عند إغلاقها في 20 آب/ أغسطس. وقد ندّدت الكاتبة عبر “إنستغرام” بـ”الرجولة التي تغزو وتقتحم وتحتل”. 

 

 

أمّا منصّة “Phica” الناشطة منذ عام 2005، فقد ضمّت أكثر من 700 ألف مشترك، انتشرت صور لنساء عليها ملتقطة في البحر أو عارية الصدر أو في مواقف حميمة أخرى. أمّا الصدمة فهو اسمها، الذي يُشير إلى تحريف لفظي لكلمة عامية تعني “المهبل” بالإيطالية. ولم تقتصر الصفحة على نشر الصور، بل انتشرت معها دعوات للعنف، وفقاً لتقارير إعلامية إيطالية.

وكان من بين الضحايا سياسيون وصحافيون وفنّانون بارزون، إذ لفتت صحيفة “الغارديان” إلى أن قائمة المستهدفات شملت عضو  حزب الرابطة اليميني المتطرّف أليسندرا موسوليني، حفيدة الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني، ووزيرة السياحة الإيطالية دانييلا سانتانكيه.

وكانت الصور المعدّلة للنساء البارزات تُعرض في قسم “VIP” بالمنصّة. ووُجدت تحت المنشورات تعليقات جنسية من الرجال، قال بعضهم إنّهم يريدون “اغتصاب” المرأة، بينما أشاد آخرون بالطبيعة السرّية لبعض الصور.

وقالت فيوريلا زاباتا، من حزب الخضر الأوروبي: “الأمر ليس مجرّد متعة بريئة بل هو اغتصاب افتراضي”.

 

جورجيا ميلوني. (مواقع)

جورجيا ميلوني. (مواقع)

 

صرخة… ضحايا وتجارب
تقنياً، إنّه “التزييف العميق” (deepfakes). يحصل على مقاطع الفيديو أو الصوت أو الصور التي تجعل الناس يبدون كأنّهم يفعلون أو يقولون أشياء لم يفعلوها بالفعل، أو في مكان ما لم يكونوا فيه. السياسيون وقادة الأعمال والمشاهير هم الأكثر عرضةً لخطر هذه التقنية، نظراً إلى عدد التسجيلات التابعة لهم. تجعل هذه التكنولوجيا ما يسمّى “الإباحية الانتقامية” ممكنة حتى لو لم تكن هناك صورة أو مقطع فيديو عارٍ بشكل فعلي.

أطلقت النائبتان الإيطاليّتان عن الحزب الديموقراطي فاليريا كامبانيا وأليساندرا موريتي الصرخة. وفي فيديو عبر “إنستغرام”، قالت موريتي: “اكتشفت أنّني كنت ضحيّة لموقع إباحي يرتاده آلاف الرجال، حيث نُشرت مئات من صوري منذ عام 2014. صور عُدّلت ثم أُطعمت لهؤلاء المتطفّلين الذين علّقوا عليها بعبارات بذيئة مليئة بالعنف والوحشية”.

أمّا ميلوني، التي طالتها هذه الحملة فقالت لصحيفة “إل كورييري ديلا سيرا”: “أشعر بالاشمئزاز مما حدث. إنّه لأمر محبط أن نلاحظ أنه في عام 2025، لا يزال هناك من يعتبرون أنّ من الطبيعي والمشروع انتهاك كرامة المرأة واستهدافها بإهانات جنسية وبذيئة، متخفّين وراء إخفاء الهويّة أو لوحة المفاتيح”.

وعام 2023، انفصلت رئيسة وزراء إيطاليا عن شريكها أندريا جيامبرونو بعد علاقة دامت نحو 10 سنوات بعدما أدلى بتصريحات مُتحيّزة جنسياً، تنطوي على “تمييز ضد المرأة”.

ولم تسلم شقيقة ميلوني، أريانا، السياسية البارزة في حزب “إخوة إيطاليا” من حملة الصور أيضاً. بدورها، أعلنت زعيمة المعارضة أمينة الحزب الديموقراطي إلي شلاين وسياسيات إيطاليات وقوعهن ضحايا هذه الصور والمواقع، مصحوبة بـ”تعليقات جنسية وبذيئة وعنيفة”. ومن بين المستهدفات أيضاً الممثلّة باولا كورتيليسي، التي حقّق فيلمها “الغد لا يزال باقياً” نجاحاً كبيراً عام 2023، وكان محوراً رئيسياً في توعية الناس على العنف الأسري.

 

بين التعليقات ورأي الخبراء…
عبّر كثيرون من المتابعين عن صدمتهم من هذه المواقع، معتبرين أن هذه النماذج يجب ألا تكون موجودة. في المقابل، قال أحد المتابعين: “رأيتُ إحداها بملابس السباحة عبر منصّة إكس. يا إلهي، جسدها كجسد إلهة رومانية”.

أمّا خبراء الرقمنة فأشاروا إلى خطورة التطوّر التكنولوجي في إنتاج صور مزيّفة يصعب تمييزها.

وأوضحت أستاذة الهندسة الصناعية في جامعة نابولي فيديريكو الثاني والمتخصّصة في التحقيقات الرقمية وكشف التلاعب بالصور لويزا فيردوليفا أن تقنيات الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على توليد صور جنسية مزيّفة بجودة تكاد تخدع العين، مشدّدة على أن المختبرات المتخصّصة طوّرت أدوات قادرة على رصد “الأثر الخفي للتلاعب” وتحديد مصدر الصورة الأصلي.

من جهّته، رأى خبير التواصل الرقمي والذكاء الاصطناعي ماركو كاميساني كالزولاري أن المشكلة لا تكمن فقط في سرعة انتشار هذه الصور، بل أيضاً في ضعف وعي الجمهور بقدرات التكنولوجيا، وقال: “اليوم أصبح من الضروري أن نكون واعين تماماً لقدرات الذكاء الاصطناعي – بإمكان أي شخص استبدال صوت أو وجه من دون أن يملك خبرة تقنية متقدّمة. الخداع عبر الـDeepfake لا يحتاج عبقرية، بل يكفي غياب الوعي العام”.

ورأى الخبيران أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلّب مقاربة مزدوجة: من جهّة تطوير أدوات كشف التلاعب وتحويلها إلى أدلّة جنائية، ومن جهّة أخرى الاستثمار في التثقيف الرقمي، حتى يتمكّن المواطنون من إدراك طبيعة المخاطر الجديدة بدل الوقوع ضحية حملات التشويه المنظّمة.

لدى إيطاليا قانون “الإباحية الانتقامية”، أقرّ عام 2019، ويعتبر فيه “النشر غير القانوني للصور الجنسية الصريحة” جرماً يعاقب عليه بالسجن لمدّة تصل إلى 6 سنوات.

عام 2024، رفعت ميلوني دعوى قضائية ضد أب وابنه متّهمَين بإنشاء مقطع فيديو مزيّف لها، ومن المقرّر عقد جلسة هذا الشهر. وقد تعهّدت رئيسة الوزراء بالتبرّع بأيّ مكاسب مالية لصندوق حكومي يساعد النساء ضحايا العنف. فهل تكفي الضوابط القانونية والإلكترونية لكبح هذه الظاهرة في ظلّ غياب الضوابط الأخلافية والإنسانية؟

 

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تحذير عاجل لمستخدمي آيفون: ثغرة خطيرة في “واتساب” تُعرّض البيانات للسرقة

حذّرت شركة واتساب، المملوكة لعملاق التكنولوجيا ميتا، مستخدمي هواتف آيفون من ثغرة أمنية خطيرة سمحت لمهاجمين بسرقة بيانات حساسة من أجهزة مستهدفة، داعيةً جميع المستخدمين ...