أحمد يوسف داود
غالِباً – ولِكَثرَةِ مانُعاني من مَتاعبِ حَياتِنا التي قَليلاً ماتُشْبهُ أَيّةَ حَياةٍ تَمتازُ بِما هو قَليلٌ منَ الكَرامةِ التي هيَ من أَوّليّاتِ العَيش لِكلُّ إِنْسانْ – نَلجأُ نَحنُ إلى تَزويرِ مانَتمَنّاهُ مِمّا يُمكنُ لَنا الآنَ تَزويرُهُ من مُتَطلَّباتْ: كأنْ ندّعي أَنّنا بِخَيرْ، أَو أَنّنا سَوف نَحظى بالسَّعادَةِ، أو بما يُشابِهُها من رِضى الحُكومةِ التي يُسعِدُها أنْ تَمتَحِنَ صَبرَنا على المَزيدِ من بَلاويها، حَيثُ هيَ تُنزِلُها بِنا بتَواتُرٍ تَتزايَدُ سُرعاتُ حُدوثِهِ أكثرَ مِنْ طاقَتِنا على التّحمُّلِ.. وقِسْ وعُدَّ من تلكَ البَلاوي التي تُحيلُنا – بتَسارُعٍ فَريدٍ – إِلى مُجرّدِ (ضَحايا قيدَ الإنْجازِ) شِبهِ التّامِّ، أو شِبهِ الكامِلِ، وغَيرِ المَسبوقِ في فداحةِ وَقعِهِ وتَناقُضِهِ معَ نَقصِ قُدرَتِنا على التَّحمُّلِ الفادحِ الفاضِحِ للمتبقي من قُدرتِنا على أَنْ نَستَمرَّ بالعَيشِ في الحاصِلِ الأخيرْ!.
إِنَّ الكَثرةَ الغالِبةَ ممّنْ يُدْعَونَ الآنَ (مواطنينَ!) لم تَعدْ لَدَيهِم إلا بَقايا قُدرَةٍ على أَنْ يَعيشوا بِما هو القَليلُ منَ الكَرامَةِ إلّا بِشَقِّ الأَنفَسِ، إذْ هُمْ عُموماً عاجزونَ عنْ أَنْ يَكونوا أَكثرَ مِمّا سَبقَ لَنا قَولُهُ: (ضَحايا قَيدَ الإِنْجازِ) لِحَياةٍ لاتَكادُ تُشبِهُ أَيَّةَ حياةٍ إِلّا في التّسمِيَةْ، بَينَما يَنعَمُ الفاسِدونَ بِما يَكسَبونَ منْ فَسادِهم كما يَشتَهونْ!.
هذِهِ الحالُ هي – في حقيقتها – لَيسَتْ قابلةً للاستِمرارِ ولا للحِفاظِ على البَقاءِ لِعامّةِ مَنْ يُمكِنُ تَسميَتُهم (مَوتى بِلا قُبورْ)، وليسوا، بالتّالي، بَشَراً في نَظَرِ “عِلْيَةِ القوم” مِمّنْ تَمّ تَفويضُهم بأنْ يُديروا شُؤونَ البِلادِ والعِبادْ، كما ينْبَغي لِحُكومةٍ صالحةٍ أَنْ تَفعَلْ!.
وفي الخِتامِ، رُبّما يَنظرُ إلَينا القَيِّمونَ على إدارةِ شؤونِ حَياتِنا التّالِفةِ نَظرَتَهم إلى مَخلوقاتٍ فائِضةٍ عنْ ايِّ احتياجٍ إلَيْها، وبالتّالي: لابدَّ منَ استِنزافِها قبلَ التَّخلُّصِ مِنها!.. وَيالَها منْ نَظرَةْ!.
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)