يبدو واضحًا كأشعة الشمس أنّ الكيان ومجتمع المُستوطنين فيه على قاب قوسيْن أوْ أدنى من حربٍ أهليّةٍ بين مُعارضي الحكومة ومؤيّديها، علمًا أنّ الحكومة المتطرفة والفاشيّة بقيادة بنيامين نتنياهو، تُواصِل مسيرة التشريع التي ستُحوِّل إسرائيل لدولةٍ ديكتاتوريّةٍ قائمةٍ على التفوّق اليهوديّ، وذلك على الرغم من أنّ أمس السبت شارك مئات الآلاف من الإسرائيليين في المظاهرات غيرُ المسبوقة التي عمّت جميع أنحاء الدولة العبريّة.
إلى ذلك، يستمرّ ضباط سلاح الجوّ الاسرائيليّ في عصيانهم العسكريّ، وجديدها الرسالة التي نُشرت أمس في الإعلام العبريّ لـ 1142 ضابط احتياط. كما نُشرت رسالة وقّع عليها ثلاثة من رؤساء أركان الجيش سابقًا، وثلاثة من رؤساء جهاز (الموساد) مثلهم من جهاز الأمن العام (شاباك)، بالإضافة إلى مئات الجنرالات والضباط يُعلنون فيها رفضهم مواصلة الخدمة العسكريّة في ظلّ حكومةٍ ديكتاتوريّةٍ.
وفي السياق، رأى المحلل العسكري في موقع (YNET) التابِع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، رون بن يشاي، أنّ الرسالة من شأنها أنْ تُسبّب ضررًا حقيقيًا للقدرات العسكريّة الإسرائيليّة في غضون أشهرٍ قليلةٍ.
وطبقًا لبن يشاي، المُقرَّب جدًا من قادة جيش الاحتلال، يتحقق جيش الاحتلال من هوية الموقّعين على الرسالة واحدًا تلو الآخر، بما في ذلك مئات الطيارين وأفراد العمليات والموظفين، مبينًا في الوقت ذاته أنّ “الغرض من الفحص ليس فقط التحقق من صحة وهوية الموقعين على الرسالة، بل تقييم الضرر الذي قد يحدث إذا نُفّذ تهديد الموقعين على الرسالة بالتوقّف عن التطوع للخدمة الاحتياطية إذا تمّ تمرير التشريع لإلغاء سبب المعقولية في الكنيست يوم غدٍ الإثنين”.
وعن مجالات الضرر، أوضح أنّ الموقعين إذا كانوا بالفعل من ضباط الاحتياط النشطين فيمكن الافتراض أنّ رفضهم في الحضور للخدمة سيضرّ بالمؤسسة العسكرية في ثلاث مجالات: القدرة العملياتية، والاعتبارات العملياتية، وتماسك الجيش.
ولفت الى أن الكفاءة التشغيلية ستضعف لأنّ معظم الموقعين على الرسالة هم أشخاص لديهم خبرة في 30-40 من أعمارهم ويخدمون في مناصب قيادية مختلفة، وأضاف “بعضهم بالتأكيد قادة وهم الطيارون الأكثر خبرة ومهارة، والبعض الآخر هم قادة الطاقم في الوحدات الخاصة للقوات الجوية وفي مناصب التخطيط والإدارة التشغيلية في مركز التحكم في القوات الجوية”.
وتابع “إذا لم يأتِ هؤلاء الأشخاص للتدريب على الكفاءة، وإذا طردهم سلاح الجو، فقد يكون ثمن ذلك الدم، لأنّ المهام يجب أنْ تنفذ تحت نيران ثقيلة من مضادات الطائرات يخوضها طيارون شباب وأقل خبرة، وافتقارهم لطيار كبير وذو خبرة يكون بجانبهم ليوجههم بطريقة التعامل مع المواقف غير المتوقعة والمعقدة التي يجدون أنفسهم فيها”.
وأشار المحلّل الى أن “الخبرة هي عامل حاسم في قدرة القوات الجوية على العمل، وغياب المتطوعين للخدمة الاحتياطية – وهم الأكثر نضجاً وخبرة – سيكون ملحوظاً للغاية وقد يكلفنا غاليًا”.
وأردف “في وضع لا تتعرض فيه إسرائيل للهجوم ولكن يجب عليها العمل ضد تهديد ناشئ من لبنان، فإنّ عدم كفاءة الطيارين، قد يدفع رئيس الأركان إلى التوضيح للمستوى السياسي أنّه لا يمكنه التصرف بشكلٍ صحيحٍ حتى يتم استعادة كفاءة ضباط سلاح الجو والوحدات الخاصة”، لافتًا إلى أنّ “العمليات الضرورية ستتعرض في بعض الأحيان لأضرار بالغة، وسيكون القتال والأثمان التي ندفعها أكثر صعوبة.”
كذلك وضع بن يشاي رسالة ضباط الاحتياط في سلاح الجو في خانة التهديد الخطير الذي يطال تماسك الجيش، وقال “إذا أمكن استعادة القدرات العملياتية للقوات الجوية وإعادة تأهيلها في غضون فترة زمنية قصيرة، فإن التماسك داخل “الجيش الإسرائيلي سيتضرر بشدة، لأن هناك سياسيين غير مسؤولين، يحاولون جاهدين توسيع الصدع”.
ونصح جيش الاحتلال بأنْ يتصرف بحذر مع الموقعين على رسالة ضباط الاحتياط المتطوعين في سلاح الجو، خاتمًا “يجب على الحكومة التعامل مع هذه الرسالة على أنّها ضوء تحذير أحمر وليس مثل بطاقةٍ حمراء في وجه الثور”، على حدّ وصفه.
إلى ذلك، قال رئيس جهاز الأمن الداخليّ (شاباك) السابق، نداف أرغمان، إنّ الداخل الإسرائيليّ قد يكون “على شفا حربٍ أهليةٍ”، معربًا عن قلقه إزاء التوترات الناتجة عن تمسك حكومة نتنياهو بتمرير ما تسمّيه “الإصلاحات القضائية”، رغم استمرار الاحتجاجات المناهضة لها ودخول التظاهرات أسبوعها الـ 30 على التوالي، لافتًا إلى أنّ استمرار الاحتجاجات سيدفع نحو مزيد من الفوضى، التي ستقود حتمًا لحربٍ أهليّةٍ، كما قال لإذاعة جيش الاحتلال.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم