نزار نمر
انعكس الاحتفال الانتخابي المتعدّد الأقطاب في العالم على المشهد الإعلامي اللبناني. فجأة، تحوّلت القنوات من أخبار محلّية مصحوبة بتهويل حول الوضع في الجنوب وروتينيّات انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية والمهاترات السياسية، وتطورات غزّة وطوفانها والعدوان عليها، إلى شبه قنوات إخبارية عالمية. هكذا، تصدّرت في الأسبوع الماضي أخبار الرئاسيّات الأميركية المقبلة، وخصوصاً بعد المناظرة والإطلالات التي عُدّت كارثية بالنسبة إلى الرئيس الأميركي المرشّح لدورة ثانية جو بايدن، ما استدعى حزبه (الديموقراطي) للبحث عن بدائل، وهو ما دأبت القنوات اللبنانية على الإشارة إليه مع إرفاقه بتحليلات من الغرب أو من محلّلين استضافتهم بنفسها. تبعت ذلك الانتخابات التشريعية في بريطانيا وفوز «حزب العمل»، ما تصدّر العناوين أيضاً. كذلك، أظهرت هذه القنوات اهتماماً لافتاً بالانتخابات الرئاسية المبكّرة في إيران، ليس فقط مع إعلان الفوز شبه المفاجئ للمرشّح الإصلاحي مسعود پزشکیان، بل قبل ذلك بدءاً بالمناظرة التلفزيونية على الإعلام الإيراني الرسمي، مروراً بعملية الانتخاب.
(نهاد علم الدين)
تركيا – تكلفة زراعة الأسنان بالفم الكامل قد تفاجئك تمامًا
زراعة الاسنان في تركيا
لكنّ الأكثر تصدّراً كان الانتخابات التشريعية في فرنسا، بحيث استمرّت التغطية لأيّام عدّة، متصدّرة العناوين، واستضافت القنوات المحلية أيضاً محلّلين، وراحت على اختلاف تلاوينها تبثّ تقارير حول الموضوع. طوال الأسبوع الماضي، كان الاعتقاد بأنّ اليمين الفاشي ممثّلاً بمارين لوبين وجوردان بارديلا سيكتسح الانتخابات بعد تصدّره الدورة الأولى، إضافة إلى الأزمة السياسية التي تلوح في أفق البلاد، ما أجّج النقاشات في العالم بسبب المخاوف من انعكاساته داخليّاً وخارجيّاً، بما في ذلك لبنان. لكن مع المفاجأة المتمثّلة بفوز تحالف اليسار، وأبرز وجوهه جان لوك ميلانشون، بالعدد الأكبر من الأصوات، ازداد الاهتمام لبنانيّاً، فتصدّر العناوين ابتداءً من النشرات الليلية الأحد، وثمّ المسائية الإثنين. وبدا واضحاً على غالبية القنوات أنّها تنفّست الصعداء بعض الشيء، رغم أنّ المهيمنة منها كانت تقف باطنيّاً في صفّ «معارضي التطرّف من الجهتَين».
LBCI التي تعطي منذ أسبوع أهمّية كبيرة لمختلف العمليّات الانتخابية شرحاً وتفصيلاً، افتتحت مقدّمتها مساء الأحد كما يأتي: «الزلزال لم يهدأ في فرنسا التي أفضت نتائجها إلى تعايش صعب بين اليمين المتطرّف وتجمّع اليسار، في ظلّ المفاجأة الثانية للرئيس إيمانويل ماكرون التي تمثّلت في رفض استقالة الحكومة، بعد المفاجأة الأولى بحلّ البرلمان. وهكذا فإنّ المنتظر في فرنسا مرحلة من الترقّب في ظلّ تشتّت السلطة بين الإليزيه والجمعية الوطنية». من جهتها، افتتحت «الجديد» مقدّمتها كالآتي: «تتصدّر الانتخابات العالم. دول تنقلب على حكوماتها فتغيّرها بقنابل الصوت المقرّرة. يمين ويسار ووسط وألعاب ديموقراطية مشروعة، لكنّ كل هذه الاستحقاقات من بريطانيا إلى فرنسا وإيران، وأميركا لاحقاً، يتغلّب عليها اللبنانيّون بألاعيب وفنون قتال سياسية ودينية واليوم كهربائية».
استمرّت التغطية لأيّام عدّة واستضافت القنوات محلّلين، وراحت تبثّ تقارير حول الموضوع
أمّا mtv التي لم تخفِ محاباتها لليمين في الآونة الأخيرة، فقرّرت أخذ طرف ناقد لليسار الفائز. وأتت مقدّمتها التي خُصّصت بأكملها للحدث في فرنسا كما يأتي: «في فرنسا راحت سكرة الانتخابات وجاءت فكرة الاستحقاقات. صحيح أنّ تحالف اليسار تمكّن، بالتعاون مع تحالف الوسط، من منع اليمين المتطرّف من الوصول إلى السلطة. لكنّ اليسار لم يتوحّد إلّا ضدّ اليمين، وهو لا يملك برنامجاً واحداً للحكم، كما أنّ تعاونه مع تحالف الوسط انتهى بمجرّد إقفال صناديق الاقتراع. والأهمّ أنّه لا اليسار ولا الوسط ولا اليمين يملكون ما يؤهّلهم لتشكيل حكومة. ففي البرلمان الفرنسي الجديد، لا غالبية مطلقة لأحد، ما يجعل عملية تشكيل الحكومة محفوفة بالصعاب، كما يجعل مستقبل فرنسا محاطاً بالضبابية والغموض. لهذا السبب، فانّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من رئيس وزرائه البقاء في منصبه حاليّاً باعتبار أنّ المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة ستكون شاقّة وعسيرة».
من جهة أخرى، كانت قناة France 24 الفرنسية، بنسختها الناطقة بالإنكليزية، تحت المجهر بسبب نشرها رسماً بيانيّاً غير دقيق، إذ أظهر المساحة التي يحتلّها «التجمّع الوطني» اليميني المتطرّف في مجلس النوّاب على أنّها أكبر من الرقم الموضوع على الرسم، ما فضح كون القناة توقّعت اكتساح اليمين للمقاعد ثمّ أُجبرت على تعديل الرسم تحت الضغط وعلى عجلة بعد فوز «الجبهة الشعبية الجديدة» اليسارية المفاجئ. سريعاً، ردّت القناة بأنّ الأمر كان خطأً غير متعمّد وتعمل على تحديد المسؤوليّات. لكنّ ذلك لم يغيّر من نظرة الجمهور إلى القناة، ولا الإعلام الفرنسي بشكل عامّ، وخصوصاً مع التهويل الذي قام به في الأسبوع الماضي وتضليله العالم بإعلامه ورأيه العام حول اكتساح اليمين المرتقب للمقاعد، فيما كانت مارين لوبين من جهتها تردّ الهزيمة إلى «كون الإعلام ضدّنا»، كما ادّعت!
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية