هفاف مقدسي
الدولة هي مؤسسة الشعب العامة، أي أنها يجب أن تكون ملكاً لجميع المواطنين، وليست حكراً على عائلة أو فئة معينة. في الحالة السورية، كانت الدولة مُختزلة في سلطة عائلية ضيقة، مما أدى إلى فقدانها لطابعها العام، وأصبحت وسيلة لخدمة المصالح الخاصة.
لتحقيق دولة عامة حقيقية، يجب أن يتحقق الأساس المدني لها، والذي يُعبَّر عنه عبر الحقوق الإنسانية والاجتماعية والسياسية. من أبرز هذه الحقوق:
– الحقوق الاجتماعية: مثل حق العمل وحق الحياة والحق في التعليم.
– الحقوق الفكرية: مثل حرية التفكير والتعبير وحرية البحث العلمي.
– الحقوق السياسية: مثل حق تشكيل الأحزاب والتيارات السياسية، وحق التظاهر والاعتصام السلمي.
أي هوية حزبية أو دينية تُفرض على الدولة تتناقض مع هذه المبادئ، لأنها ستؤدي إلى إقصاء جزء من المجتمع وإلغاء تنوعه، مما يتعارض مع مفهوم الدولة الحديثة.
يتحقق الأساس المدني للدولة عبر الديمقراطية، حيث يكون القانون عاماً وشاملا،ً ويضمن المساواة بين جميع السوريين في الحقوق والواجبات والكرامة الإنسانية، بعيداً عن المجالس والتكتلات الطائفية التي تقودنا إلى الخصخصة والابتعاد عن مبدأ الكفاءة.
أما السلم المجتمعي، فلا يمكن فرضه بالقرارات فقط، بل يجب أن يكون ثمرة عمل اجتماعي حقيقي يهدف إلى:
– كسر الحواجز بين الفئات المختلفة.
– تعزيز الطمأنينة بين الأفراد والمجتمعات.
– تفكيك الخوف السائد نتيجة الانتهاكات
– تفعيل الاقتصاد وتشجيع العمل والإنتاج لتحقيق الاستقرار.
بهذا، يمكن بناء دولة سورية مدنية ديمقراطية، قائمة على مبادئ المواطنة والعدالة، بعيدًا عن الاستبداد والتفرقة.
إن بث الطمأنينة في المجتمع يبدأ من مدارسنا، حيث يمثل أطفالنا وشبابنا حجر الأساس في مستقبل سوريا. من الضروري أن يدركوا منذ الآن أنهم جزء لا يتجزأ من إعادة بناء وطنهم، وأن دورهم لا يقتصر على التحصيل العلمي فقط، بل يمتد إلى الشراكة في العمل والتأسيس.
سوريا، أرض التاريخ والحضارة، تواجه اليوم اعتداءً صارخاً على إرثها العريق، حيث تتعرض مواقعها الأثرية وغير الأثرية لعمليات تنقيب غير شرعية تطال كافة المحافظات. هذا النهب المنظم لا يسرق فقط القطع الأثرية، بل يحرم الأجيال القادمة من تراثها وهويتها. لقد امتدت هذه الاعتداءات إلى مواقع أثرية هامة مثل عمريت، وأصبحت القطع الأثرية السورية تباع على الإنترنت، مما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات حازمة لحماية هذا الإرث الوطني.
(اخبار سوريا الوطن ١-صفحة الكاتبة)