آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » طرطوس.. ومجلس الشعب القادم

طرطوس.. ومجلس الشعب القادم

 

هفاف مقدسي

سررت بالمشاركة مع جموع من أهالي مدينتي طرطوس في الجلسة الحوارية مع اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب كأول مجلس شعب بعد سقوط نظام الأسد.

خلال الجلسة تم تقديم شرح وعرض للقانون والآلية المتبعة في تشكيل المجلس والتأكيد على أن هذا القانون هو المتاح والملائم للواقع السوري المعقّد والمختلف تماماً عن أي دولة أخرى.
فنحن اليوم في مرحلة انتقالية استثنائية تفتقر إلى إحصاء ديموغرافي دقيق، وهناك سجلات تم حرقها وتخريبها ،
كما تفتقر إلى أحزاب أو تكتلات سياسية ناضجة يمكن أن تكون مظلة للمرشحين، إضافة إلى تغييب عدد كبير من المهجرين خارج البلاد وداخلها وهم ليسوا مسجلين في دوائر السجل المدني.
لذلك، كانت الحاجة ماسة إلى صياغة قانون هجين ومؤقت يستطيع أن يوازن بين متطلبات الاستقرار الوطني والضرورة التشريعية في هذا الظرف الخاص، ريثما تُهيأ الظروف الدستورية والمؤسساتية اللازمة لنظام ديمقراطي متكامل.

وأوضحت اللجنة أن كل المواد والمقترحات التي عُرضت ليست نهائية ولا مغلقة، بل هي مسودة أولية قابلة للتعديل والتطوير،
وأن الهدف من الجولة في المحافظات هو جمع الآراء والملاحظات من المواطنين والفعاليات والنخب، من أجل الوصول إلى صيغة قانونية شاملة تعبر عن أوسع توافق ممكن.
هذه النقطة مهمة جداً، لأنها تبيّن أن ما نناقشه ليس أمراً مفروضاً، بل فرصة حقيقية للمشاركة في صناعة شكل المجلس القادم.

كما استمعت اللجنة خلال الجلسة لمداخلات أكدت على أهمية نزاهة وكفاءة أعضاء المجلس والهيئات الناخبة، مع استبعاد كل من ارتبط بالنظام السابق أو حزب البعث، أو يحمل جنسية مزدوجة( الإيرانية) ،
والاهتمام بتمثيل المهجّرين، والنساء، وذوي الشهداء والمصابين، على أن يكون التمثيل حقيقياً وفاعلاً وليس شكلياً أو فخرياً.

وأكدت اللجنة أنه مجلس مختلف يتطلب تفرغاً تاماً ومسؤولية مضاعفة
فمن سيتولى عضوية مجلس الشعب في هذه المرحلة الحرجة يجب أن يكون مستعداً للتفرغ شبه الكامل لهذه المهمة، لأن المجلس القادم سيكون في حالة انعقاد شبه دائم،نظراً لحجم التشريعات والمهام المتراكمة التي يجب إنجازها بسرعة، فبسبب غياب المجلس التشريعي لفترة طويلة، نتج فراغ دستوري وعرقلة عمل الوزارات، وتأخير تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
لذا، يجب أن يكون القادمون لهذا الدور مستعدين لعمل مكثف وجاد بالطاقات القصوى.

🔹 من جهتي قدمت مداخلة في الجلسة أكدت فيها أن هذا الاستحقاق هو من أكثر اللحظات حساسية منذ لحظة التحرير، لأنه لا يقتصر على مجرد تشكيل مجلس، بل هو تجسيد وصورة للعقد الاجتماعي الجديد بين الدولة والمجتمع. فالمجلس القادم يجب أن يكون صوت الشعب الحقيقي،
لذلك وجب التأكيد على الشروط والمعايير الواجب توافرها في الهيئة الناخبة والأعضاء من كفاءة وعدم ارتباط بالنظام البائد او حزب البعث.

طرحت كذلك تساؤلات تتعلق بـالمهجرين قسراً داخل البلاد وخارجها: كيف سيتم تمثيلهم؟ هل ستُفتح مراكز اقتراع لهم في السفارات؟ هل سيتوفر لهم التصويت إلكترونياً؟ وما هي آليات الإحصاء التي سيتم اعتمادها؟ هل عبر شهادات حيّة؟ أم عبر منظمات معتمدة؟ أم وفق قواعد بيانات رسمية؟
خاصة ان معظمهم غير مسجلين في سجلات القيد المدني.

كما اقترحت على الحضور ، وبخاصة مع من سيكون منهم في المجلس، أن تُعقد جلسات دورية مماثلة لهذه الجلسة ، لضمان التواصل المباشر والمنتظم مع الفعاليات والنخب في المدينة، كي تبقى صلتهم حيّة ومباشرة معهم ومع المجتمع المحلي، وليبقوا على تماس دائم مع الحاجات الفعلية للناس.

سؤالي الاخير خانتني الذاكرة
نتيجة مقاطعتي ولكن بعد ختام الجلسة سألني الدكتور محمد طه أحمد إن كنت قد استحضرت السؤال والذي كان عن مدى صلاحيات المجلس في متابعة ومساءلة اللجان الوطنية، مثل لجنة تقصّي الحقائق بأحداث الساحل ، ولجنة السلم الأهلي، ولجنة المفقودين، ولجنة العدالة الانتقالية، فكان الرد بأن للمجلس صلاحيات كاملة في المتابعة والمساءلة والتصويب إذا دعت الحاجة.

ختاما اقول: لقد أكدت طرطوس البارحة أن هذه المدينة ليست على الهامش في المعادلة الوطنية.
طرطوس هي قلب سوري نابض، يحتضن النخب والشباب والمثقفين والمضحين والوطنيين.
اليوم، طرطوس تطالب بحقها في التمثيل العادل، والتنمية، والقرار، والمشاركة الحقيقية في بناء سوريا الجديدة.

هذا هو الاختبار الأول لعلاقتنا الجديدة كدولة وشعب، فلنكن جميعاً على قدر هذه المسؤولية.

 

 

 

(اخبار سوريا الوطن 2-صفحة الكاتبة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

85 جسراً مدمراً في سورية تم صيانة 40 جسراً منها وبقي 45…”ماتيير” سيتم تنفيذ صيانة 37 جسراً بكلفة صفر على الوزارة عبر منح من دول صديقة

  دمشق:سليمان خليل قال مدير النقل البري في وزارة النقل م. علي اسبر إن عدد الجسور المدمرة في سورية بلغ خلال ال10 سنوات الماضية 85 ...