بشرى حاج معلا:
عندما يكون الإبداع مطلباً حضارياً فهو ينمي فينا حس الجمال، هو ليس ترفاً بل ضرورة من ضرورات البناء، ومقياس من مقاييس تطور الأمم، ودليل على التقدم الحضاري، والدافع لأي تقدم علمي أو فكري أو فني في الوقت الذي أصبح حاجة ملحة لتلبية متطلبات المجتمع اليوم.
مبادرات وإبداعات قدمها ويقدمها طلاب الهندسة التقنية في طرطوس بأبسط الإمكانيات عبر مشاريع إبداعية لتتصدر حاجات تقنية خدمية نحتاجها جميعاً اليوم في سوقنا المحلية.
ولا يتوانى طلاب هذه الكلية عن تقديم ما هو قيم وتحويل كل مشاريع التخرج إلى مشاريع إنتاجية بدءاً بمشاريع توليد الطاقة الشمسية وضخ المياه وليس انتهاء بتطوير الأعمال الهندسية لتصبح آلات يمكن الاعتماد عليها في الإنتاج عوضاً عن الاستيراد.
وفي هذا الإطار كان للثورة الجولة الاطلاعية للإضاءة على هذه المشاريع وآلية تنفيذها.
جهود الطلاب والأساتذة..
محمد اسكندر أحد طلاب الكلية تحدث عن مشروع تخرجه بقوله: إن جميع الأعمال التي نقوم بها هي نتيجة جهود وخبرات من الكلية وإبداعات شخصية من قبلنا، ومشروعي هو عبارة عن آلة لزراعة البذور ضمن صواني التشتيل وهي آلة زراعية تساعد في عملية التشتيل بشكل أسرع وأكثر دقة وأسهل من الطريقة التقليدية، مضيفاً ان المشاريع المقامة من قبل طلاب الكلية كثيرة ويتم العمل عليها بكل دقة وتحظى بجوائز عالمية أيضاً، وهناك العديد من الطلاب لديهم ابداعاتهم الشخصية وبأقل الإمكانيات المتوفرة.
تلبي حاجة السوق..
الدكتور ثائر ابراهيم أشاد بدور طلابه ودور الكلية في تقديم كل ما هو عملي، وبالتالي الخروج إلى مشاريع عملية تلبي حاجة السوق المحلية، ولفت بقوله إن كل مشاريع التخرج هي مشاريع قابلة للتنفيذ كما أن طلابنا متميزون ومنافسون على المستوى العالمي رغم قلة الامكانيات والأدوات، حيث قام بعض طلابنا بتحويل مشروع تخرج إلى مشروع إنتاجي (إنتاج الكمامات والماسكات، طابعات ثلاثية الأبعاد) كما نتطلع لمشروع آخر ليصبح إنتاجياً وهو مشروع (آلة زرع البذور بصواني التشتيل) إضافة إلى مشروع حيوي ومهم جداً وهو (ضخ المياه بالاعتماد على الطاقة الشمسية) والاستعاضة به عن الكهرباء، وهذا يعطي خدمة كبيرة في الإنتاج الزراعي وتحديداً في الظروف الراهنة، إضافة إلى مشاريع كثيرة يقوم بها طلابنا ضمن الإطار الخدمي ومطالب السوق المحلية.
دور الكادر التدريسي في توجيه الطلاب
الدكتورة ميساء شاش عميدة كلية الهندسة التقنية بطرطوس أوضحت أيضاً أن كل المشاريع هي مقامة ضمن الخطة الدراسية في الكلية، حيث يكلف الطلاب بإعداد المشاريع سواء أكانت تطبيقية أم تخرج في السنوات الأخيرة، وهنا يبرز دور توجيه الأساتذة في انتقاء المشاريع المتناسبة وفق متطلبات السوق المحلية، وعلى سبيل المثال لا الحصر في مجال الأغذية هناك مشاريع استراتيجية مثل (تحسين نوعية الخبز – صناعة المكملات الغذائية – تصنيع كافة أنواع الأجبان بمواصفات عالمية إضافة إلى تصنيع الأغلفة الحيوية).
مشاريع توليد الطاقة..
أما في مجال الطاقة والصناعة فهناك الكثير من المشاريع المنفذة والتي تدرس من جهة جودة الطاقة من جهة وتوليد الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الطاقة الشمسية – طاقة الرياح- الوقود الحيوي من جهة أخرى ويمكن أن تكون نواة لمشروع تزويد الشبكة بالطاقة الكهربائية واغلب هذه المشاريع يتم إنجازها في مخبر بحوث الطاقة التابعة للكلية ويتم تطوير هذه المشاريع لربطها مع الشبكة العامة للكهرباء وذلك إذا تم تبني هذه المشاريع وتأمين الدعم المالي لها.
مشاريع مكننة زراعية..
أما في مجال المكننة الزراعية فيتم العمل بتحسين خدمة التربة من خلال مشاريع تدرس طرق قلب التربة وتفتيتها لتصبح أفضل للزراعة من خلال تطوير وابتكار أدوات حراثة، وكذلك العمل على تطوير طرق الزراعة بدءاً من التشتيل وحتى آلات الحصاد و الجني.
تصنيع أطراف..
إضافة إلى المشاريع المذكورة فقد أبدع طلابنا في المجال الطبي ( تصنيع طرف علوي تم إنجازه بآلات تم تصنيعها من قبل الطلاب وهي طابعة ثلاثية الأبعاد وآلة ” CNC” )
حصلت على جوائز..
كما لفتت شاش إلى أن المشاريع الطلابية حققت العديد من الجوائز العلمية في معرض الباسل للإبداع والاختراع، وأيضاً في مشروع قفزة الذي يتم كل عام بالتنسيق بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومنظمة الامم المتحدة UNDP
معاناة ومطالبات..
وأضافت شاش: إن طلاب الكلية يعانون من واقع البناء الذي يضيق بطلابه وأساتذته، متمنية تسريع وتيرة العمل في مشروع مبنى الكلية الجديد على الأرض المستملكة لصالح الجامعة، والأمر الثاني يتعلق بالابتكارات حيث تمنت شاش من وزارة التعليم العالي تبني هذه المشاريع وتمويلها واستثمارها، من خلال توجيه الشركات والقطاع الخاص لتبنيها وفق آليات معتمدة من الوزارة والجامعة.
وليس آخراً..
في النهاية.. يمكننا القول إن العمل الإبداعي عندما يحمل الجديد إلى الناس والحياة، فهو يُشكل إضافة نوعية حقيقية للمجال الذي ينتمي إليه، ويؤثر تأثيراً جاداً وواضحاً في البيئة المحيطة كما يسهم في تطوير الحياة والمجتمع والناس، ويخطِّط لمستقبل أفضل في ظل كل الظروف الضاغطة والإمكانيات المتواضعة ليثمر بجهود الجميع إبداعاً عملياً متجلياً بإنتاج محلي نستبدل به كل الخبرات والأجهزة الخارجية المستوردة.
(سيرياهوم نيوز-الثورة27-12-2020)