| حسين فحص
تتألق المنتخبات الآسيويّة، وعلى رأسها اليابان، خلال المونديال الحالي. أداء لافت ونتائج إيجابية وضعا «الساموراي الأزرق» في مراكز متقدمة ضمن السباق نحو اللقب، على أن تشكل مباراة اليوم أمام كرواتيا (17:00 بتوقيت بيروت) أهم الاختبارات
خلال السنوات الماضية، اشتُهر المنتخب الياباني لكرة القدم بمشجعيه، ولاعبيه في غرف تغيير الملابس أكثر من شهرته داخل المستطيل الأخضر. جمهور ينظف المدرجات بعد كل مباراة، ولاعبون يعيدون غرف تبديل الملابس كما كانت قبل اللقاء. ولكن الصورة خلال مونديال قطر الحالي تطورت، فالتميز خارج الملعب انسحب إلى داخله أيضاً.
تطور المنتخب الياباني فنياً، وشكلت حركة الاحتراف في الدوري الألماني تحديداً العلامة الفارقة.
تعود المودّة بين الألمان واليابانيّين إلى عام 1964، بعدما شارك المدرّب الألماني الرّاحل ديتمار كرامر في استعدادات المنتخب الياباني في أولمبياد ذلك العام، ليلقّب حينها بـ«والد الكرة اليابانيّة». بدأت بعدها حركة نزوح اليابانيين إلى «البوندسليغا» وكثرت مع بداية الألفية الحالية.
عوامل عديدة ساهمت في نجاح أبناء اليابان في ألمانيا، أهمها قرب «فلسفة اللّعبة» بين الشّعبين، وإعطاء الأولويّة للعب الجماعي دون إغفال الانضباط والنّظام.
وبفعل معرفة «التنانين» بأسلوب لعب «المانشافت»، فازت اليابان على ألمانيا في المباراة الافتتاحية بهدفين لهدف. خسر «الساموراي الأزرق» بعدها أمام كوستاريكا، لكن الفوز على إسبانيا جعل اليابان تتأهل إلى الدور الثاني أمام الوصيفة إسبانيا، ووصلت إلى مكان لم يصله الألمان أنفسهم.
شكّلت حركة الاحتراف في الدوري الألماني العلامة الفارقة بالنسبة إلى اليابانيين
مباراة إسبانيا شهدت عودة اليابان للمرة الثانية بالنتيجة ضد أحد المتوّجين السابقين في كأس العالم والمنافسين بشكل دائم، ما يعكس العقلية القوية.
هو مسار تاريخي تعكسه فرحة الجماهير في شوارع طوكيو وغيرها من المدن. ونشر بعض المشجعين رسومات «المانغا» والتنانين الداعمة للفريق. التأهل إلى الدور الثاني لاقى أصداءً سياسية أيضاً، حيث أكّد رئيس الوزراء فوميو كيشيدا اتصاله هاتفياً بمدرب اليابان هاجيمي مورياسو ورئيس الاتحاد الياباني لكرة القدم كوزو تاشيما لتقديم التهاني.
تطمح اليابان إلى أن تشهد قطر على إنجاز جديد لها في عالم المستديرة ببلوغ الدور ربع النهائي للمرة الأولى، وهو أمر قابل للتحقيق في ظل المنظومة الرائعة للمنتخب. ورغم الافتقار إلى شخصية قيادية مثل تشينجي كاغاوا أو كيسوكي هوندا، إلا أن كوكبة اللاعبين الشباب بقيادة المدرب هاجيمي مورياسو، تجعل اليابان قادرة على الذهاب بعيداً.
الفريق متوازن في كل الصفوف، ويضم كل خط أسماء لامعة. نجم الهجوم هو تاكومي مينامينو الذي انتقل إلى صفوف ليفربول في موسم 2019/2020. يمثل لاعب موناكو الحالي عنصراً أساسياً في تشكيلة المحاربين، ويُشهد له بتقديم أداء لافت في التصفيات وصولاً إلى النهائيات.
في خط الوسط الهجومي، يبرز دياتشي كامادا الذي ساهم الموسم الماضي في تتويج فريقه آينتراخت فرانكفورت الألماني بأول لقب أوروبي له منذ 42 عاماً، عندما فاز بالدوري الأوروبي. قدرة عالية على التحكم بالكرة ورؤية ثاقبة على أرض الملعب أعطتا المنتخب أفضلية أمام ألمانيا وإسبانيا.
في الخط الخلفي، يتألق المدافع تاكيهيرو تومياسو الذي يلعب مع آرسنال. عادةً ما توكل إلى تومياسو مهمة الظهير الأيمن، بينما يشغل مركز قلب الدفاع مع المنتخب الياباني. وتبرز عناصر الخبرة، أمثال مايا يوشيدا (34 عاماً) ويوتو ناغاتومو (36 عاماً).
هو منتخب طموح يعتمد على دمج الشباب بالخبرة، سوف يصطدم اليوم بوصيفه كأس العالم خلال النسخة الماضية. اختبار حقيقي يعطي صورة أوضح عن مدى جاهزية اليابان الفنية والذهنية.