|ريانة بسام اسماعيل
بين ضبط الأسعار في السوق وعدم المقدرة على ضبط ارتفاعها ..اضحى شراء المواد الأساسية والبسيطة مشكلة حقيقية تشكّل اكبر هم من هموم المواطن
فمن الموسم للاخر ترتفع الأسعار أضعافاً مضاعفة وبين الحين والحين تقوم الحكومة بمحاولة لرفع الدخل قليلاً على أمل أن يجاري ارتفاع الأسعار التي ترتبط غالباً بالاسعار العالمية و لا يمكن السيطرة عليها إلا أنه فرق شاسع مابين أسعار المواد والمنتجات المتنوعة المستوردة أو المحلية وبين دخل المواطن بغض النظر عن طبيعة عمله فالمشكلة ليست فقط عند الموظف في الدولة وانما في العمل بأي قطاع إذا تحدثنا عن الدخل النظامي والقانوني.
العذر أقبح من الذنب
حتى التاجر دخله ليس حرّاً ولا يستطيع أن ينأى بنفسه عن المشاكل التي يعاني منها كل مواطن ولكن لابد أن هناك مشكلة غير الارتفاع العالمي للأسعار وهو رفع الأسعار بشكل مبالغ به من قبل بعض التجار ولكي نستطيع تفسير الأمر قمنا بجولة في أسواق طرطوس على محلات المفرّق وجدنا أن التجار يبيعوا المواد بأسعار زائدة وبدون وجود فواتير نظامية وفي سبيل التحقق بشكل واضح اخبرنا س.ع وهو تاجر مفرق عن مشكلته وتبريره لرفع السعر قائلاً: نعم لا يوجد عندي شيء نظامي لان التموين لا يعطينا نشرات الأسعار لكي نبيع على أساسها كما أن الأجور مرتفعة بكل شيء النقل والضرائب والمواد عند شرائها من جديد وهي أصلا من الموزع تصل إلينا مرتفعة..مضطر أن أرفع الأسعار لكي لا أخسر وبعض الاحيان أخسر ولا أستطيع أن أفعل مثل غيري من التجار…المواطن لديه الحق كل شيء غالي وبعض المواد لا أشتريها وهي مرتفعة بعد نفاذ الكمية من عندي ولكن ليس هناك حلّ.. ماذا أفعل أكثر من ذلك؟ “
كما أكد عدد من التجار أن (التموين) لا يعطيهم نشرات وأنهم يقومون بتسعير المنتجات وفق أسعار تاجر الجملة الذي يبيعهم بسعر مرتفع _على أساس أن العذر مقنع_ التاجر يستطيع معرفة السعر المحدد ويلتزم به إذا أراد ذلك إلا أنه يرى أن القوانين غير منصفة له فيقدم الأعذار و بالنسبة للمواطن هذه الاعذار ظالمة بحقه وله الحق بذلك فكل طرف يبرر لنفسه عندما تستحيل الحلول لديه والمشكلة أنه ليس ثمة حلول فعليّة سوى المخالفات.
الربح غير كاف والنتيجة استغلال
في سبيل الرد على شكوى التجار وتبريراتهم أجابنا سالم ناصر مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس عن حقيقة عدم إعطاء نشرات بالقول: كلامهم غير صحيح حيث توجد نشرات من قبل التموين ..يوجد نشرة نظامية من قبل الوزارة وتصدر نشرات الخضار واللحوم مرتين في الأسبوع وتعمم على الأسواق والمكتب الإعلامي في المحافظة وبدورها تعممها على الوحدات الإدارية كما يوجد لدينا مقسم ودائرة الأسعار لكل من يريد أخذ النشرة ومعرفة الاسعار من التجار ..فإذاً ليس لديهم عذر ..وتجار الجملة أيضاً لديهم نشرة المواد الأساسية التي يتم تحرير الفواتير على أساسها …
وأضاف:الذي يحدث الآن بالسوق أن بعض التجار يقوموا بتحرير الفاتورة ورفع الأسعار ونحن نقوم بضبطها عبر دورياتنا المنتشرة في حال عدم وجود فاتورة تتم المخالفة ( عدم حيازة فاتورة) أو بالتصريح عن اسم تاجر الجملة الذي أعطاهم البضاعة بدون فاتورة ونقوم بمخالفته ..ضبط تاجر الجملة يكون غرامة مادية كبيرة وسجن أما ضبط تاجر المفرق فيكون ضبط مصالحة
كل المواد بالسوق تخضع لبيان تكلفة يحتوي على المواد الأساسية الداخلة في المُنتج والأجور والعمالة وأجور النقل وعلى أساسه يوضع هوامش ربح للمنتج والموزع وتاجر المفرق ..الارتفاع بالاسعار له سببين الاول ارتفاع الأسعار عالمياً وهو سبب رئيسي والثاني هو الارتفاع غير المنطقي نتيجة طمع بعض التجار واحتكار المواد وهذا ما نقوم بمتابعته”
*يبدو مايفعله التاجر استغلال للمواطن وهو واقعياً كذلك إنما من وجهة نظر التجار المشكلة تكمن أيضاً في الربح القليل المحدد لهم قياساً مع غلاء المعيشة وارتفاع أجور النقل وغيرها هكذا يبرر التاجر لنفسه.
المشكلةليست فقط من البائع أو الشاري أو حتى المصنع والمستورد إنما عدة مشكلات مترابطة تشكل حلقة مفرغة وبالتالي يصعب على الفرد حلّها.
اكثر المخالفات (سعر زائد)..
وذكر ناصر -بخصوص عدد المخالفات والضبوط لهذا العام بأشهره الثلاثة لعلنا نقيس من خلالها ظاهرة ارتفاع الأسعار الكارثية التي حدثت في الفترة الأخيرة- ان المديرية نظمت 1200 ضبط خلال الأشهر الثلاثة الماضية التي تم فيها التشديد والتدقيق لمنع رفع الأسعار وهي متنوعة بين عدم حيازة فاتورة وعدم الإعلان عن الاسعار ومواد مجهولة المصدر وكثرة ضبوط الزيادة في السعر إضافة لنقص الوزن وغش بالكيل أو سوء نوعية الخبز هذا بالنسبة للمخابز ومحطات الوقود”.
عزوف عن الشراء
الجهات المعنية تفرض الشكل القانوني للمحاسبات والتاجر يدافع عن موقفه أما المواطن فيجد أن الحل الوحيد هو أن ينصرف عن شراء المواد مرتفعة السعر و يستغني عن معظم المواد الأساسية لانه لا يستطيع أن يشتريها هكذا قالت السيدة س.ا عند سؤالنا لها عن ظاهرة ارتفاع الأسعار وكيفية تعايشها معها ” انا متزوجة ولدي ثلاثة أولاد وزوجي موظف ..اعمل في طرطوس واعود للقرية كل يوم واكثر من ربع الراتب يذهب أجور الطرقات ..وكل شيء غالي الخضار والفواكه واللحوم والبيض وبعض المواد لا نشتريها ففي كل يوم يرتفع السعر قليلاً وكل تاجر يبيع بسعر.. ولم يعد بإمكاننا شراء الأشياء كما كنا في الماضي”
ونخلص للقول ان الوضع الراهن معقّد بعض الشيء وتغييره يحتاج لجهود حقيقية وقرارات حكيمة ومتابعات جادة من الجهات المعنية وصولاً لسد الثغرات وتحقيق مصلحة جميع الأطراف وتخفيف أعباء الحياة عن عاتق المواطن.
سيرياهوم نيوز3 -3-4-2022