إلهام العطار
كلمات نابية مؤذية للسمع، ضرب مبرح يصل حد الركل بقوة، تخريب للأثاث والتجهيزات المدرسية، رمي القمامة بالشارع أو المدرسة من دون الإحساس بالذنب، هذه المظاهر وغيرها التي تتسم بالعنف والعدوانية باتت صوراً نلاحظها يومياً أثناء دخول أو خروج الطلبة من المدارس! والتساؤل الذي يطرح نفسه بقوة: ما أسباب ودوافع السلوك العدواني بين طلبة المدارس على اختلاف مراحلهم، وهل هناك من آليات للتخفيف من هذا السلوك، والأهم ما هو دور الأهل والمدرسة؟
حول تلك الظاهرة يقول الاختصاصي النفسي عبد الرحمن دقو: السلوك العدواني في المجتمع هو سلوك يحمل أذى سواء للذات أو للآخر أو لما يحيط بالفرد، سواء كان الأذى جسدياً أو لفظياً أو نفسياً، أو أعمال تخريب أو انتهاكاً لحدود الآخرين، ما يسبب خروجاً عن السلوك الطبيعي الذي اتفق عليه المجتمع عبر تنظيمه وقوانينه وتشريعاته، ويظهر السلوك العدواني بشكل واضح في المدارس بين المتعلمين سواء عبر سلوك عدواني فيما بينهم وأشكال التعامل المؤذية وغير المنضبطة أو عبر أشكال التنمر أو بسلوك تخريبي يعبث بالأثاث المدرسي، والممتلكات المدرسية وحتى الكتاب الذي يتعلمون به، ويمكن ملاحظة السلوك العدواني للطلبة وارتفاع نسبته بينهم وضمن الأنشطة التعليمية وأثناء استراحتهم وتشمل خروجهم من المدرسة بأشكال عنف جسدي ولفظي وأخلاقي أحياناً.
وفيما يتعلق بأسباب السلوك العدواني يوضح الاختصاصي دقو: هناك أسباب متعددة ومتباينة للسلوك العدواني لدى الطلبة الذي يشكو منه الأهل والمعلمون والمجتمع منها؛ أولاً: ثقافة الأسرة ومستوى وعيها التربوي والاجتماعي، وآلية التواصل فيما بينها وإدارة الأزمات التي تعيشها، ثانياً: المجتمع وما يحمله من ثقافة وعادات، وأشكال وحلول و الصراعات والخلافات والنزاعات الاجتماعية في ظل أزمات وصدمات مادية ونفسية يعيشها بشكل يومي، يضاف إلى ذلك منظومة العلاقات الاجتماعية ومستوى الالتزام بها واحترامها وخلوها من الفساد والظلم والاستهتار ومستوى المحاسبة وتطويرها بما يضمن حماية الطفل والمرأة وضحايا التخلف والعادات الاجتماعية التي تعوق السلم الأهلي والتكيف الاجتماعي، ولا يمكننا أن نغفل دور الحروب والكوارث والصدمات والإجراءات الاقتصادية القسرية والنفسية على سورية وما تخلفه من إعاقات نفسية وجسدية وفكرية وتصدع في المنظومة الأخلاقية للفرد والمجتمع.
ورداً على سؤاله عن آليات تجنب السلوك العدواني في المدارس لفت الاختصاصي النفسي إلى أن الأمر يتطلب بحوثاً علمية متخصصة، ينتج عنها خطط وبرامج فعلية يستند إليها أصحاب القرار، لتجاوز ومعالجة ظاهرة العنف عموماً والسلوك العدواني، إلا أنه في معرض الحديث عن انتشار هذه الظاهرة يمكن القول إن هناك بعض الأمور التي تسهم في تخفيف السلوك العدواني للطلبة تقف الأسرة في مقدمتها، فهي تلعب دوراً أساسياً في ضبط سلوك الأبناء ومتابعتهم، والتعاون مع المدرسة بشكل حقيقي، يأتي بعدها المؤسسات التربوية، والتي يتمثل دورها في التخفيف من عدد الطلاب في الصفوف عموماً وفي المقعد الدراسي خصوصاً وفي إعداد دورات إرشادية تساهم في الدعم النفسي والتربوي للمعلم والمتعلم ، وفي تفعيل وتدوير الموجهين التربويين ضمن المدرسة، أيضاً ولمواجهة ظاهرة العدوانية تلك لا بد من رفع المستوى الاقتصادي للأسرة وللمعلم لمواجهة الضغوط والأزمات النفسية والمادية المختلفة، ودعم المدارس والعملية التعليمية من خلال توفير احتياجاتها ومتطلباتها من ملاعب ووسائل تعليمية حديثة، وبرامج ترفيهية مدروسة وأنشطة تربوية منتجة وتخفيف أو تعديل في الأعباء التعليمية، سواء في المناهج أو الوظائف والواجبات المدرسية، وتحديث الأبنية المدرسية ومساحتها وأشكالها وأقسامها والعمل على الاستفادة من أشكال التطوير التربوي في العالم بكل ما يتصل بالعملية التعليمية، وأخيراً لا بأس من دعم غذائي للطلاب في ظل وجود العديد من الأطفال غير القادرين على تناول وجبة فطور، تعينهم وتحميهم من التوتر والقلق الذي يظهر على شكل سلوك عدواني يأخذ مظهراً مستديماً فيما بعد.
سيرياهوم نيوز 6 – تشرين