القاهرة | بعيداً عن الإعلام، عقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين في قطاعات عدة، لبحث أزمة تكرار انقطاع التيار الكهربائي والغضب الشعبي الذي رصدته التقارير المرفوعة إلى مكتبه في الأيام الماضية، بحسب ما كشفت مصادر مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار»، مضيفةً أن السيسي طالب المسؤولين بالعمل على إنهاء الأزمة في أسرع وقت نظراً إلى تداعياتها المتصاعدة.
ووفق المصدر، أسفر اجتماع السيسي عن قرارات عدة، بوشر بتنفيذها بشكل عاجل، وفي مقدمتها استيراد مازوت من الخارج لتشغيل بعض المحطات من أجل توفير كميات إضافية من الطاقة، لترتفع معدلات ضخ المازوت بالفعل إلى 34 ألف طن في محطات الكهرباء بعدما بلغت 20 ألفاً فقط قبل بداية الأزمة. أما القرار الثاني، فتمثل في تقليل توريد الغاز إلى مصانع الأسمدة خلال الأيام المقبلة بنسبة 20% على الأقل وتوجيه هذه النسبة إلى وزارة الكهرباء، ما من شأنه ليس فقط أن يؤثر على إنتاج المصانع من الأسمدة، بل سيطاول مصانع أخرى، قد تشمل مصانع البتروكيماويات. وعلى أرض الواقع، بدأت مفاعيل القرارات بالظهور تباعاً بعد أن ساهمت في تقليل حدة انقطاع التيار بالفعل، ليراوح الانقطاع حالياً بين 3 و4 ساعات متقطعة على مدار اليوم في مختلف المدن المصرية، باستثناء القاهرة حيث باتت تنقطع الكهرباء لفترات أقل.
لم تكُن تصريحات المسؤولين المصريين عن حلول قريبة للأزمة سوى مادة للاستهلاك الإعلامي
مع ذلك، وعلى عكس جميع التصريحات السابقة لرئيس الحكومة، مصطفى مدبولي، تواصلت الأزمة، وستبقى مستمرة حتى الأسبوع الثالث من شهر آب المقبل على الأقل، وفق تقديرات المصدر، الذي أكّد أن حلّها الفوري سيُكلّف الحكومة خسارة ملايين الدولارات، إذ تحتاج وزارة الكهرباء يومياً إلى توفير نحو 135 مليون متر مكعب من الغاز، و10 آلاف طن من المازوت. وفي السياق، ستوفّر الوزارة 117 مليون متر مكعب، يومياً، في مقابل 111 مليون متر مكعب أُتيحت بصورة يومية حتى الأسبوع الماضي، ما يؤدّي إلى عجز بنحو 18 مليون متر مكعب يومياً، سيتم تعويضه بتخفيف الأحمال بشكل دوري، بحسب المصدر. وعن أسباب الأزمة، قال المصدر إن تقديرات وزارة الكهرباء المُسبقة للاحتياجات من الغاز والمشتقات البترولية لتشغيل المحطات الكهربائية لم تتوقّع القفزة الكبيرة في الاستهلاك اليومي للمواطنين، والتي أتت نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأحمال بصورة غير مسبوقة، فضلاً عن تعثّر تحقيق الأهداف المرجوّة لزيادة الإنتاج لمحطات الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة النظيفة التي كان يفترض أن تساهم بنحو 20% من الاستهلاك.
في كلّ الأحوال، لم تكُن تصريحات المسؤولين المصريين عن حلول قريبة للأزمة، سوى مادة للاستهلاك الإعلامي حتى التدخّل الرئاسي الأخير بعدما عمّ الغضب الأوساط الشعبية، إلى جانب السخرية التي سادت إزاء المشاريع الكهربائية التي توسعت الدولة فيها أساساً بهدف تأمين إنتاج كان يُراد له أن يفوق الاحتياجات الحالية بأكثر من 40%. ولم يكتفِ مسؤولو الحكومة بإطلاق تلك الوعود، بل فاخروا بعدم تعرّض أي محطة كهربائية، ضمن الشبكة، لمشكلات تقنية نتيجة زيادة الأحمال وتحملها الطاقة القصوى، مشيرين إلى جاهزية التعامل مع مختلف حالات الطوارئ. ويُضاف إلى ذلك، تعرُّض الحكومة لانتقادات جراء سياسة «الكيل بمكيالين»، نتيجة عدم قطع الكهرباء في مدينة العلمين الجديدة، التي تعتبرها وجهة سياحية، وهو ما أجبرها، لاحقاً، على تخفيف الإضاءة في المدينة لأوقات محدودة.