سعاد سليمان
ذهب أحد المواطنين الى مديرية المصالح العقارية بطرطوس من أجل استكمال معاملة تخصه ..دخل الى المكتب المختص وتوجب عليه ضمن اجراءات المعاملة أن يبصم ..
البصمة تحتاج الى الحبر الازرق .
وبعد ان غطس ابهامه بالحبر وتمت المعاملة بنجاح ، ومن شدة خوفه على اناقة ملبسه ، ومن شدة فرحه بالانجاز خرج ، وهو يمسح اصبعه الازرق بالجدار ، وبالباب ، يمسح قبل ان يتلوث المنديل الانيق في جيبه ، فيضطر الى رميه ..
خاصة وان علبة المحارم صارت غالية الثمن ، وقد عاد الى منديل جده الذي ورثه مع الطقم !!!
حالة من حالات المئات من المراجعين لمديرية العقارات ، وغيرها من المديريات التي تدفعك للبصمة ، وانت سعيد بالانجاز ..
الاهم .. ان لا احد يرى تلوث الجدران ، ولا احد يمنع هذه الظاهرة العجيبة في زمن التقدم ، والحضارة الذي نتهم بولوجه .. فالتحول الى البطاقة الذكية ، ورسائل البنزين ، والدفع عبر الانترنت لكل ما ندفعه بالواسطة ، او الانتظار لساعات ، وربما لأيام سوف ينتهي بكبسة زر من هاتفك المحمول ، المحمود ، حبيب قلبك .
والمثال هو عشرات الطلاب الجامعيين الذين يحتشدون اليوم في فروع المصارف التجارية لدفع ما يترتب عليهم من أموال نتيجة تسجيلهم الجامعي ، ولا يأكل العصا منهم الا ” اللي ما الو حدا ”
الواسطة ، والمحسوبية سوف تلغى .. ابشروا يا قوم .
الصور التي ترافق مقالي هذا تؤكد ، وتؤلم من يملك الضمير ..
لكن …
كأن الضمير رحل ، هاجر مع الذين هاجروا ليتعلموا كيف تحترم الاوطان ، وبالعصا هناك ، وليس هنا !!
العصا من الجنة كما كانت تقول الجدات .. ارفعوها يا أصحاب الشأن ، وامنعوا التلوث الفكري أولا ، وآخرا .
صورة من صور التلوث التي تملأ مجتمعنا ، وحيثما نظرنا ، أو اتجهنا .
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)