بقلم د. نبيل طعمة
حاول الأنبياء والرسل والقادة، ومفكرو وفلاسفة العالم، أن يتخلصوا من اليهود، منهم من طردهم ومنهم من حاربهم ومنهم من حاول إبادتهم مثل نازية هتلر، وقد كتب سيجموند فرويد وكذلك جان بول سارتر ومعهم كارل ماركس و تشامبرلين وويل ديورانت ومارتن بوبر “عالم بلا يهود” والكل أخذ على عاتقه فكرة: لو أن العالم بلا يهود كيف كان شكله، وأنا هنا لن أناقش فكرتهم، ولكن أخوض غمار المشكلة المتجسدة بوجودهم، وأسأل معكم: لماذا هم منبوذون لدى جميع الأمم والشعوب في المظهر، ويتعامل معهم العالم برمته في الجوهر، المهم هنا شكل العالم الحالي بوجودهم، واسمحوا لي أن أؤيد ما خطه الكاتب المصري عبد القادر الحفني القائل بأن اليهودية هي الرأسمالية، وأختلفُ معه لأنه لم يدخل إلى عمق ما طرحه، وإذا كانت بريطانية وفرنسا معاقل للرأسمالية فإن أمريكا، ومنذ ظهورها، أخذت شكل معقل اليهودية النهائي وحامية عقيدة الرأسمالية.
لا تجتمع الأمم على وصف بلا معنى، فكم اجتمعوا على حقيقة وصف اليهود، مما ولد سؤالاً هاماً: لماذا كره العالم اليهود؟ والأمثلة أكثر من أن نحصيها، فالمثل الأرمني يقول: “اليهودي إذا لم يجد من يقتله قتل أباه” والمثل الصربي يتحدث: ” الناس تبني واليهود يدمرون” والمثل الروسي يتحدث: ” إن الضيف الذي يأتي من دون دعوة هو حتماً يهودي” أما المثل الآشوري فيشير إلى” أن للشيطان عدة وجوه أحدها وجه يهودي” والمثل اليوناني يتكلم: “إذا تحدث اليهودي عن السلام فاعلم أن الحرب قادمة” أما ما طرحه الكاتب الشهير وليم شكسبير عبر مسرحية تاجر البندقية، التي ترجم من خلالها فلسفة الإنجيل التي تتحدث عن كمية الجشع لدى العقل اليهودي التوراتي؛ هذا العقل الذي رفض أن يسامح خصمه المتمثل في السيد المسيح وهيأه للحظة انتقام تاريخية عبر صلبه نتاج تهديد معبده وانتقاد كهنته، وكان الرسول العربي قد قام بطردهم وخيّرهم بين الرحيل أو القتال، إذ كانوا يعيشون ضمن حصون مكة، منهم يهود خيبر وبني قينقاع وبني النضير، وقد اختاروا الرحيل فخرجوا يحملون ذهبهم وفضتهم على ظهر حمار، وقالوا حينها: بهذا سنملك الأرض وما عليها وسنحكم العالم، وإذا ما دققنا نجد أن شعار الحزب الديمقراطي الأمريكي الحمار، وشعار الحزب الجمهوري الفيل، والقصة المنسوجة حول اختيار الحمار كشعار سنة 1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي، لخوض سباق الرئاسة آنذاك، أندرو جاكسون شعار “لنترك الشعب يحكم” هي أعمق من ذلك بكثير وتستند إلى حمار موسى الذي ضيّع الأسفار، وهم الذين سيجدونها، أما قصة الفيل الذي تحول إلى شعار سياسي للجمهوريين عام 1870 عندما قام رسام الكاريكاتير الأمريكي الشهير توماس ناست بالتعبير عن تذمره مما وصفه بخروج الحزب الجمهوري عن قيمه الليبرالية مختصراً الحزب في رسم كاريكاتيري لفيل ضخم مذعور يحطم كل ما تطؤه قدماه، كتب على جسمه عبارة (الصوت الجمهوري) ومنذ ذلك الحين تحول الفيل إلى شعار للحزب الجمهوري، أما القصة الخفية فتعني السيطرة على العالم وتحطيم كل من يعارضهم.
وفي الحوادث نجد أن الملك أدوارد الأول ملك إنكلترا “1290م” أمر بطرد جميع اليهود من بلاده، وكان بذلك أول بلد أوربي يُقدم على هذا الإجراء، وسبق إسبانيا بثلاثة قرون، وفي عام 1306م أصدر ملك فرنسا فيليب الأول أمراً ملكياً يقضي بطرد جميع اليهود من كامل الأراضي الفرنسية، بسبب المراباة الفاحشة وخطفهم الأطفال الملكيين أصحاب الدم النقي، وارتباط هذه الحوادث في الرؤيا الواردة في تعاليمهم التوراتية التلمودية قصة “فطير صهيون” وللعلم وصل اليهود إلى إنكلترا في عام 1070 بدعوة من وليم الفاتح الذي كان بحاجة لاقتراض المال لتنفيذ برنامجه الخاص ببناء القلاع والكاتدرائيات، وتعامل معهم لأن التعاليم الكاثوليكية لا تسمح للمسيحيين الاقتراض بالفائدة، فتح لهم مجالاً وشجعهم على العمل في هذا المجال حتى يستطيع اقتراض المال الذي تحتاجه حكومته.
مع العلم أنه لا يمكن لرئيس كاثوليكي أن يحكم الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ يجب أن يكون بروتستانتياً، وعندما فاز جون كيندي الكاثوليكي في الجوهر، البروتستانتي في المظهر، وعلموا بذلك قتلوه عام 1963 وأخفوا أسباب قتله، وفي الأسباب أن الصراع المسيحي اليهودي في عام 1290م وصل أوجه فأصدر ملك إنكلترا “إدوارد الأول” مرسوماً يخيّر فيه يهود إنكلترا: إما الدخول في الدين المسيحي أو الرحيل النهائي عن أراضي المملكة، وتبعه في ذلك ملك فرنسا “فيليب الأول” عام 1306م، مما عكس كره الأوروبيين لليهود، وهنا دعا أحبار اليهود ،نتاج استشعارهم بكراهية العالم لهم، جميع أبناء ديانتهم للدخول في الديانة المسيحية ظاهرياً والحفاظ على ديانتهم في الجوهر، وهذا ما فعلوه مع كل الديانات المنتشرة، واستمر هذا الوضع إلى أن تمكن المسيحيون اليهود من تأسيس حركة دينية، ظاهرها مسيحي وباطنها يهودي، طالبت بإصلاح الكنيسة والحد من سيطرتها، وعرفت هذه الحركة بحركة البروتستانت التي قادها “مارتن لوثر” “1483-1546م” ومعها تأسست الكنيسة الإنجيلية التي أظهرت الصهيونية المسيحية المنحدرة من الكنيسة البروتستانتية التي تؤمن بأن قيام دولة إسرائيل كان ضرورة حتمية، فهي تُتم نبوءات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.
هرب اليهود البروتستانت نتاج اضطهاد أوروبا للمذهب البروتستانتي، بعد أن نهبوا أموال أوروبا وأخذوها معهم إلى أمريكا ليؤسسوا هناك العالم الجديد بلبوس علمي علماني، ووجهوا بريطانيا وفرنسا للتهيئة لوعد بلفور عام 1917، ومن ثم تحميلهم قضية اغتصاب فلسطين، بينما الحقيقة تقول أن الأمريكي البروتستانتي تحول برمته إلى صهيوني يدافع ويقاتل عن دولة إسرائيل.
عالم باليهود، هل يمكن فرزهم اليوم؟ تفكروا في الأسباب وستعلمون أنهم ينشرون الآن الصهيونية، يغذّون بها عقول البشرية، وأهم تجسيد لذلك حديث الرئيس المنتهية ولايته “جو بايدن” القائل: “بأن ليس بالضرورة أن تكون يهودياً حتى تكون صهيونياً فأنا صهيوني النشأة والمسار والفعل” وكذلك حال معظم قادة الغرب وبعضٍ من سواد قادة العالم.
(سيرياهوم نيوز2-الازمنة)