الإعلان في عمّان عن زيارة ثانية بعد قمّة القاهرة الثلاثية سيقوم بها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى أبو ظبي مؤشر سياسي حيوي على أن الدبلوماسية الأردنية تتحرّك في كل الاتجاهات أملا في تحقيق ولو موقف عربي صلب وموحد يدعم استراتيجية الخروج باقل الخسائر وأصغرها من الأزمة العلنية التي ولدت في المنطقة جراء حراكات حكومة اليمين الإسرائيلي الجديدة المتطرفة، والتي أشعلت التكهنات والتوقعات كما استفزّت الأردن بصورة خاصة بعد الزيارة الشهيرة التي قام بها للمسجد الأقصى وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير.
ولا يوجد في عمان معلومات مؤكدة أو محددة عن طبيعة وهدف الزيارة الجديدة المعلنة رسميا وسيقوم بها الملك إلى أبو ظبي.
لكن لاحظ الجميع عمليا بأن الحاجة لهذه الزيارة برزت مباشرة بعد لقاء القاهرة الثلاثي بحُضور الرئيسين عبد الفتاح السيسي ومحمود عباس مع أن الملك الأردني زار قبل أسابيع قليلة جدا أبو ظبي أيضا، الأمر الذي يُوحي ببلورة موقف ثلاثي مصري أردني فلسطيني على الأقل مرحليا يحتاج لإبلاغه إلى دولة الإمارات.
وفي العُرف الأردني الدبلوماسي الخطوط مفتوحة تماما مع الامارات وان كانت مغلقة مع السعودية بدلالة أن الإمارات أصدرت تصريحا استنكرت فيه زيارة بني غفير إلى المسجد الأقصى.
وأيضا بدلالة مساعدة الحراك الأردني الفلسطيني في الجلسة الأخيرة التي عقدت باسم مجلس الأمن حيث أن الإمارات العضو العربي الوحيد في لجنة المجلس الآن.
ويرى دبلوماسيون وسياسيون وبرلمانيون أردنيون بان بلادهم تصدت لمخطط اليمين الإسرائيلي في القدس وان الحراك في الفضاء الدولي والاقليمي كان منتجا.
لكن النظرة إلى التعامل مع دولة مثل الإمارات تقيم علاقات ضخمة مع الاسرائيليين يتطور في السياق البراغماتي للدبلوماسية الأردنية مما يظهر عمليا بان زيارة الملك لأبوظبي لها علاقة بتفويض محتمل للتحدّث مع الإماراتيين لكن باسم السياق المصري الأردني الفلسطيني الثلاثي هذه المرة.
ويبرز الحراك الأردني هنا فيما تمكنت عمان من الإصغاء لخطة أمريكية هي الوحيدة الموجودة الآن سواءً عبر الحديث المباشر مع الوزير أنتوني بلينكن أو بحث المستجدات مباشرة ايضا مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان.
ويعني ذلك في الدلالة الدبلوماسية أن عمان تريد التأسيس قبل انعقاد مؤتمر النقب 2 لموقف عربي موحد قدر الامكان لكنه يعني ايضا سياسيا ودبلوماسيا أن الأردن ومصر ومعهم السلطة الفلسطينية في طريق ولوج ومحاولة وتجريب مع السيناريو الوحيد المطروح اليوم أمريكيا.
وهو السيناريو القائل بالتحضير لمسار النقب 2 وبالتركيز على التنمية الاقتصادية مرحليا ما دام الأُفق السياسي في القضية الفلسطينية ليس مطروحا بحال من الأحوال.
تشتعل الدبلوماسية بين الدول العربية على هذا الأساس حاليا والهدف قد يكون تحسين بعض الشروط التي يُمكن تحسينها وفقا لمصدر سياسي أردني مطلع ضمن معادلة التنمية الاقتصادية مقابل التكيّف السياسي مع الحالة الراهنة.
وترقّب وانتظار ما ستُسفر عنه حفلات صراعات الداخل الإسرائيلي الآن وبصيغة قد تؤدي إلى كبْح جماح تطرّف الطاقم الذي يعمل برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويُثير الغبار في كل الاتجاهات.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم