آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » “عدنان عزّام”.. الفارِس وأديب الرّحلات

“عدنان عزّام”.. الفارِس وأديب الرّحلات

معين العماطوري 

يُعدّ الكاتب الرحّالة “عدنان عزّام” واحداً ممّن أرسَوا دعائمَ أدبِ الرحلات من خلالِ توثيقه لرحلة /1300/ يوماً حولَ العالم على ظهرِ جوادهِ العربيّ “فرح ومطيرة”، في /3/ كتب تُرجِمَت إلى لُغاتٍ عالميّة عدّة، واقتحمَ عالمَ الترجمة بـ /7/ مؤلّفات، والأهمّ طرحهُ بجُرأةٍ وثقة مشروعهُ النهضويّ التنويريّ، وهوَ “الاستغراب” كردٍّ فكريّ على الاستشراقِ الغربيّ.

ولعلَّ ما حقّقهُ هوَ أحدُ الأهداف التراثيّة التي نادى بها “جبلُ العرب” بحناجرِ أبطاله، وقد ردّدوا: (ديغول خبّر دولتك باريس مَربَط خيلنا).

يقول الكاتب والرحّالة “عدنان عزّام” عضو اتحاد الكتاب العرب لمنصّة “فينكس” بتاريخ 12/1/2022: «منذُ صغري أعدُّ نفسي كاتباً، وفي سنيني الأولى كنتُ أكتب ما أسمع ولو بشكلٍ خاطِئ، وحينَ تعلّمتُ أصولَ القراءة سحرتني الكُتب التي امتلكَها شقيقي الأكبر “كمال”. ورغمَ ظُلمِ المُجتمع وذوي القربى، إلّا أنَّ الحياة انتزعت منّي العملَ والأفق، فرغبتُ بتحويلِ شخصيّتي من مُستهلكٍ للحياة إلى مانحٍ لها. وقد درستُ الحقوق في “دمشق”، وسافرتُ إلى الإمارات العربية المتحدة لأعملَ في عُمقِ الصّحراء في منطقة “ميديسين” أقصى جنوب البلاد. وفي عام /1981/ قرأتُ مَقالاً لـ “ياسر السباعي” ألهبَ مشاعري عن علاقتِنا بالغرب، مثلما فعلَ كُتّابُ الاستشراق للمُفكّر العربيّ “إدوارد سعيد”، وفي صحراءِ المغرب حاورتُ بعضَ الغربيّينَ المُحاولينَ تجاوزَ النمطيّة الأوروبية في نظرتهم إلى الحضارة العربيّة، وبدأتُ أكتشف سحرَ الصحراء والسيرَ على رمالِها، والتعرُّفَ على واحاتِها ومآثرِها، من “رأس الخيمة” شمالاً إلى “ميديسين” جنوباً، مُروراً بـ “دبي”، وأصبحَ هاجسي كيفَ أبدأُ الهُجومَ المُعاكس. 

ويُضيف: «كَبُرَ الحُلم لأبدأَ من “دمشق” العاصمة الأقدم إلى “باريس” على ظهرِ حصانٍ عربيّ، بدأت الرحلة على ظهرِ فرسي “مطيرة وفرح”. وفي عام /1982/ غادرتُ قريتي “الدويري” متّجهاً إلى “دمشق”، مُردّداً أغاني فيروز (خايف من الغربة، أكبر بها الغربة وما تعرفني بلادي)، وقبلَ دخولي “فرنسا” تركتُ خيلي في شاحنة، وعدتُ بالقطار إلى مدينة “جنوا” لألتقي بالقنصل الفرنسيّ “بيير دولابر” الذي قدّمَ لي تحيّةَ الفارس. وبعدَ تأشيرة الدخول على جواز سفري بدأتُ يوماً جديداً، والخيّالة حولي ينهالونَ عليّ بالأسئلة، بينهُم خيّال تجاوز ال /60/ من عُمره، سرجَ حصانهُ وسارَ معي بعضَ الوقت وهوَ يقول: سَفراً موفّقاً، إنّكَ تُحقّق ما حلمتُ أن أقوم به».

لعلَّ أهمَّ ما حملهُ “عزّام” هوَ علمُ وطنهِ “سورية”، وقد دخلَ شوارع “أوروبا” وقارّاتِ العالم والدول الكُبرى رافعاً إيّاه، كما تمثلت حكمتهُ في الحياة في أنَّ المرءَ إن لم يحمِل رسالةً للحياة وفي الحياة فهوَ لا يستحقُّها.

وبعدَ عودتهِ أقامَ مهرجاناً للفروسيّة، والذي تضمّنَ فعاليّاتٍ ثقافيّةً وفنيّةً وسِباقاً للخيل، وبعدَ مُعاناةٍ معَ الترجمة والانتساب لاتّحاد الكتاب العرب أيقنَ أنَّ المُثقف لا بدَّ أن يحملَ هدفاً، وإلاّ لمَن سيكتب؟، وهُنا يقول: «هل سنكتبُ لإقناعِ أنفسِنا بشرقيّتنا مثلاً؟ أم لإغناءِ حضارتنا ومُحتواها الفكريّ والإبداعيّ؟، ولأنّني مُؤمن بأنّنا أصحابُ قضيّةٍ كُبرى، وبخاصّةً فيما تعرّضت لهُ البلاد من محنةٍ كونيّة، فقد واجهتُ الإعلامَ الغربيّ بأفكاري الوطنيّة، وقمتُ بترجمةِ العديدِ منَ المؤلّفات الفرنسيّة التي تثبت العلاقة النهضويّة التنويريّة التي تتمتّع بها حضارتُنا بلُغة الغرب ورأيه، وربّما كانت أولى خُطوات مشروع “الاستغراب” الذي هوَ هاجسي في رحلتي الثانية إلى “موسكو” والتي استغرقت عاماً».

حملَ كتابُهُ الأول عنوان “فارس الأمل” باللغة الفرنسيّة، وأعيدت طباعتهُ /3/ مرات كردٍّ عربيّ شرقيّ على مشروع الاستشراق، كما تابعَ عملهُ في مشروعهِ “الاستغراب”. 274532009 470391368152777 7009646732702094244 n

وعنِ الثقافة والقراءة والكتابة يُشير “عزّام” إلى أنّها فعلٌ عقليّ وجوديّ لكلّ أمة، وبتأخُّرها يتأخّرُ العقل العربيّ، إذ لا وجودَ ولا كينونة بِلا قراءة، مُشيراً إلى أنَّ ما يكتبهُ هوَ في نطاقِ التحليلِ والبحث، عادّاً أنَّ الدراسة التحليليّة هيَ الثقافة، ومُبيّناً أنَّ الكاتبَ الذي لا يُعاني لا يُمكن أن يكونَ كاتِباً، لأنَّ المُعاناة تولّد الكلمة الواقعيّة.

وحولَ تجربتهِ الإداريّة يرى أنّهُ يحمل رسالةً تمثل عِبئاً كبيراً فقد لُقبَ في “فرنسا” بالعقل الصّعب.

الدكتور “منصور حديفة” قالَ لمنصّة “فينكس” بتاريخ 14/1/2022: «شكّلَ “عدنان عزّام” في تاريخنا المُعاصر رؤىً متنوّعة منها رحلتهُ التي تعدُّ الأولى من نوعِها على ظهرِ الجواد العربيّ، وكما استطاعَ “فخر الدين المعني الثاني” تكوينَ أوّلِ رحلةٍ بينَ الشرق والغرب استطاعَ “عزّام” أن يكوّنَ أولَ مَشروعٍ نهضويّ تنويريّ بينَ الشرق والغرب في رحلتهِ التي حملت مشروعَ “الاستغراب”، إضافةً إلى ما يقومُ بهِ من أعمالٍ اجتماعيّة على صعيدِ عملهِ كعضوٍ في المكتب التنفيذي، يقيناً منه أنّهُ يعملُ بعقليّةِ الفارس فوقَ صهوةِ جواده في تنميةِ العملِ المُجتمعيّ وتطويره. ولا يُمكن أن ننسى الكُتبَ المُترجمة، وكان آخرُها “باريس عاصمة عربيّة”، إضافةً لمؤلّفاتٍ متنوّعة لكتّاب فرنسيّين لهُم تأثيرُهم في الشارع والمُجتمع الفرنسي».

الجدير بالذكر أنَّ الكاتب الرحّالة “عدنان عزّام” ودّعَ في رحلتهِ “دمشق” بعدَ أن صافحَ القائد المؤسّس “حافظ الأسد”، وفي رحلتهِ الثانية إلى “موسكو” والتي استغرقت عاماً ودّعَ “دمشق”، وحينَ عادَ استقبلتهُ “دمشق” و”السويداء” معاً، وهوَ اليوم يحضّر لرحلةٍ عالميّة أخرى، وهوَ الكاتب الذي أثرى المَكتبة العربيّةِ بأدبِ الرحلات وأهمّ الكتُب الفرنسيّة المُترجَمة، ووقفَ معَ محنةِ وطنه رغمَ ما حملهُ من مُعاناةٍ للوصول، ووثّقَ ما تعرّضَ لهُ الوطن عبرَ فيلمٍ وثائقيّ عرضهُ في دولٍ عالميّة، ومنها “فرنسا”، كذلكَ نالَ وسامَ “الفارس” وتكريماتٍ عديدة محليّة وعالميّة.

(سيرياهوم نيوز-فينيكس1-3-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الثقافة واقع ومآلات

    | إسماعيل مروة   كتب باحثون عن تقزّم دور الثقافة، وصدرت كتب عن الآليات التي سعت فيها القوى الفاعلة في العالم إلى ضرب ...