آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » عرْض مقايضة مع بارزاني: المالكي يعود… من الباب الخلفي

عرْض مقايضة مع بارزاني: المالكي يعود… من الباب الخلفي

 

فقار فاضل

 

 

يشهد «الإطار التنسيقي» الذي يضمّ أبرز القوى الشيعية العراقية، حركة واسعة غير مسبوقة منذ سنوات، يقودها زعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، بوضوح لا لبس فيه، وذلك في محاولة لإعادة تثبيت حضوره في مشهد تشكيل الحكومة المقبلة. وتعاكس هذا التحرّكَ حسابات خارجية لأطراف تبدو غير مستعدّة لتكرار تجربة المالكي في رئاسة الوزراء، وفق ما تكشفه مصادر داخل «التنسيقي».

وهكذا، فإن المالكي الذي عاد فجأةً إلى الواجهة بوصفه «المرشح الوحيد» الذي قدّمه حزب «الدعوة»، يجد نفسه أمام واقع سياسي مفخّخ بالتحفّظات الإقليمية والدولية، إذ رغم نجاحه في كسر «القطيعة السياسية» الممتدّة لسنوات مع أربيل، عبر زيارة لافتة لزعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، فإن طريق المالكي نحو «المنصب الأول» لا يزال محكوماً بتوازنات حساسة داخل «الإطار التنسيقي» من جهة، وبينه وبين القوى الكردية والسنّية من جهة ثانية، وعلى طاولة واشنطن وطهران من جهة ثالثة.

ويكشف نائب فائز عن «التنسيقي»، لـ»الأخبار»، أن «واشنطن بعثت برسالة واضحة إلى الإطار مفادها أن عودة المالكي إلى رئاسة الوزراء غير مقبولة»، معتبرةً أن ذلك سيُقرأ بوصفه «انتصاراً للفصائل وتكريساً للسلاح المنفلت» في المشهد السياسي. ولم تكتفِ الرسالة الأميركية، كما يروي النائب، بالرفض، بل نبّهت إلى أن أي حكومة برئاسة المالكي ستخلق «تعقيدات جدّية» في التعاطي الدولي مع بغداد، خصوصاً في الملفات الأمنية والاقتصادية.

 

المفارقة أن طهران نفسها لا تبدي حماسة كبيرة للمالكي، وإن لم تُعبّر عن رفض صريح له. وترتبط التحفّظات الإيرانية، بحسب المصدر، بمخاوف من انفجار تناقضات «التنسيقي» في حال فرض المالكي مرشحاً وحيداً لرئاسة الوزراء، ما قد يعيد الاصطفافات الشيعية إلى نقطة الصدام. وفي مقابل إصرار المالكي على خوض السباق، تشير المعطيات إلى أن «التنسيقي» يعيش حالة تنافس مكتوم بين قياداته، مع صعوبة واضحة في التوصّل إلى توافق سريع. وبحسب المعلومات، فإن اللجان التي شكّلها «الإطار» باتت تعمل وفق مساريْن متوازييْن: الأول هو دراسة «مواصفات رئيس الوزراء»، والثاني هو اختبار قدرة كلّ مرشح على ضمان دعم الكرد والسنّة من دون انقسامات داخل البيت الشيعي.

 

تحذير أميركي من أن عودة المالكي ستخلق «تعقيدات جدّية» في التعاطي الدولي مع بغداد

 

 

وفي هذا الإطار، يقول القيادي في «دولة القانون»، عبد الرحمن الجزائري، لـ»الأخبار»، إن «ترشيح المالكي جاء بإجماع مجلس شورى الحزب، وهو حقّ طبيعي لا يختلف عن حقّ أي شخصية أخرى داخل الإطار في الترشّح»، لكنه يُقِرّ في الوقت نفسه بأن «التنسيقي يواجه نقاشات داخلية عميقة حول شكل القيادة المقبلة»، موضحاً أن «الصراع ليس على الأسماء بقدر ما هو على رؤية إدارة المرحلة المقبلة، ومَن يمتلك القدرة على تحقيق توازن حقيقي بين مكوّنات الدولة». ويتابع أن «اللجان ستعرض الأسماء الخمسة التي قُدّمت، واسم المالكي بينها، لكنّ القرار النهائي لن يصدر قبل اكتمال التفاهمات مع الكرد والسنّة، لأن أيّ مرشح بلا موافقة المكوّنات الأساسية لن يتمكّن من تشكيل حكومة مستقرة».

 

ولم تكن زيارة المالكي لأربيل بروتوكولية؛ فقد حمل الرجل إلى بارزاني، وفق مصادر خاصة، مقترحاً بإعادة إحياء «التحالف التاريخي الشيعي – الكردي» وإعادة توزيع الأدوار وفق ضرورات المرحلة. وتفيد المصادر بأن المالكي لمّح إلى استعداده لقبول تولّي «الديمقراطي» منصب رئاسة الجمهورية على حساب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وذلك مقابل دعم ترشيحه لرئاسة الوزراء.

ويؤكّد مدير مركز «الرفد للدراسات»، عباس الجبوري، لـ»الأخبار»، أن «المالكي يسعى، عبر هذه الزيارة، إلى كسب تأييد كردي يُحدِث اختراقاً داخل الإطار نفسه، فالحكومة اليوم تُصنع في أربيل كما تُصنع في بغداد، وتحالف المالكي – بارزاني يشكّل عنصر ضغطٍ كبيرٍ على خصومه». لكنه يحذّر من أن «التدخل الإقليمي والدولي في هذا الملف بلغ درجة غير مسبوقة، وقد يكون العامل الحاسم في اختيار رئيس الوزراء». ويلفت إلى أن «الإطار شكّل لجنة تفاوضية تضمّ المالكي و(هادي) العامري و(فالح) الفياض وغيرهم، وهي تتحرك باتجاه الكرد والسنّة، لكن الواضح أن كل كتلة تحاول رفع سقف شروطها قبل حسم موقع رئيس الوزراء، ما يجعل مهمة التوافق شديدة التعقيد».

ورغم أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد شياع السوداني، يمتلك كتلة هي الأكثر عدداً ضمن «التنسيقي»، فإن حظوظه تتراجع كلّما ازداد ضغط جناح المالكي. ويرى الجبوري أن «السوداني ما زال مرشحاً قوياً، لكنه اليوم أمام منافسة شرسة داخل البيت الشيعي نفسه». ويعتقد أن «تحركات المالكي محاولة جادّة لاستعادة رئاسة الوزراء، لكن موقف واشنطن وتحفّظ طهران قد يعيدان ترتيب المشهد بطريقة لا يتوقّعها أحد».

 

وفي ندوة أقامها مركز «الضوء» لمناقشة مفاوضات تشكيل الحكومة، اعتبر أستاذ العلوم السياسية، عبد الجبار أحمد، من جهته، أن «المشهد لا يزال ضبابياً، وحظوظ السوداني قائمة، وكذلك المالكي، إلى جانب شخصيات أخرى يجري الترويج لها إعلامياً». ويسأل أحمد: «هل يستطيع الإطار فعلاً حسم ملف الحكومة قبل نهاية الشهر، أم أن الخلافات ستدفعه إلى جولات طويلة من التفاوض؟».

أمّا نائب تيار «الفراتين» بزعامة السوداني، بشار الساعدي، فأشار خلال الندوة إلى أن «الكتلة النيابية الكبرى هي الإطار التنسيقي بلا نقاش، لكنّ كتلة الإعمار والتنمية هي الأكثر عدداً داخلها، وبالتالي تمتلك حظوظاً واقعية بأن يأتي رئيس الوزراء منها». واعتبر أن «الحراك السياسي الحالي حالة إيجابية قد تُسرِّع تشكيل الحكومة واستكمال الاستحقاقات الدستورية».

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

واشنطن والرياض تجددان عهودهما… فهل تلوح في الأفق “نهاية سعيدة” للشرق الأوسط؟

    كما توقعت في هذه الزاوية سابقًا، فإن الزيارة التي اختتمها مؤخرًا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، إلى واشنطن ...