خالد زنكلو
يخشى تنظيم جبهة النصرة، بواجهته الحالية التي تدعى «هيئة تحرير الشام»، من فرض إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقوبات عليه لردعه من تنفيذ عمل عسكري توعد به من مناطق سيطرته في إدلب والأرياف المجاورة باتجاه مناطق الجيش العربي السوري والقرى والبلدات الآمنة.
وسبق لأنقرة أن هددت «النصرة»، في حال قيامه بمثل هذا العمل العسكري، بإغلاق الحدود البرية مع مناطق نفوذه بإدلب، مع معبر «باب الهوى» الحدودي شمال المحافظة، الذي يعد الشريان الاقتصادي الوحيد لمد مناطق التنظيم الإرهابي بمقومات الحياة، إلى جانب رفض استقبال جرحى التنظيم الإرهابي في المشافي التركية، و«تحييد» القواعد العسكرية ونقاط المراقبة غير الشرعية لجيش الاحتلال التركي في منطقة «خفض التصعيد» عن أي تصعيد عسكري يفتعله التنظيم وإبعاد نقاط انتشاره العسكرية عنها.
ونقلت مصادر معارضة مقربة من ميليشيات إدارة أردوغان في إدلب عن متزعمين في «النصرة» خوفهم من تنفيذ أنقرة لتهديداتها ضد التنظيم الإرهابي، حتى قبل شن عمليته العسكرية الموعودة والمزعومة نحو مناطق الجيش العربي السوري في محيط المنطقة، يدل على ذلك التنسيق العالي واليومي بين الاستخبارات التركية وضباط نقاط المراقبة والقواعد العسكرية التركية المنتشرة في أنحاء «خفض التصعيد»، ومواظبة ضابط الارتباط التركي المسؤول عن علاقة أنقرة بالتنظيم الإرهابي على الاجتماع بمتزعميه ونقل رسائل الوعيد إليهم من أنقرة.
وأشارت المصادر لـ«الوطن» إلى أن أنقرة بصدد فرض بعض العقوبات ضد «النصرة» وأن مخاوفها جدية من تداعيات عمليته العسكرية لما ستلحقه من ضرر باتفاقيات «خفض التصعيد» مع موسكو، التي ستجعل الأخيرة مع دمشق في حلّ من الالتزام بها، الأمر الذي سيدفع بأعداد كبيرة من لاجئي المنطقة إلى الحدود التركية في حال سادت الفوضى والمعارك المنطقة، في وقت أعلنت أنقرة رفض استقبال تركيا أياً من هؤلاء، بالتزامن مع سعيها لإعادة اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية إلى مناطقهم.
ولفتت المصادر إلى أن «نظرية المؤامرة» باتت تحكم العلاقة بين أنقرة و«النصرة» بعد فترة وئام بينهما نفذت خلالها الأخيرة أجندة الأولى في مناطق النزاع السورية، وخصوصاً في إدلب وجوارها، حيث يسعى التنظيم الإرهابي، الذي تدرجه أنقرة على قائمة التنظيمات الإرهابية أسوة بالقوائم الدولية، لتأسيس إمارة إسلامية يحكمها «الجهاديون» المتشددون.
المصادر ضربت أزمة الإنترنت الأخيرة مثالاً على العلاقة المتأزمة بين أنقرة و«النصرة»، حيث عمدت الشركات الخاصة المزودة للخدمة بقطعها عن إدلب وريف حلب الغربي يومي الجمعة والسبت الماضيين، ما أدى إلى شلل المنطقتين وعزلهما عن العالم كلياً.
وأوضحت أن «النصرة» ينظر بعين الريبة لقطع الإنترنت من الشركات التركية الموردة له، وتعتبر المسألة بمنزلة «بروفة» لما سيغدو عليه الوضع في حال قررت أنقرة وقف تزويد إدلب وغرب حلب بالخدمة لدى شن التنظيم الإرهابي عمليته العسكرية نحو نقاط ارتكاز الجيش العربي السوري والمناطق الآمنة.
وقالت المصادر: يمكن للسلطات التركية شل قطاعات واسعة من الحياة في مناطق نفوذ «النصرة»، ومنها القطاع العسكري، لدى الإيعاز لشركات الإنترنت بفصل الخدمة عن تلك المناطق، إذ يغدو التواصل بين الإرهابيين محدوداً، ويتعذر نشر أخبار المعارك وجبهات القتال، وهو ما يخشاه التنظيم الإرهابي وتتداوله أوساطه.
وذكرت مصادر أهلية في إدلب وريف حلب الغربي أن قطع الإنترنت من تركيا، الذي أعيد وصله أمس وجاء على خلفية خلافات على سعر الخدمة بين الشركات التركية الموردة مديرية الاتصالات في ما يسمى «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«النصرة»، تسبب في تعديل معظم الأشغال، مثل تعطيل أعمال طلاب الجامعات والإعلاميين والناشطين ووقف عمل شركات الصرافة والحوالات مع العالم الخارجي، والتي تعتمد عليها معظم عائلات المنطقة كدعم مالي لمواجهة ظروف الحياة، عدا توقف تعبئة وشحن شرائح الكهرباء ووقف الاستشارات الطبية عن بعد، التي تعد خدمة أساسية لسكان الأرياف.
سيرياهوم نيوز١_الوطن