لم تكن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وحدها من وجدت نفسها ضحيةً لتسريبات صور جنسية على مواقع إلكترونية، فالعشرات من التونسيات وقعن بدورهن ضحايا تسريبات مماثلة على مجموعات على تطبيق “تلغرام”، في حادثة فجرت جدالاً واسعاً بشأن ظاهرة العنف الرقمي الذي يطال النساء أكثر من الفئات الأخرى.
عشرات الضحايا
ومثل ميلوني التي تسربت لها صور حميمية على موقع مشهور بنشر مثل هذه الصور بواسطة التزييف العميق، كانت العشرات من التونسيات من أعمار مختلفة ضحايا تسريب على مجموعات دردشة على منصة “تلغرام”.
تعبيرية.
وجاءت هذه التسريبات رداً على انشاء مجموعة على موقع “فيسبوك” يُزعم أن فتيات وراءها، خصصت لتمكين العضوات من نشر تجارب عاطفية عشنها.
وعلى مجموعات “تلغرام”، نشرت صور خاصة جداً لتونسيات مكشوفات الوجوه، مع ذكر أسمائهن وعناوينهن في حالات عديدة. وقد نشرها أشخاص يستخدمون أسماء مستعارة أو مجهولو الهوية، ما أثار غضباً واسعاً في الأوساط النسوية والشعبية التي طالبت السلطات بالتحرك لإغلاقها.
وبتصفح الصور والمقاطع المنشورة، يتضح أن بعضها منسوخ من حسابات المتضررات على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تعديلات واضحة عليها باستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبعضها ملتقط لهن في غفلة منهن في لحظات حميمية، أو أرسلنها لأشخاص تربطهن بهم علاقات سابقة فأعادوا نشرها من دون إذنهن، تشهيراً وانتقاماً.
“وباء” العنف الإلكتروني
أعادت هذه الحادثة إلى الواجهة النقاش حول ظاهرة العنف الإلكتروني ضد النساء، والذي يتخذ أشكالاً متعددة: مثل الابتزاز أو الانتقام أو التزييف العميق أو التشهير، وفق الناشطة النسوية ريم الحدادي، التي تقول لـ”النهار”: “عرض صور نساء من دون إذنهن والتشهير بهن ضرب من ضروب العنف الرقمي”.
وفي دراسة أجراها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة “الكريديف”، تهدف للتعريف بالعنف الرقمي، وتوعية الضحايا من النساء والفتيات لكسر حلقة الصمت، واختير “فيسبوك” نموذجاً فيها، تبين أن 89% من التونسيات تعرّضن ولو مرة واحدة للعنف الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضحت الدراسة أيضاً أن 95% من هؤلاء النساء لا يتوجّهن إلى القضاء، إمّا خوفاً من التّهديدات ونظرة المجتمع، وإمّا جهلاً بمفهوم العنف الرقمي الذي تعرضن له ومدى خطورته أو وجود قوانين رادعة له.
وفي تصريح سابق لـ”النهار”، قالت رجاء الدهماني، رئيسة جمعية النساء الديموقراطيات، إن الفضاء الرقمي لم يعد آمناً للنساء، مشبهةً العنف الرقمي بـ “الوباء الصامت الذي يهدد كرامة النساء”.
كما أكدت أن أكثر من 45% من النساء تعرّضن لشكل من أشكال العنف الرقمي، سواء بالتهديد أو التشهير أو الاختراق أو الابتزاز.
القانون التونسي يُجرًم
على مستوى النصوص القانونية، عالجت تونس مثل هذه الظواهر وصنفتها جريمةً تتنزل في إطار مخالفة القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، ومخالفة الفصل 86 من مجلة الاتصالات، المتعلق بنشر محتوى يمسّ بالغير على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تندرج هذه الأفعال في إطار مخالفة المرسوم 54 الذي شدّد العقوبة الجزائية، لمن يتعمد نشر محتوى من أجل التشهير والثلب وتشويه السمعة والأضرار المادي والمعنوي والتحريض على الاعتداء على الغير، والحثّ على خطاب الكراهية.
ووفقاً للنصوص القانونية التونسية، قد تصل عقوبة مثل هذه الجرائم إلى 5 سنوات سجناً، إضافة إلى خطايا مالية، حتى وإن تم نشر تلك الصور ضمن مجموعات مغلقة.
لكن، رغم وجود نصوص قانونية تتيح للضحايا تتبع من يتعمد الإضرار بهن على مواقع التواصل الاجتماعي، يبقى الخوف من المجتمع الحاجز الأكبر الذي يمنع أغلبيتهن من التوجه للقضاء، وفق تقدير الحدادي التي تعتبر أن ذلك “يساهم في الإفلات من العقاب، ما قد يؤدي إلى استفحال هذه الظواهر”.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار