| مازن جبور
في مسعى أميركي لوضع العصي في عجلات التقارب السوري – العربي بقيادة سعودية، حط وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المملكة العربية السعودية، والتقى ولي العهد محمد بن سلمان، ومن ثم انعقد الاجتماع الوزاري المشترك للشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، والذي خرج ببيان كان ملف سورية الحاضر الأبرز فيه.
يؤكد ما جاء في البيان، أن مجلس التعاون الخليجي ما يزال في علاقة تبعية مع الولايات المتحدة الأميركية، وأن التغريد السعودي خارج السرب الأميركي، ليس كافياً بعد لانخراط عربي جاد مع ما دعا إليه الرئيس بشار الأسد في القمة العربية بجدة، لضرورة اتفاق عربي على حل القضايا العربية المشتركة من دون تدخلات خارجية.
لقد ظهرت منذ انعقاد القمة العربية في التاسع عشر من الشهر الماضي في مدينة جدة السعودية، مؤشرات على أن التحرك السعودي في منطقة الشرق الأوسط تقابله اشتراطات أميركية، إذ إن الانفتاح العربي على سورية وعودتها لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية وحضور قمة جدة، قد يكون قابله طلب أميركي بالسماح بحضور الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي للقمة العربية وإلقائه كلمة في جدول أعمالها.
وفي الوقت الراهن، جاء البيان الخليجي الأميركي على ما يبدو، ليعطي مؤشرات أكثر وضوحاً عن اتفاق أميركي – خليجي، وبالأحرى أميركي – سعودي، حول ترتيبات جديدة في الشرق الأوسط، ويمكن وصفه بأنه اتفاق خطوة بخطوة، فالبيان وضّح الرؤية الأميركية في العلاقة العربية – السورية، إذ جاء التأكيد على الالتزام بوحدة وسيادة سورية مشروطاً بحل سياسي على الطريقة الأميركية، أي أن يتوافق هذا الحل مع «القانون الدولي الإنساني» ويتماشى مع القرار الدولي 2254، و«القانون الدولي الإنساني» ذريعة واشنطن الحاضرة في كل زمان ومكان للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة، وتستخدمه واشنطن في الحالة السورية منذ بداية الحرب.
وبما يتعارض وتأكيد الالتزام بوحدة وسيادة واستقرار سورية، أكد الوزراء في البيان المشترك دعمهم لقوات الاحتلال الأميركية وقوات ما يسمى «التحالف الدولي» غير الشرعية على الأرض السورية، بذريعة أن جهودها منصبة على هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، التنظيم الذي أعلنت واشنطن هزيمته منذ سنوات عدة!
وبما يؤكد جدية ما تناقلته وسائل إعلام أميركية عن اجتماع سوري روسي إيراني، بحث في تفعيل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الأميركي وقوات التحالف الدولي في شمال شرق سورية، كسبيل لإخراجها من سورية، أدان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية الأميركي بشكل استباقي «جميع الأعمال التي تهدد سلامة وأمن هذه القوات»، والإدانة السابقة تبين مدى القلق الأميركي من هكذا خطوة، على اعتبار أن إعادة الجنود الأميركيين والغربيين في التوابيت إلى بلدانهم، سياسة ناجعة مع احتلال لا يعرف إلا لغة المقاومة.
كذلك شدد الجانبان على تهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين، لكن من دون أن يأتوا على ذكر العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب التي تمنع الدولة السورية من إعادة بناء البنية التحتية التي دُمرت بسبب الحرب، وما تزال مدينة الرقة السورية خير شاهد على سياسة الاحتلال الأميركي والتحالف الدولي في تدمير المدينة عن بكرة أبيها، فإلى أين يعود أهلها وعقوبات واشنطن والغرب والعرب تكبل الأيادي السورية عن إعادة البناء؟
بالإضافة إلى كل ما سبق، تبقى هناك حلقة مفقودة في الحراك السعودي قليلاً خارج السياق الذي ترغب به الولايات المتحدة الأميركية، والمقصود بالحراك السعودي هنا، المصالحة مع إيران والتقارب مع سورية، والضغط لإعادة دمشق لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، ويذكرنا هذا الحراك السعودي، بالحراك الذي قامت به الإمارات العربية المتحدة اتجاه سورية منذ ما يقرب من السنتين، إذ إن تحركات أبو ظبي اتجاه دمشق جاءت بالترافق مع تطبيعها مع كيان العدو الإسرائيلي، وهنا يترك الأمر للخيال حول الخطوة التي ترغب واشنطن أن تخطوها الرياض، مقابل السماح لها بالمضي قدماً خطوة إلى الأمام نحو دمشق وطهران، مع أن الأسابيع والأشهر الأخيرة أثبتت أن الرغبات الأميركية أمر يمكن تجاوزه عندما تتعارض مع المصالح الوطنية وخصوصاً في الحالة السعودية، وقرارات «أوبيك +» مازلت حاضرة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن