نادر الصفدي:
يبدو أن أيام شهر عسل العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، أصبحت معدودة وشارفت فعليًا على الانتهاء، ليغلق معها باب مرحلة حساسة ومفصلية كانت تمر على المنطقة، بعد إتباع العديد من الدول العربية والخليجية حُمى تطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال والتقرب منها على حساب الحقوق الفلسطينية.
الإمارات والتي كانت أجرأ وأول تلك الدول سارعت لتوقيع اتفاقيات سياسية واقتصادية وأمنية وحتى رياضية وثقافية مع إسرائيل، تقف الآن في موقف مُحرج ولا تحسد عليه، بعد أن هبت رياح شديدة من كل جانب قد تتسبب بأي لحظة في تدمير كل ما بنته طوال الشهور الماضية.
“نقل النفط الخليجي إلى أوروبا عبر إسرائيل”، كانت هذه القضية التي أثارت جدلاً واسعًا الأيام الأخيرة، وباتت فعليًا تهدد بنشوب أزمة دبلوماسية كبيرة في الخفاء بين “أبو ظبي” و”تل أبيب”، رغم الحديث الإعلامي المتكرر عن بدء اتصالات بين الجانبين لمحاولة تجاوز الأزمة، وكان آخرهم الاتصال الهاتفي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد الجمعة الماضية، الذي بحث في أساسه أزمة اتفاق نقل النفط.
يشار إلى أن اتفاق نقل النفط الخليجي عبر إسرائيل لأوروبا لم يُطرح على الجمهور في إسرائيل، مما خلق أزمة كبيرة، في حين اكدت المنظمات البيئية على أن الاتفاق لم يُطرح أمام أي وزارة، وبضمنها وزارة المالية، المسؤولة عن “أنبوب آسيا – أوروبا”، التي أكدت في ردها على الالتماس أنها لم تنظر في الاتفاق.
وعبّرت هيئات بيئية حكومية إسرائيلية، مؤخرا، عن معارضة شديدة لعبور أنبوب نفط في إسرائيل، والتخوف الأساسي هو من حدوث خلل أو حادث يؤدي إلى تسرب النفط في خليج إيلات/العقبة ويلحق ضررا شديدا بالشُعب المرجانية.
الإعلام العبري لم يستسلم أمام هذه التطورات الهامة، فقالت المحللة السياسية الإسرائيلية، مزال معلم، إنه وفي كواليس المشهد السياسي “تتطور أزمة دبلوماسية يمكن أن تضر بالعلاقات بين إسرائيل والإمارات”.
وأضافت لـ”القناة 13″ إنه “سوف يتم فحص من جديد الإتفاق لجر النفط عبر إسرائيل، والذي وقع بينهم وبين الشركة وذلك في أعقاب طلب من وزيرة حماية البيئة تمار زاندبرغ”، مشيرةً إلى أن ما نشر حول هذه المسألة “أحدث مفاجأة في الإمارات ودفع إلى رسائل قلقة وحادة لإسرائيل”.
كما ذكرت صحيفة “هآرتس”، أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد يعيدان النظر في اتفاقية وقعتها إسرائيل مع الإمارات، وقالت إنه من المقرر أن يُعقد في الأسابيع المقبلة أول اجتماع حول هذا الموضوع بمشاركة مختصين من ديوان رئيس حكومة الاحتلال ووزارات الخارجية والمالية والطاقة والعدل وحماية البيئة. وبعد ذلك، سيعقد اجتماع آخر للوزراء المسؤولين عن القضية من أجل صياغة موقف الحكومة.
في حين قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، في اجتماع هذا الأسبوع، إن وزارتها تعتقد أن الاتفاقية الموقعة من قبل “شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية لا تفيد الإسرائيليين”، ونقلت “هآرتس” عن الحرار قولها: “موقفنا في وزارة الطاقة هو أننا لا نرى أي فائدة في مجال الطاقة للاقتصاد الإسرائيلي من هذه الاتفاقية”.
وكانت مصادر إسرائيلية تحدّثت عن مخاطر حدوث أزمة دبلوماسية بين الإمارات وإسرائيل في حال ألغت الأخيرة الاتفاق المتعلق بشحن النفط الخام والمنتوجات النفطية القادمة من الإمارات، فيما لم يصدر عن أبو ظبي حتى اللحظة أي تصريح رسمي يوضح تفاصيل الأزمة وتبعاتها.
وأفاد تحقيق لصحيفة “غلوبس”، في وقت سابق، أن أياً من المشاريع الاقتصادية التي اتُّفق عليها بين إسرائيل والإمارات، عقب توقيع اتفاقية التطبيع بينهما قبل نحو عام، “لم يدخل حيّزَ التنفيذ بعد”.
تطور التنازلي للعلاقات بين الإمارات وإسرائيل، ووفقُا لرؤية مراقبون قد أخاف بعض الدول العربية التي كانت تسعى خلال هذه الأسابيع للإعلان رسميًا عن التطبيع وجعلها تعيد ترتيب أوراقها، والتراجع للوراء أكثر من خطوة في انتظار نتائج تلك التطورات، وإلى أين ستصل.
في حين تحدثت أوساط سياسية عن اتصالات ولقاءات مكوكية بين إسرائيل والإمارات ستجري خلال الساعات المقبلة، في محاولة لتجاوز الأزمة المتصاعدة قبل تطورها لمرحلة قد تُفسد كل شي، مشيرةً إلى أن المستفيد الأول من فشل هذه الاتفاقية وتوقف قطار التطبيع هو الجانب الفلسطيني، الذي انتقد هذا التوجه ولا يزال ينتقد.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد افتتح، الشهر الجاري، السفارة الإسرائيلية في أبوظبي والقنصلية في دبي، فيما تم لاحقاً افتتاح السفارة الإماراتية في “تل أبيب”.
وكانت شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية “EAPC” الحكومية الإسرائيلية، وشركة “MED-RED Land Bridge Ltd” ومقرها الإمارات، وقعتا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال نقل النفط الخام والمنتجات النفطية من الخليج إلى الأسواق الغربية عبر خط أنابيب لنقل النفط بين مدينة إيلات على البحر الأحمر وميناء عسقلان على البحر المتوسط.
ومنتصف سبتمبر الماضي، وقعت أبوظبي و”تل أبيب” اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما برعاية أمريكية، وهو القرار الذي لاقى رفضاً شعبياً واسعاً، ووصفه كثيرون بأنه “خيانة لقضية فلسطين”.
وبذلك باتت الإمارات أولَ دولة خليجية تبرم معاهدة تطبيع مع الدولة العبرية، لكنها الثالثة عربياً بعد اتفاقيتي مصر عام 1979، والأردن عام 1994، قبل أن تلحقها دول البحرين والسودان والمغرب وتنخرط في ركب التطبيع.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم