تم إعفاء مدير عام شركة كابلات دمشق، والسبب مخالفات في التوصيف التفتيشي، لكنها ارتكابات في الأعراف الاقتصادية.
فوفقاً لما علمته “تشرين” .. أدخلت إدارة الشركة مواد أولية ألمنيوم بكمية حوالي ١٩٣ طناً، ووضعت هذه الكميات على خطوط الإنتاج قبل إدخالها إلى المستودعات أصولاً، وقبل تنظيم محاضر استلام من قبل لجان فنية متخصصة،
مع العلم أنه تم إدخال هذه الكميات قبل تقديم العرض من قبل المتعهد وقبل التعاقد لكمية مزمعة تبلغ 500 طن.
كما قامت إدارة الشركة بإصدار بطاقات قبان بعد عدة أيام من تاريخ الإدخال الفعلي، كما أنه لا يوجد أمر مباشرة حتى تاريخ ٢٠ /١١ /٢٠٢٤، رغم أن السيارات أدخلت المواد بتواريخ 10 و 18/ 11 /2024 أي قبل التعاقد وقبل أمر المباشرة وقبل تقديم العرض من المتعهد.
يوميات مؤلمة
هي إحدى “الحكايا” الجاذبة والمؤلمة في آن معاً تتكرر في يوميات تشغيل و”استثمار” معظم شركات القطاع العام الصناعي، الذي بات واضحاً أنها باتت أشبه بقطاع “خصوصي”، أي لا عام ولا خاص.. وهو الأمر الذي انحدر بأرباح الشركات الرابحة إلى حدود مثيرة للأسف، وتسبب بخسائر كبيرة لشركات ومعامل كان يجب أن تربح وبجدارة، وذات الممارسات انتقلت بشركات أخرى إلى خانة اللا جدوى من التشغيل، فيما تربح وتتألق نظيراتها من القطاع الخاص وبشكل يثير ألف تساؤل وتساؤل، ويجعل المسألة أشبه بلغز عصي على الحل.
مخالفات بهيئة ارتكابات
ما حصل في شركة كابلات دمشق، يصنّف في أعراف الأجهزة الرقابية كمخالفة، أما في العرف الاقتصادي فهو ارتكاب حقيقي بما أنه جزء من تقاليد عمل منحرفة استشرت ودرجت في أوساط القطاع العام، ولا سيما الصناعي منه.
وربما ستثبت متوالية التحريات التي تجري بإشراف وزير الصناعة مباشرة، أن ثمة الكثير مما سيتكشّف في قطاع الإسمنت ومثله النسيج، كما القطاع الغذائي، وقطاع التبغ، والقطاع الكيميائي ربما.
مفارقات صادمة
الواقع من يطلع على أرباح كل شركات القطاع العام الصناعي في سنة كاملة سيصاب بالذهول لتواضع الأرقام أمام كتلة رأس المال المستثمرة، وأمام كتلة الدعم التي يحصل عليها القطاع في كل مراحل التشغيل ولكل مستلزماته.
ويكفي أن نذكر أنه في آخر ميزانية جاهزة، بلغ حجم الدعم المقدم للقطاع العام الصناعي أكثر من 26 ضعفاً قياساً بأرباحه، وهذه النسبة صادمة تملي وجوب الصمت التام عن أي حديث بخصوص أرباح يمكن أن يحصلها خط إنتاج قشقوان في قبو بناء، أي مشروع صغير من تلك المشروعات المنسوبة لاقتصاد الظل.
شركات أم دكاكين؟
من كان يصدق مثلاً أن قطاع الصناعات الغذائية بكل شركاته.. مياه وألبان وتصنيع العنب و الكونسروة، حقق إيرادات لا تتجاوز 20 مليار ليرة سورية في عام 2022 .. و هذا رقم عائد تشغيل بضعة محال لبيع الألبسة في شارع الحمرا في العاصمة دمشق.
نعود إلى شركة الكابلات لنشير إلى أنه تم إعفاء مديرها على خلفية المخالفات الحاصلة، وأحيل الملف إلى الجهاز المركزي للرقابة المالية لاستكمال التحقيقات والتحريات عن قيم المال العام المهدور..لكن لا ندري إن كان الجهاز يعمل وفق حسابات فوات المنفعة الذي تتسبب به إدارات مخالفة ومرتكبة، يجري إعفاؤها وإبعادها عن سدّة المسؤولية، كما لا نعلم إن كان تكليف إدارة جديدة سيحل المشكلة ويقطع سلسلة فساد كبير، أم ستكون هناك متابعة لهذه السلسلة التي تلتف على رقبة الاقتصاد.
اخبار سورية الوطن 2_تشرين