آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » على وشك الإقلاع.. هاجس صيني لـ«العقيدة الترامبية»

على وشك الإقلاع.. هاجس صيني لـ«العقيدة الترامبية»

 

| عبد المنعم علي عيسى

 

على مبعدة نحو شهرين، أو أكثر قليلاً، أعلن دونالد ترامب، الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، عن ترشيحاته للأفراد الذين قرر أن يكونوا معه في رحلة السفينة التي سيقودها لمدة أربعة أعوام تنتهي يوم الـ20 من كانون ثاني 2029، هذا إن لم تحدث، خلال رحلة السفينة، تطورات تجعل من استمرار الرحلة أمراً غير متاح على الرغم من أن ذلك لا يزال، حتى الآن، أمراً صعباً وفق معطيات الواقع الأميركي، فالكثير من المؤشرات توحي بأن الرجل يسعى ليجعل من نفسه «ظاهرة» تتخطى حدود ذلك الواقع، ولربما يذهب السعي إياه للتأسيس لما يشبه نظاماً «ملكياً» ذي طابع خاص، وهو مختلف عن الأنظمة الملكية المعروفة، لأن من شأن الفعل، لوحده، «إنقاذ أميركا من الزوال على يد الديمقراطيين»، وفقاً لما ذكره في أعقاب محاولة الاغتيال التي تعرض لها شهر تموز الماضي في بنسلفانيا، والتي وصف نجاته منها على أنها «تدبير إلهي» جاء من أجل عملية الإنقاذ سابقة الذكر، وما يزيد من احتمالية هذا الأمر، هو أن ما جرى تسويقه غالباً ما كان يلقى قبولاً لدى قواعد شعبية راحت مساحاتها تتزايد في أعقاب فوزه الكاسح على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، والمهم في الأمر أن هؤلاء باتوا مقتنعين تماماً بأن ترامب ضحية لظلم مؤسسات سياسية وقانونية وإعلامية فاسدة، ولذا فإن إعلان الحرب على تلك المنظومة يمثل أمراً مشروعاً، لأنه يمثل البديل الوحيد لاستمرار «عظمة» و«هيبة» أميركا، وإنقاذها من الانحدار الذي قد يوصل بها إلى القيعان التي وصلتها، مثلاً، إمبراطوريات ثلاث هي: البريطانية والفرنسية والسوفييتية في غضون أقل من قرن من الزمن.

 

طاقم سفينة ترامب الذي رشحه ليخوض معه مغامرة الولاية المقبلة، والراجح هو أن تلك الترشيحات لن تلقى الكثير من الصعوبات نظراً للتوازنات التي أفرزتها انتخابات الـ5 من تشرين الجاري داخل الكونغرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، ناهيك عن أن ترامب كان قد دعا محازبيه لـ«التنحي جانباً» في هذا السياق، وهم من دون شك فاعلون، هذا الطاقم يضم، فيما يضم، زمرتين من الساسة، الأولى تنتمي إلى فئة «المحافظين الجدد»، من قماشة المرشح لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، والمرشح لمنصب مستشار الرئيس للأمن القومي، مايك والتز، والمرشح لمنصب وزير الدفاع بيت هيجيسيث، والمرشح لمنصب وزير العدل مات غايتس، الذي ستناط به مهمة «تنظيف» ساحة ترامب جنباً إلى جنب مهمة «رأس حربة العدالة» في مواجهة الخصوم.

 

ويضم الطاقم، فئة أخرى تحمل صفة «الديمقراطيين السابقين» من قماشة المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، وهي نفسها كانت نائبة ديمقراطية قبيل أن تستقيل العام 2022 وتصف نفسها بالمستقلة، والمرشح لمنصب وزير الصحة، روبرت كيندي جونيور، وهو نفسه كان ديمقراطياً قبيل أن يستقيل العام 2023 ويسمي نفسه مستقلاً أيضاً.

 

هذه «الخلطة» من المقدر لها أن تتناغم، على الرغم من عديد تناقضاتها التي تكشفها مواقفها تجاه مسائل عدة، على وقع الشعار الأبرز «أميركا أولاً»، الذي صدح به ترامب عشية حملته الأولى التي قادته للبيت الأبيض عام 2016، ومن ثم عاد ليكرره إبان حملته التي ستقوده إلى هذا الأخير مطلع عام 2025 وبشكل صارخ أيضاً، والشعار في جوهره يهدف بالدرجة الأولى لتحشيد كل الطاقات والإمكانات والقدرات لمواجهة الصين، التي باتت تمثل هاجس الأميركيين الأول، من دون أن يكون هناك خلاف ما بين جمهورييهم وديمقراطييهم حوله، فقط الخلاف يتمحور حول سبل المواجهة وكيفية الحد من الاندفاعة الصينية التي باتت تهدد الداخل الأميركي عينه، وليس الدور الأميركي العالمي فحسب، وعليه فإن كل السياسات التي ستنتهجها الولايات المتحدة، في ظل ذلك الشعار وهاجسه الجوهري، سوف تكون نابعة من الاعتبارات والنتائج المحتملة لتلك السياسات على هذا الهاجس الأخير بحكم اعتباره «التناقض الأساسي» الذي يجب أن تدور باقي التناقضات الثانوية في محوره، أو هي تكون خادمة له، ولذا يصح هنا، عند محاولة استكشاف أو التنبؤ، حول السياسة الأميركية المقبلة تجاه أي من الصراعات المشتعلة على امتداد العالم، النظر إليها من خلال تداعياتها، السلبية أو الإيجابية، على الصين.

 

الراجح هنا أن السنوات الأربع المقبلة سوف تشهد صراعاً أميركياً صينياً على مختلف الجبهات، وفي أتونه سوف يكون هناك بروز، وترسيخ لما يمكن تسميته بـ«العقيدة الترامبية»، على نحو «المكارثية» التي ظهرت إبان مرحلة الحرب الباردة زمن الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وإذا ما اختصت هذي الأخيرة برسم الحدود والهوامش للصراع مع الاتحاد السوفييتي، فإن الترامبية، سوف تختص برسم نظائر لهذي الأخيرة للصراع مع الصين، والنتيجة التي قد تتحدد ملامحها في غضون سنوات حكم ترامب الأربع المقبلة، سوف تحدد، وإلى درجة كبيرة، إذا ما كان المتبقي من هذا القرن صينياً أم أميركياً.

 

كاتب سوري

 

 

سيرياهوم نيوز١_الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نقابة المحامين انتخبت مجلسها الجديد

  انتخب اليوم أعضاء مؤتمر نقابة المحامين أعضاء مجلس النقابة الجديد، وبحسب النتائج فإنه فاز بالانتخابات كل من ياسر العدي، رائد الهنيدي، وفيصل جمول، حيدر ...