في أبريل من عام 1994 قتل رئيس الهوتو “جوفينال هابياريمانا” بعد أن أسقطت طائرته ، هذه الحادثة أشعلت توترات عرقية في المنطقة وساعدت على إشعال الحرب وبداية للأبادة الجماعية في رواندا ، شن القادة المتطرفون من الهوتو التي تمثل الأغلبية في رواندا حملة إبادة ضد الأقلية من قبيلة توتسي ، وبدأ الهوتو بقتل رجال ونساء وأطفال التوتسي قتلاً جماعيا ، حتى الرافضين والمعتدلين من رجال الهوتو أجبروا على الانضمام الى مجاميع القتل . وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم قُتل ما يقارب على مليون شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب فيلم” أشجار السلام” مستوحى من أحداث حقيقية تؤرخ تللك الفترة من الابادة الجماعية .
قامت الكاتبة والمخرجة ألانا براون بكتابة قصة عن نساء يرتبطنً بروابط غير متوقعة خلال هذا الوقت العصيب (وفقا للمقدمة الافتتاحية للفيلم ، تم تأجيج الكراهية بين المجموعتين من قبل المستعمرين البلجيكيين). حين هربت أربع نساء من عمليات القتل عن طريق الاختباء في قبو صغير في مطبخ منزل رجل من الهوتو المعتدلين (فرانسوا) وزوجته الحامل ، المخبأ مزود بنافذة صغيرة . يبدأ الفيلم من صاحبة المنزل (أنيك) بالقراءة من دفتر ملاحظاتها وهي تصف الأيام التي قضتها في القبو ، يظهر رجل يُدعى “فرانسوا” (الممثل تونجاي كريسا) وهو يتوسل زوجته “أنيك” (الممثلة ألياني أوموهير) الحامل في أشهرها الأخيرة من أجل القبول بالنزول إلى قبو في مطبخ بيتهم حفاظا على حياتها، يعدها بالعودة ويوصيها بالاهتمام بنفسها وبمولودهما المنتظر، وبعد مرور مدة من الزمن يوصل الزوج ثلاث نساء أخريات إلى المخزن . من بين النساء شابة من قبلية “التوتسي” تُدعى “موتيسي” (الممثلة بولا كوليوشو) وهي امرأة مصابة بصدمة نفسية بعد أن رأت عائلتها تذبح أمام عينيها وقميصها ملطخ بالدماء، وهي متذمرة وشرسة الطباع ولكنها تتمتع بذكاء وفطنة في الوقت نفسه. لا تعترف بفضل أصحاب البيت عليها، بل تحسدهم لأنهم من قبيلة “الهوتو”، وأن فرص نجاتهم كبيرة بينما حياتها على المحك، وتتوقع أن تكون نهايتها مثل نهاية سكان قريتها التي أبادها المسلحون عن بكرة أبيهم، ولهذا السبب أُضطرت للهروب في جنح الظلام والثالثة هي الراهبة والمعلمة ( جانيت) من التوتسي التي لجأت للرهبنة هربا من سلوك والدها الفظ وتعامله القاسي مع أمها ، جانيت لم تتصالح بعد مع وفاة والدتها وسوء معاملتها على يد والدها الكاهن ، أما الشخصة الرابعة بيتون (إيلا كانون) متطوعة أمريكية جاءت إلى رواندا لمساعدة الناس في برنامج المنظمات غير الحكومية. في البداية كانت المرأة الرواندية تشعر بالاستياء منها بسبب امتيازها الأبيض ، ولكن مع مرور الأيام تكشف عن إنسانيتها تضحيتها وتفانيها وينكشف ذالك عندما يعود فرانسوا بالطعام ويحمل معه الخبر السار لها برغبة الأمم المتحدة في إجلاء ألاجانب من البيض لكنها ترفض هذا الامتياز والتميز على حساب الأخريات وترفض الخروج والنجاة بتلك الطريقة المخجلة . يتجادلنً النساء ، يتحدثنً ، يدعمنً بعضهنً البعض ويحاولنً البقاء على قيد الحياة ، هنً قادرات على التنفس بسبب فتحة صغيرة في الجدار ، وقادرات على سحب لوح من الأرض لإنشاء مرحاض مؤقت . ولتمضية الوقت يبادرنً بسرد قصصهنً ومشاكلهنً ، يلعبنً الألعاب معاً ، ويتعلمنً كيفية القراءة والكتابة بفضل مساعدة بيتون . تشارك النساء قصصا من حياتهن المضطربة ، تعرضت اثنتان منهما للاعتداء الجنسي ، وحاولت أحداهما الانتحار والآخرى تعرض لعدة حالات إجهاض . بصرف النظر عن بعضهم البعض – واختلافاتهنً ومناقشاتهنَ – كل ما لديهم هو كتاب قصائد للأطفال يسمى بذور الحب ، أشجار السلام ، والذي اشتق منه عنوان الفيلم. كان الكتاب موجودا في حقيبة الشابة الأمريكية، وهو عبارة عن كتاب رسومات قصص للأطفال عنوانه “بذور الحب.. أشجار السلام” لمؤلفته “سوزان أليجاه كيرن”، ينعكس كونه كتابا للأطفال بدقة في كيفية تمسك النساء بخيوط البراءة الأخيرة في مساحة ربما كانت مكانا ممتعا للاختباء للأطفال في ألعاب الغميضة في عالم أفضل . فرانسوا زوج المرأة الحامل من الهوتو(أنيك ) يظهربين الحين مع إمدادات الطعام والشراب لكننا لا نرى وجهه حقا (حتى النهاية) – كل ما نراه هو لقطة شبه نورانية ليد تمتد من هالة من الضوء في الأعلى كلما فتح الباب وهي رمزية الملائكة .
في الخارج يسمع صوت إطلاق نار وصراخ حين تقتل الميليشيا الأبرياء . ومن خلال الفتحة الصغيرة في جدار القبو نشهد فظائع الجرائم التي تحدث في جميع أنحاء رواندا وتصبح تلك الفتحة نافذتنا على العالم الخارجي ورصد أحداثه. في مشهدا فظيع ، تصوير عملية اغتصاب امرأة من “التوتسي” لم تنفع توسلاتها للمسلحين الذين كان من بينهم رجل تعرفه الراهبة جانيت (شارمين بينجوا) لكونه من بين أعضاء الجوقة (كورال) التابعة للكنيسة، تحاول مناداته ، لكنها تكتشفت أن الفتى ( باسكال) قد حولته الحرب الى حيوانا شرسا حين رأته بأمّ عينيها يقتل المرأة بعد إغتصابها بدم بارد. مع مرور الأيام ومشاهدتها للمزيد من الأعمال الوحشية ، تبدأ في التشكيك في إيمانها وتتساءل ” كيف يمكن لإله عادل أن يقف مكتوف الأيدي ولا يفعل شيئا ؟ ” . تقدم كاتبة السيناريو ألانا براون في أول ظهور لها ككاتبة ومخرجة قصة مؤثرة وجذابة بهدوء . إنه لأمر مأساوي في سرد قصة أربع نساء تم إلقاؤهن قبو بمساحته الضيقة ويكفاحهن من أجل البقاء على قيد الحياة وسط مدينة تسيطر عليها المليشيات وسلاحها المنفلت ، البقاء على قيد الحياة ليس بالأمر السهل لأن الإمدادات الغذائية شحيحة بعد أن أصبح الزوج فرانسوا معلم المدرسة مطاردا من قبل عصابات الهوتو وهناك مساحة صغيرة جدا للتحرك . يبدو أن هؤلاء النساء أصبحن بمثابة الأخوات لأن المعاناة جزء من تجربة كل امرأة ويساهم في التألف والانسجام فيما بينهنً . لذا تفعل النساء ما في وسعهن لتمضية الوقت . إنهنً يلعبنً الألعاب، ويقرأنً كتاب للأطفال بعنوان “أشجار السلام”، ويقدمنً كلمات تشجيعية لغرس قدر من الأمل . ولكن غموض مستقبلهنً يؤثر على سلوكهنّ، في اللحظات التي يشعرنّ فيها بالذعر والاستسلام تبدأ النساء في المشاحنات والقتال مع بعضهن البعض وربما الأحيان تهاجمهنً الهلوسة والكوابيس. تمر الأيام ، وليس هناك أي علامة على مساعدة النساء السجينات داخل مخزن تحت الأرض . هناك أوقاتا تشك فيها النساء في فرصتهنً في النجاة ، بسبب تدهور صحتهن وتصاعدا التهديد في الخارج . تدرك أنيك عليها البقاء على قيد الحياة من أجل طفلها الذي لم يولد بعد وأن النساء الأخريات يبذلن قصارى جهدهن حتى لا يفقدن الأمل . وفي اليوم الـ81 من الاختفاء حاولت موتيسي (بولا كوليوشو) بكل قوتها فتح باب المخزن المقفل من الخارج حتى تننجح بمساعدة البقية، لكنهن اصطدمن بسماع أصوات قادمة من الخارج، مما دفعهن للانتظار ريثما يتضح الأمر أنه يوم الخلاص حين تدخل مجموعة من مسلحي الجبهة الوطنية الرواندية التي طردت مقاتلي “الهوتو” ، وعندما تسمع الزوجة صوت زوجها لم تصدق تنهار ويحكى لها كيف نجا من الموت بأعجوبة، بينما بقية مُدرسي المدرسة لقوا حتفهم على أيدي المسلحين. إنتهت الإبادة الجماعية في 15 تموز 1994 بعد نجاح الجبهة الوطنية الرواندية وهي قوة من المتمردين ذات قيادة توتسية في طرد المتطرفين وحكومتهم المؤقتة المؤيدة للإبادة الجماعية إلى خارج البلاد . ومع ذلك فلا تزال آثار الإبادة الجماعية باقية إلى اليوم بعد أن خلفت مئات الآلاف من الناجين الذين يعانون من الصدمات النفسية ، وحولت البنية التحتية للبلد إلى أنقاض . مع انتهاء الفيلم ، تكشف لنا المخرجة إن أكثر من مليون شخص ماتوا خلال الإبادة الجماعية. ومن الواضح أن هذا أمر مفجع ولكنه درسا قاسياً لشعب رواندا في تجاوز تلك المحنة العصيبة . في السنوات التي تلت أحداث هذه المأساة الرهيبة ، قادت الناجيات حركة سياسية للشفاء والمغفرة. وبفضل الجهود التي تبذلها رواندا يوجد الآن أعلى نسبة من النساء المعينات في الحكومة . وهذا التغير الذي ألهم المخرجة ألانا براون أيضا في كتابة وأخراج فيلم ” اشجار السلام ” بعد انتهاء الإبادة الجماعية وإعادة بناء البلاد، أصبح لدى رواندا أعلى نسبة من النساء في الحكومة في أي بلد في العالم بحيث فقزت النسبة من 18٪ من المشاركة قبل الإبادة الجماعية إلى 56٪ في عام 2008 .
لا توجد خصوصية في هذا الفيلم بحيث يتعين على الشخصيات أن تتعود كيفية الذهاب إلى الحمام في هذه الغرفة ، وكيفية تقنين الطعام ، وكيفية عدم فقدان عقولهم ، ولكن هناك أيضا لحظات أكثر دفئا وقت لعب السيدات مع بعضهن البعض ، وقراءة كتاب للأطفال بصوت عال أوالرسم على الجدران ، تظهر هذه اللحظات الصغيرة إنسانيتهم وقدرتهم على رفع معنويات بعضهم البعض والرابط الوحيد الذي تربط الغرفة بالعالم الخارجي نافذة صغيرة ، وسيلة ذكية لسرد القصص تسمح برؤية حقائق الاضطرابات في الخارج ، مما يدفع كل شخصية إلى أقصى حدودها . علاوة على ذلك ، فإن النافذة هي المصدر الرئيسي للضوء ، وتستخدم لمعرفة الزمن و مرور الوقت. هناك وسيلة آخرىمساعدة في سرد قصص النساء ألا وهو التصوير السينمائي المبتكر المحصور في غرفة صغيرة. ومع ذلك ، تعمل حركات الكاميرا وخياراتها على الحفاظ على تفاعل المشاهد ومحاكاة للمشاعره . تتضافر كل هذه الأدوات معا لإنشاء عمل سينمائي متزامن يلتقط القصة المكثفة التي يتم سردها . لقد انجذبت الكاتبة والمخرجة إلى التحدي المتمثل في حصر القصة في غرفة واحدة لأنها كانت محددة بميزانية منخفضة لتصوير الفيلم . قالت الكاتبة والمخرجة براون التي أمضت ثماني سنوات في الكتابة والتطوير وجمع التبرعات قبل أن يتم التصوير في لوس أنجلوس في أواخر عام 2019 : “لقد ضربت النساء الروانديات اللواتي ثابرن على تجاوز هذه الإبادة الجماعية على وتر حساس معي . رغم أن قصتهم محددة ، لكن موضوعات الاضطراب الداخلي والتسامح تأخذ شكل العالمية هذه القصة ذات طابع أنساني وعالمي بشكل لا يصدق .” تبقي براون تركيزها ضيقا ، ولا تقدم أي عرض لخلفية أو أسباب المذبحة الرهيبة على الرغم من أن إحدى الشخصيات تلوم مستعمرها السابق بلجيكا على تحريض التوتسي ضد الهوتو . مستوحى من قصص مختلفة لنساء مختبئات في عام 1994 خلال الإبادة الجماعية في رواندا. تخبرنا المخرجة براون عن فكرة الفيلم بأنها جاءت إليها في عام 2008 أو نحو ذلك بينما كانت تجري بحثا لإجراء مقابلة مع فرانسين ليفراك من مؤسسة ، (سيم إسكاي ) وهي منظمة مكرسة للمساعدة في إعادة تأهيل الناجيات في كل من رواندا وفي أماكن من العالم . في حين أن عددا من قصص البقاء الحقيقية التي ألهمتها وساهمت في التأكيد الفيلم على أنه “مستوحى من أحداث حقيقية” .
على الرغم من الألم والوحشية في سرد القصص في بعض الأحيان ، إلا أن الفيلم يحتوي على الكثير من اللحظات المؤثرة التي تظهر قوة الحب والتسامح “. تأثيره بإأستخدم كاميرا المخرجة بطريقة إبداعية، حيث تقترب من وجوه النساء المرعوبات عندما يسمعن الأصوات المرعبة للأحداث التي تحدث في الخارج ، وتتراجع لتظهر لنا صعوبات العيش في بيئة ضيقة ، أنها قصص الحرب (أو مناهضة الحرب) والإبادة الجماعية. اللوحة كبيرة بطبيعتها ، والتاريخ معقد ، تم تصميم أشجار السلام للكاتبة والمخرجة ألانا براون بعناية لإنها حكاية بقاء داخل حكاية بقاء . هذه المساحة الصغيرة وتفاعلاتها وحدها تحتاج إلى استحضار صورة للإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 ، وفيها انقلب الجار على الجار وقتل حوالي مليون شخص . الفيلم يحمل رسالة مفادها أن الأمل والتسامح هما قوتان أقوى بكثير من الكراهية والانتقام إنها قصة حميمة لدفع فهم أعمق للإنسانية ، تنبض هذه الشخصيات أيضا بالحياة بفضل الحوار المصمم جيدا بشكل استثنائي . يضم فيلم اشجار السلام مجموعة من الممثلين والممثلات المتميزات في الاداء ، يجب أيضا الإشادة بالممثلات الأربع اللواتي يلعبن دور النساء في قلب هذه القصة. إنهنّ ينقلّن بدقة الكرب والخوف ، لكن الممثلة “بولا كوليوشو ” بصفتها فتاة التوتسي تبرز باعتبارها الأكثر ديناميكية ، إنها مبرمجة على كراهية الهوتو وإلقاء اللوم على المرأة صاحبة المنزل (أنيك) من الهوتو وعلى شعبها في الإبادة الجماعية على الرغم من أن أمطرتها بالحب والقبول . لم يكن هذا الفيلم مؤثرا بدون الشخصيات الأربع الرئيسية والممثلات اللواتي يصورهنً . تقدم كل من شارمين بينجوا وإيلا كانون وبولا كوليوشو وإليان أوموهير عروضا جديرة بالملاحظة ونرى كل ظل داخل هؤلاء السيدات: يأسهن وغضبهن ويأسهنً ، ولكن أيضا أملهنً وتعاطفهن ومثابرتهنً والرابطة التي يشكلونها طوال الأيام التي يحاصرنً فيها .
يلعب الصوت دورا رئيسيا – هناك ضجيج مستمر لإطلاق النار والشاحنات والثرثرة في الخارج بينما تكافح النساء لإقامة رابطة خلال تلك الأزمة و كل ما يمكنه مسماعة من نبض الشارع ووحشيته الكثير. في نقاط مختلفة من الفيلم ، يستمعون رعب نساء أخريات يتعرضن للاغتصاب ورجال يتعرضون للضرب حتى الموت في الشارع . تعمل المخرجة في فيلمها أشجار السلام بشكل جيد بصريا دون أن تكون دخيلة للغاية. على سبيل المثال ، الأحلام والهلوسة واسعة النطاق لأنها تصور الرابط المتلاشي بين الحياة التي عاشوهنً من قبل والمستقبل الذي يأملنً في الحصول عليه. تُكرم هذه التحفة الفنية النساء الروانديات اللواتي قادن الجهود نحو الشفاء والتسامح والسلام وتعطينا سياقا للفظائع التي اضطررن إلى تحملها عندما تشكلت روحهنّ الجماعية .
وجدت المنتجة للفيلم نيكول أفانت أن تركيز المخرجة براون على المنظور الأنثوي مثير للاهتمام بشكل خاص ، بالنظر إلى التغييرات السياسية التي نتجت عن هذه الفترة الزمنية ، حيث يوجد في رواندا الآن أعلى نسبة من النساء المعينات في الحكومة في أي مكان في العالم. كانت أفانت على دراية وثيقة بتجربة النساء في السياسة كسفيرة سابقة للولايات المتحدة في جزر البهاما ، وكانت مهتمة بتوضيح “كيف مررنّ بتجربة مأساوية ومروعة للغاية ، ووجدن طريقة للخروج منه والقيام بعمل أفضل والمضي قدما” . وتضيف “كنت فخورة جدا بأن ألانا براون أرادت أن تروي هذه القصة وتسلط الضوء حقا على قوة الوحدة وقوة المرأة ” . حافظت المخرجة ألانا براون على تركيز كاميرتها بإحكام على شخصياتها النسائية الأربع بينما يتعلمن المزيد عن بعضهن البعض مع أبراز تأثير الصراع الخارجي عليهن جميعا . فيلم ( شجرة السلام ) عاطفي وملهم في سرد مفجع ومثير للدهشة للأحداث الفظيعة في رواندا بين الهوتو التوتسي . لا يعرف الكثير عنها بفضل التعتيم الإعلامي بينما كانت الأحداث المروعة تتكشف ، ولكن بفضل الناجين الشجعان الذين تمكنوا من مشاركة كوابيسهم ، أصبحنا أكثر تعاطفا دراية بمحنتهم . وهناك العديد من الأفلام الملهمة عن تلك المجازر ولكن يتم التقليل من شأنها ولايتم تسليط الضوء عليها وينبغي أن نشجع الأفلام التي تتناول التطهير العرقي والإبادة الجماعية. مثل التطهير العرقي في ميانمار والبوسنة أو الاقتتال الطائفي الذي حدث في العراق وأماكن أخرى أخرى من العالم .
في الختام : في جوهره فيلم” أشجار السلام “هو قصة صمود النساء الروانديات اللواتي وجدن طرقا ليس فقط للبقاء على قيد الحياة، ولكن لإعادة بناء بلدانهن من الرماد. وبطاقات نهاية الفيلم أن النساء كن شريان الحياة وراء إعادة تأهيل رواندا وما زلن قائدات للبلد اليوم – وهي صفحة أتمنى أن تأخذها العبرة منها المزيد من البلدان التي شهدت الاقتتال الطائفي والقبلي . وبعد طوى صفحة الإبادة الجماعية في رواندا أصبحت المرأة في الطليعة من أجل إعادة تأهيل البلد،. يمنح فيلم أشجار السلام المشاهد منظورا شخصيا لما يشبه العيش والموت في جحيم لن يضطر معظمنا إلى مواجهته أبدا . هذا الفيلم هو تذكير بقسوة الحرب وقيمة الإنسانية و أيضا لطفها وجمالها . كتابة السيناريو يعكس الأحداث الحقيقية للإبادة الجماعية في رواندا – ويعكس الروح الجماعية بداخلنا جميعا .
علي المسعود
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم