آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » علي نفنوف.. حين تنطق اللوحة بالسؤال وتكتب القصيدة بالألوان

علي نفنوف.. حين تنطق اللوحة بالسؤال وتكتب القصيدة بالألوان

في مشهدٍ فنيٍّ تتسابق فيه الألوان وتتزاحم الأصوات، يبرز اسم علي نفنوف كأيقونة تُجيد التحدث بلغة الحرف والضوء والظل، وتُحوّل الألم إلى ضربات ريشة وكلمات تهتز على حواف الشعر.
لا يتعامل نفنوف مع الفن كخيار، بل كقدرٍ مباغت، فالفن بالنسبة إليه لا يطلب الإذن بل يدخل في جينات تصرفاتنا دونما دراية. استهل درب الفن بالتصوير، ثم دخل عالم التشكيل من بوابة الجرأة، فكانت الألوان الزيتية والسكين أدواته الأولى، فيما يشبه ولادة ثانية لفنان يرفض محاكاة الآخرين ويرسم ما يُرضي رأسه لا رؤوسهم.

الأزرق صديق أثير

إذا كان لكل فنان لونٌ يعبّر عنه، فالأزرق عند نفنوف هو مجرّته وذاكرته ومقلته.
يقول للحرية : “الأزرق هو السر… والراحة… والقلق. هو الغضب واحتباس المطر.”
الأزرق، الذي يسكن البحر والسماء والخوف والشيطان، هو الصديق الذي “يمنح الأسئلة” واللون الذي به تتحول اللوحة إلى استفهام بصري لا يقبل الصمت.

اللوحة لا تُنجز… بل تُنجزنا

وعند سؤاله عن طقوسه في الرسم، أجاب نفنوف: “أفضل أن أكون أنا العازف وأنا الجمهور. لا أحتاج موسيقا… اللوحة هي المعزوفة.” وبالتالي نراه لا يرسم بصمت، بل بضجيج العالم. أما الريشة فهي «راقصة تنزف نزقها» واللوحة «قصة تُروى بلغة العين»، تتحدث إلى المتلقي بلغته أياً كانت قوميته أو ثقافته.

القصيدة… لا تُكتب بل تُولد

لا تختلف علاقة نفنوف بالشعر عن علاقته بالرسم، فلكلّ منهما لغة تستدعيه لا يسعى إليها. يقول: “القصيدة لا تُولد من عقل أو فكر… تأتي من صدمة أو خيبة أو رعشة.”
كما يؤمن أن القصيدة الصادقة لا تُراجع: “القصيدة الحقيقية تُراجعنا نحن، لا نراجعها.”

الفن ابن الألم

وعن تأثير الواقع السوري، عبّر لصحيفتنا بشفافية: “المترفون لا يرسمون… الحالمون يكتبون، والحالمون هم الموجوعون.” إذ يرى أن اللوحة ليست ترفًا بل وسيلة لإعادة بناء ما تحطّم، ورفضاً صريحاً للقبح بالماء واللون.
كما يحرص نفنوف ألا تكون لوحاته مجرد ديكور على جدار فيقول : “أنا لا أرسم لتزيين المنازل.. بل لطرح الأسئلة. فاللوحة التي لا تمنح سؤالًا، فاقدة للشرعية.”
أما الفن بالنسبة لنفنوف فليس مشروعاً تزيينياً، بل مشروع فكري متكامل، يقاوم النمطية ويبحث دوماً عن “اللامألوف”.
وفي هذا السياق يخاطب الفنانين الشباب بجرأة تشبهه:
“لا تنتظر أن يمنحك أحد المدى.. كن أنت المدى.
لا تنتظر أن يمنحك أحد الصدى.. كن أنت الصدى.
لا تنتظر جائزة… كن أنت الجائزة.
الحوار مع الفنان والكاتب علي نفنوف ليس مجرد مرور على محطة فنية، بل هو غوص في بحيرة من الأسئلة، وتأمل في جغرافيا الحواس.
فهو لا يقدّم الإجابات، بل يفتح النوافذ، ويترك الريشة تهبّ بدل أن تصمت.

من الجدير ذكره أن الفنان علي نفنوف من مواليد سوريا عام 1969 ، وتنقل بين التصوير الفوتوغرافي والرسم والشعر والمقالة والقصة القصيرة، واضعاً الفن في مواجهة الأسئلة الكبرى. أقام أكثر من ستين معرضاً، وخلّد عبر لوحاته فلسفة الألوان التي «لا تزيّن» بل «تستفزّ» و«تبوح».

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسماؤنا كيمياءٌ ودلالات…والمعاني في عيوننا!

يقال إن لكل إنسان من اسمه نصيباً! كما لو أن هناك حبلاً سريّاً يصِلُ الاسمَ بصاحبه، بذكرياته، بطريقة كلامه وقول أفكاره، بمشاعره تجاه نفسه، ومشاعرنا ...