شهد لبنان، من جنوبه إلى شماله، عملية إرهابية إسرائيلية، أدّت إلى سفك دماء آلاف الأشخاص، دفعة واحدة، عبر تفجير أجهزة الإرسال «بايجر» (Pager) التي يحملها عدد كبير من عناصر حزب الله، سواء العسكريون منهم، أو بعض العاملين المدنيين في مؤسّساته الصحّية والاجتماعية والخدمية. وفي حين أدّت الانفجارات الصغيرة، لكن الفعّالة، الى إصابة نحو ثلاثة آلاف شخص، خلال وقت قصير، وبجروح متفاوتة، فرضت السلطات الإسرائيلية حظرَ نشرٍ على مسؤوليها ووسائل إعلامها. لكنّ التسريبات في الإعلام العبري، وكذلك الأجنبي، أوضحت بما لا يدع مجالاً للشكّ مسؤولية العدو الإسرائيلي عن العملية الأمنية الكبيرة.قبل العملية، بنت تل أبيب سياقاً ونوعاً من السردية لتبرير ما ستُقدم عليه من تحرّكات، إذ أعلنت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن إحباط محاولتي اغتيال مزعومتين، واحدة قبل الحرب، وأخرى خلالها، كان من المفترض أن تستهدف شخصية أمنية رفيعة هي – بحسب إعلام العدو – رئيس هيئة الأركان السابق في جيش العدو أفيف كوخافي، عبر زرع عبوة ناسفة صغيرة في حديقة يمارس فيها رياضته اليومية.
وشهدت تل أبيب اجتماعات أمنية مكثّفة في اليومين الماضيين ركّزت على الأوضاع على الجبهة الشمالية للكيان. كما صادق «الكابينت»، فجر أمس، على توسيع أهداف الحرب، لتشمل «إعادة النازحين الإسرائيليين إلى بيوتهم في الشمال، والقيام بما يلزم لتحقيق ذلك على المستوى العملي». ويبدو أن عملية أمس، كانت من نتائج قرارات هذه الاجتماعات، وهي شكّلت نقطة تحوّل أخرى في مسار الحرب، وستفتتح معها مرحلة جديدة من القتال، بأشكاله وأنواعه المختلفة، الأمنية والعسكرية والتقنية وغير ذلك، وهو ما ستتبيّن طبيعته خلال الأيام المقبلة.
وعقب العملية، سارع المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي المصغّر إلى عقد اجتماع للبحث في الوضع على الجبهة مع لبنان، وسط «تقديرات بأن يقدم حزب الله على تنفيذ ردّ واسع ضد إسرائيل». كما عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعات أمنية وعسكرية للبحث في هذا الشأن. وذكرت قناة «كان» أنه تم «رفع حالة التأهّب في جميع الموانئ البحريّة بما في ذلك إيلات». كما أشارت «القناة 14» إلى أنه يبدو أنه «ابتداءً من الليلة سينتقل الثقل الأمني والعسكري من قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية». ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم»، عن مصدر أمني قوله إن مشاورات أمنية مكثّفة جرت في الساعات الأخيرة بشأن «إمكانية نشوب حرب ضد حزب الله»، مشدّداً على أن «التوتر الشديد مع حزب الله وصل إلى حافة الهاوية». فيما نقل موقع «واللا» الإسرائيلي عن مصادر عسكرية أن جنوداً وضباطاً في جيش الاحتياط تلقّوا «الرمز رقم 8»، الذي يُلزم بالحضور إلى القواعد العسكرية. و«قامت الجبهة الداخلية بإجراءات تأهّب غير عادية يتم من خلالها إنعاش أوامر الاحتياط وإعداد الملاجئ، وتمت عملية إعداد الملاجئ والمناطق المحمية في حيفا وبقية المدن». كما ألغت عدة شركات طيران عالمية رحلاتها إلى تل أبيب في اليومين المقبلين.
واشنطن تبرّئ نفسها: نسعى إلى حلّ دبلوماسي للصراع بين إسرائيل وحزب الله
من جهتها، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عمن وصفتهم بالأشخاص المطّلعين أن «أجهزة الاستدعاء المتضرّرة كانت من شحنة جديدة تلقّاها الحزب في الأيام الأخيرة». ونقلت عن شركة «لوبك إنترناشيونال» الأمنية أن «سبب انفجار أجهزة الاتصال هو على الأرجح برمجيات خبيثة». أما صحيفة «نيويورك تايمز»، فأشارت إلى أنه قد «تمّت برمجة الأجهزة لتصدر صوت تنبيه لعدة ثوان قبل أن تنفجر».
وعقب الهجوم، عمدت الولايات المتحدة إلى تبرئة نفسها من المشاركة أو العلم بالعملية. فيما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مصادر قولها إن «إسرائيل لم تبلغ إدارة بايدن مسبقاً بعمليتها». وذكر الموقع أن «العملية تمّت الموافقة عليها هذا الأسبوع في اجتماعات بين نتنياهو وكبار أعضاء حكومته والقادة العسكريين»، مضيفاً أن «إسرائيل نفّذت العملية لنقل قتالها ضد حزب الله إلى مرحلة جديدة مع السعي لعدم بلوغ حرب شاملة». كما سُجّل اتصال بين وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت ونظيره الأميركي لويد أوستن لمناقشة تطورات الوضع على الجبهة مع لبنان، علماً أن أوستن سيزور إسرائيل الأحد المقبل. وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن «السبيل الأمثل لخفض التوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية هو الدبلوماسية». في حين أشارت وزارة الخارجية إلى أن «واشنطن ليست ضالعة في الأمر (…) ونسعى إلى حلّ دبلوماسي للصراع بين إسرائيل وحزب الله». وشدّدت على أنه «على الأطراف الإقليمية والدولية احتواء الصراع، ونرحّب بأي دور من أجل تحقيق ذلك».
Ad
Unmute
قد تباع ماكينة الطحن غير المباعة في المكسيك مجانًا تقريبًا!
ماكينة طحن
حزب الله: الرد على العدو من حيث يحتسب ولا يحتسب
في بيان أوّلي، أشار حزب الله إلى أن «عدداً من أجهزة تلقّي الرسائل المعروفة بالبايجر (…) انفجرت، وأدّت هذه الانفجارات الغامضة الأسباب حتى الآن إلى استشهاد طفلة واثنين من الإخوة وإصابة عدد كبير بجراح مختلفة». وأضاف البيان: «تقوم الأجهزة المختصّة في حزب الله حالياً بإجراء تحقيق واسع النطاق». وفي البيان الثاني، أعلن الحزب أنه «بعد التدقيق في كل الوقائع والمعطيات الراهنة والمعلومات المتوفّرة حول الاعتداء الآثم الذي جرى، فإنّنا نحمّل العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي والذي طاول المدنيين أيضاً، وأدّى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة عدد كبير بجراح مختلفة». وأكّد الحزب في بيانه استمرار «النصرة والدعم والتأييد للمقاومة الفلسطينية الباسلة»، متوعّداً العدو بـ«القصاص العادل على هذا العدوان الآثم من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب».
في أعقاب الهجوم الإسرائيلي، وبعدما تبرّأت الولايات المتحدة الأميركية من مشاركتها بالعملية أو علمها بها، سُجّل اتصال بين وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت ونظيره الأميركي لويد أوستن، لمناقشة تطورات الوضع على الجبهة مع لبنان، علماً أن أوستن سيجري زيارة لإسرائيل يوم الأحد المقبل. وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن «السبيل الأمثل لخفض التوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية هو الدبلوماسية». فيما أفادت هيئة البث الإسرائيلية العامة «كان 11»، بأن المنظومة الأمنية الإسرائيلية، تقدّر بأن حزب الله يستعدّ لشن عملية عسكرية ضد إسرائيل. وأشارت إلى أنه «طُلب من كبار الضباط في الساعات القليلة الماضية حضور جلسة خاصة، عُقدت في (مقر وزارة الأمن الإسرائيلية) بتل أبيب، حيث تواجد هناك كل من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه يوآف غالانت. وقد أعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أن «رئيس أركانه، هرتسي هليفي، أجرى تقييماً للوضع، مع التركيز على الجهوزية في الهجوم والدفاع في جميع الجبهات». وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه «في هذه المرحلة لا يوجد تغيير في توجيهات قيادة الجبهة الداخلية».
سيرياهوم نيوز١_الأخبار