ديب علي حسن:
مهما كانت الحروب صغيرة أم كبيرة، كنت فيها معتدياً أم مدافعاً، منتصراً أم مهزوماً، فلن تخرج منها كما كنت قبل خوضها..ومهما كان المنتصر قوياً فهو خاسر إذا لم يحسن صون نصره سياسياً واجتماعياً وثقافياً فلا يكفي أن تغني أننا انتصرنا ونجلس على أعلى شرفة الجبل نتابع فلول المهزوم.هذا ليس إلا قصور نظر تماماً، فالحروب هي أكبر أسباب التحولات الجذرية في المجتمع ثقافياً وفكرياً واجتماعياً.. لا شيء يبقى على حاله، التحول سمة وجوهر الحياة وبالتأكيد ليس بالضرورة نحو الأفضل دائماً.فقد يعمل المنهزم على تحولات كبرى تصل به إلى نقطة انطلاق جيدة وهذا ما رأيناه في تاريخ الدول.. اليابان وألمانيا..يحول المحنة إلى منحة..وقد ينام المنتصر في عسل الدعاية التي تعمي العيون والعقول… ها قد انتصرنا..لا بد من مراجعات شاملة لكل التحولات في المجتمع العادات والتقاليد والقيم.. الثقافة.. الإبداع.. التوجهات العامة.. قياس ميول الناس وتوجهاتهم.. رضاهم عن الأداء الحكومي.. العمل على معالجة الثغرات الصغيرة التي قد تكبر لتصبح ممرات سهلة للعدو..العمل على مراقبة أدوات الغزو التي استخدمها العدو أما تزال فاعلة، هل لديها القدرة على تجديد نفسها؟.
في الحرب على سورية كان الغزو الإعلامي السلاح الأول ولكن الوعي الذي تمتع به الإعلام السوري الوطني كان جدار الصد الأول… استطاع ولن نمل من تكرار ذلك استطاع أن يواجه ويقاوم ويحطم امبرطوريات مدججة بكل ما تحتاجه من مال وتقنيات ووسائل..أدى الإعلام الوطني دوره وارتقى شهداؤه إلى جانب شهداء الجيش..ولكن لا ندري لماذا يعمل البعض على تحطيم هذا السيف قصداً أو دون قصد..هل يعني أنك إذا انتصرت تحطم سيفك أو رمحك… هي معركة أو معارك الآن يزداد سعيرها..تحولات الحروب ولا سيما الإعلامية تعني أننا يجب أن نبقى يقظين مشحوذين بالعمل بتطوير وسائل مواجهة العدو..علينا ألا نأخذ الإعلامي إلى منطقة يصبح فيها همه رغيف خبز وجرة غاز والبحث عن وسيلة مواصلات وقضايا كثيرة.علينا ألا نجعل وسائل التواصل آفة العصر أداة الفتك بنا، ومن خلال ما نقوم بهألغينا الذاكرة الورقية ولا أدري من العبقري الذي قرر ذلك بحجة ارتفاع التكاليف.. وهل الرسالة الإعلامية ربطة بقدونس؟.لماذا لا نحول القنوات التلفزيونية إلى يوتيوب باسم خفض التكاليف.. ساعة بث واحدة تعادل ما تعادل من نفقات الصحف الورقية.لا تقل لي إنها متابعة.. من يتابع التربوية أو نور الشام.. لنفترض أنهما متابعتان تماماً.. لكن متى وكيف ونحن لا نرى الكهرباء إلا ساعة واحدة كل ست ساعات..الأمر أبعد من تكاليف مالية لا سيما أننا نعرف ما ينفق على قضايا قد لا تكون أولوية..أيها السادة حصنوا نصرنا بالوعي، بالاهتمام، بالنقاش الجاد، لا بالقرارات التي تطبخ حيث يجب ألا تطبخ… نحن أمام معركة حماية نصرنا، والثقافة والإعلام هما جدار الوعي فهل من يقرأ ويستجيب
(سيرياهوم نيوز-الثورة١٥-٨-٢٠٢١)