آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » عن روايات كرهها النقّاد أو القرّاء

عن روايات كرهها النقّاد أو القرّاء

| سارة حبيب

ثمة الكثير من المعايير التي تجعل كتاباً ما جيداً، أو محبوباً للنقاد ومتطلباتهم الدقيقة، أو للقراء ومزاجاتهم التي قد ترفع كتباً غير جديرة إلى قمم قوائم المبيعات، وترمي كتباً مهمة إلى أسفل رفّ في مكتباتهم.

يتكلم الجميع عن الأشياء التي يحبونها، لكن قلّما يتكلمون عمّا يكرهون؛ ينطبق هذا على الروايات. في الحقيقة، الكثير من الروايات الرائجة، وبعضها من كلاسيكيات الأدب، تُصنَّف أيضاً على أنها كتب مكروهة. ويمكن القول إن القراء، في كثير من الأحيان، يحبون ويكرهون القصص ذاتها؛ بمعنى أنه حتى إن كانت رواية ما رائجة، قد نجدها في قائمة الأدب المكروه.

ما الذي يجعل كتاباً ما جيداً أو سيئاً؟

بدايةً، عندنا يتعلق الأمر باختيار ما نقرأ، لا بدّ من القول إن لكلّ منا كتبه المفضلة. وما هو جيد بالنسبة إلينا، قد يكون سيئاً بالنسبة إلى الآخرين. لكن بالعموم، اتفق القرّاء على بعض الأشياء التي يجدونها مزعجة في الروايات: الأخطاء التاريخية وانعدام دقة الحقائق، السياقات الحُلُمية، الأخطاء القواعدية والإملائية، سوء ترجمة العبارات الأجنبية، الإفراط في استعمال كلمات بعينها، مشاكل علامات الترقيم، المشاهد الجنسية المبتذلة، العنف المجاني، وكون الرواية، أو التوصيفات فيها، طويلة أكثر مما يجب.

من ناحيتهم، وضع النقاد بعض الجوانب التي تحدد فيما إذا كانت الرواية جيداً للقراءة أم لا، ومنها:

أ. الحبكة: إلى حد كبير، تُقرَّر مقروئية رواية ما بكيفية بناء الكاتب لحبكته. الحبكة الجيدة تُبقي القارئ معلّقاً بالكتاب من الصفحة الأولى حتى الأخيرة. لهذا، على الكاتب أن يجعل القصة تنساب بشكل طبيعي، من دون أن يكشف كل شيء حالاً، لكي يحافظ على عنصر التشويق.

ب. الشخصيات: الشخصيات هي أحد أهم العناصر في الرواية؛ لا يمكن سرد قصة من دون شخصيات. بالتالي، الشخصيات المثيرة للاهتمام تجعل الكتاب أكثر جاذبية، في حين أن الشخصيات المملة والجافة، تنفّر القارئ بغضّ النظر عن عظمة الحبكة. كذلك، يريد القراء أن يشعروا بارتباطهم مع الشخصيات على مستوى ما، وإلا فإنهم يعتبرون الرواية سيئة. كذلك، الرواية الجيدة هي التي تسمح لنا بمتابعة تطور الشخصيات ورؤيتها وهي تنمو، ترتكب الأخطاء، تنتصر، وتذكّرنا بأنفسنا.

ج. خلقُ عالمٍ: إذا تمكّنت الرواية من جعلك تنسى أين أنت، فهي رواية جيدة. على الرواية أن تأخذك إلى حيث يجري الحدث، إلى الفضاء مثلاً، أو إلى مكان بعيد عن الحضارة. الرواية الجيدة تجعلك تشعر بالانجذاب والتوهان الجميل في عوالمها.

د. الكتابة: على الرواية الجيدة أن تُشعرك كما لو أنك تستمع إلى أغنية عظيمة ذات كلمات حلوة. فإذا كانت مكتوبة على نحو جيد، ومن غير أخطاء قواعدية أو إملائية، ستكون متحفزاً لقراءتها مرّة بعد مرة.

ليست هذه بالطبع إلا بعض المعايير المبسّطة، وقد تأتي رواية جيدة من الأدب الحديث وتتجاوز الكثير منها. على أية حال، بين أيدينا هنا قائمة ببعض الكتب غير المحبوبة؛ كتبٌ ندم القراء على قراءتها، أو كتب حققت جماهيرية ونسبة مبيعات عالية، لكنها لم تعجب النقّاد:

1. ملحمة الشفق (ستيفاني ماير)

صدرت هذه السلسلة من الروايات الرومانسية من تأليف ستيفاني ماير بين عامي 2005 و2008. وهي تُعتَبر واحدة من أسوأ سلاسل الكتب على الإطلاق، رغم أنها حققت أعلى المبيعات. تروي السلسلة قصة سنواتِ مراهقةِ فتاةٍ خرقاء تدعى بيلا تقع في حب إدوارد، وهو مصاص دماء خطير إنما ساحر عمره 104 سنوات، وتجد نفسها في عالم لم تكن تعتقد أنه موجود. تنطوي السلسلة على قصة حب بائسة سخيفة، علاقات سُميّة، وصداقات سُميّة، حب متسلط، ومشاهد عنيفة تجعلها غير ملائمة للمراهقين، مع أنهم الجمهور الوحيد الذي قد يحب هذا النوع من الروايات.

بعد صدور السلسلة، لم يعرف الكثير من القراء إذا كان عليهم أن يصطفوا إلى جانب بيلا أو إدوارد. كما قسّم الكتاب النقاد والناس حول العالم، مع استمرار عدم رغبة الفتيات المراهقات (الفئة المستهدفة منه) بالتقليل من شأنه كما كان الجميع يحاول أن يفعل. وحتى بعد إلهامه سلسلة أفلام ناجحة حققت إيرادات عالية، ظلّ الكتاب غير رائج بين النقاد، حتى أن الممثل الذي قام بدور إدوارد صرّح بأن الكتاب كان يجب ألا يُنشر أساساً. استهجنت الكثير من المراجعات أسلوب كتابة ماير، شخصياتها ناقصة التطور، وخط الحكاية الضعيف عندها. ورغم أن السلسلة باعت أكثر من مليون نسخة، إلا أنه انتُقدت كذلك لتكريسها العلاقة المسيئة والمؤذية بين بطليها، وامتلأ الإنترنت بمقالات تصنّفها بين أسوأ الكتب. دعا أحد النقاد في صحيفة “الغارديان” البريطانية بطلة الرواية بـ”الساذجة”، في حين قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن الكتاب أشبه “بقراءة يوميات فتاة مراهقة؛ يوميات معزّزة بما يكفي من اطلاع ماير المختَلق على موضوع مصاصي الدماء من أجل إعطاء الكتاب سرداً خفيفاً وجذباً جنسياً”.

أما صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية فقد وصفت أسلوب الكتاب بأنه ينطوي على “كتابة رديئة وجادّة أكثر من اللازم”.

2. خمسون درجة من اللون الرمادي (إي. إل. جيمس)

يعتبر بعض النقاد هذه السلسلة محض قذارة إباحية. وقد بدأت في الأساس عام 2011 ككتاب من نوع أدب المعجبين، وهو النوع الذي يكتبه المعجبون على غرار أعمال أدبية سابقة (هنا “ملحمة الشفق” بالذات). تندرج هذه السلسلة أيضاً تحت نوع الإثارة الإيروتيكية، إذ تتتبع علاقة بين أناستازيا الخريجة الجامعية، ورجل الأعمال الشاب كريستيان غرِي (وهي كلمة تعني اللون الرمادي أيضاً) بينما يعرّفها إلى عالم الممارسات الإيروتيكية. صحيح أن قراءة الأدب الإيروتيكي ليست شيئاً جديداً على القراء، لكن على ذلك الأدب أن يكون ممتعاً ومكتوباً بشكل جيد، ولا ينطبق هذا هنا. حقق هذا الكتاب نجاحاً كبيراً، لا سيما بالنسبة إلى ربات المنازل المحبطات، ووصل إلى قمة قوائم مبيعات الكتب حول العالم وألهم سلسلة أفلام نصف ناجحة. وعندما وصل إلى الرفوف، أصبح ظاهرة ثقافية. أصيبت النساء في كل مكان بإغراء كريستيان وهو يفترس أناستازيا الخرقاء. مع هذا، لم يكن النقاد مأخوذين، وانتُقدت السلسلة بشدة في العالم الأدبي. قال أحد النقاد في صحيفة “التلغراف” البريطانية إن كلمة “مفزع” لا تقترب حتى من وصف الحالة، واصفاً الكتابة بأنها “سيئة بالكامل”. كذلك، قالت بعض القارئات إن الكتاب سبّب صدمة عميقة لمشاعرهن بأسلوب كتابته، وصياغته، ورداءته العامة. ورأى بعض النقاد أنه حتى لو كان لهذا الكتاب حبكة، فإنها ضائعة في بحر من الكلمات المختارة على نحو سيئ. تتسم السلسلة أيضاً بشخصيات ضحلة من دون تطور تقريباً، وانعدام المواضيع، والسرد الضعيف، وحبكة تجعله بالعموم كارثياً. ولم تتحسن السلسلة مع استمرارها، ولا سيما مع تبدّي كريستيان كشخص أناني، وسواسي قهري، متعقب غريب الأطوار، واستمرار تدهوره الأخلاقي حتى  نهاية السلسلة.  تقول واحدة من القارئات: “لم أرَ يوماً كاتباً بمثل هذا الافتقار إلى الموهبة والمفردات…لم أتمكن حتى من إكمال كتاب واحد، فما بالك بالسلسلة”. وتقول أخرى: “لا كتابة، ولا مضمون. شخصية رئيسية نرجسية، إضفاء طابع رومانسي على النفعية المتبادلة، وإساءة العاطفية غير قاطعة، كل ذلك يصيبني بالغضب”.

3. شيفرة دافنشي (دان براون)

على الرغم من أن دان براون يعتبر أحياناً كاتباً جيداً، والجمهور بالعموم يحب رواياته، لا يبدو أن بوسع روايته “شيفرة دافنشي” التي صدرت عام 2003 تجنب قوائم الكتب المكروهة، وهي تُذكر دائماً بين الكتب التي ضلّت طريقها. لم تكن هذه الرواية بين الروايات الأفضل مبيعاً وحسب، بل شكّلت كذلك قوة هائلة ثقافياً. من ناحية أخرى، أصبحت الرواية مثيرة للجدل إلى حد كبير من حيث أنها تتحدى الكنيسة الكاثوليكية وقصتها عن السيد المسيح، حتى أن الفاتيكان طالب بمقاطعتها. تتتبع القصة بطل براون المعتاد، روبرت لانغدون، وهو يحل لغزاً يعود إلى قرون. لكن، يبدو أساس هذا الكتاب خادعاً: ينكشف سرّ سوف يغيّر وجه المسيحية إلى الأبد. وهي فكرة يعجز المؤلف عن نقلها إلى الورق، حتى مع كل قدرته على الابتكار.

يعتقد كثير من النقاد أن هذه الرواية تفتقر إلى كل شيء ما عدا القصة الممتعة؛ من الفصول التي هي أقصر مما يجب، إلى أسلوب الكتابة الباهت وغير البارع. تعاني الرواية أيضاً من انعدام الدقة في تقديم “الحقائق” وهي مليئة بالأخطاء التاريخية، والعلمية، والدينية التي يبدو أنها أُقحمت لتلائم الحكاية فحسب. كذلك، ينتقد بعض  النقاد آراء الرواية فيما يخص المسيحية، فالموضوع الديني العام الذي يركز عليه براون هنا موضع شك برمته: هل هو واقعي أو محض تخييل مُلقى وسط سياق من الإثارة؟ علاوة على ذلك، اعتبرت قناة الـ”بي بي سي” أن الرواية هي “المقابل الأدبي للرسم بالأرقام، وقد صنعها رسام لا يمكنه حتى أن يرسم ضمن الخطوط”. أما صحيفة “الغارديان” فوصفتها بأنها “450 صفحة من الهراء الذي يمسك بالقارئ على نحو مزعج”.

بالنتيجة، لا يتمتع بالكتاب بأفضل نوع من أنواع الحبكة، والشخصيات، والمناخ، أو حتى الحوار. لكن، يمكنه أن يكون كتاباً خفيفاً للقراءة في عطلة نهاية الأسبوع عندما لا يريد القارئ أن يجهد عقله بأدب ثقيل.

4. موبي ديك (هيرمان ملفيل)

كانت رواية “موبي ديك” وستبقى ذات أهمية أدبية وتاريخية كبيرة بالنسبة إلى الكتّاب والدارسين، وهي تُعتبر منذ صدورها عام 1851 من الكتب المهمة للغاية، ومن أحجار أساس التعليم الأدبي. مع هذا، لم تسلم من هجوم المراجعات عند صدورها، دعاها النقاد “كارثة” وقالوا إنها “غير صالحة للتداول العام”. وحتى عند سؤال الجمهور عنها، نجد أن الكثيرين لم يستمتعوا بهذه الرواية الكلاسيكية، وشعر بعضهم بأنها “شديدة السوء”.

تروي الرواية حكاية اسماعيل، وهو بحار يجد نفسه على متن سفينة صيد حيتان يقودها الكابتن أهاب الذي يريد شيئاً واحداً: اصطياد الحوت “موبي ديك” الذي تسبب بقطع رجله، وهي مهمة سرعان ما تكتسب صفة الجنون. تشكّل الرواية رحلة ممتعة لمن يستمتعون بالكتابة التجريبية، والمتحمسين للحيتان، فكل شيء في هذا الكتاب متعلق بهذا الكائن، إلى درجة أن الحبكة تغدو ضائعة. الرواية أيضاً مليئة بالتعابير التقنية والتفاصيل الخاصة بمهنة صيد الحيتان والتي قد لا تكون ممتعة لكل القرّاء. الأسلوب ميلودرامي، وهو مليء بمقاطع طويلة لا علاقة لها بالحبكة الأساسية.

كتب أحد النقاد عند صدور الرواية: “إنها مزيج سيء من الرومانسية والحقائق”. وقال آخر: “أسلوب هذه الحكاية مشوه في بعض الأماكن بإنكليزية مجنونة (أكثر منها سيئة)”، بينما كتبت صحيفة “لندن سبيكتيتر” تقول إن مقاطع مناجاة الذات الطويلة عند أهاب “تثير الضجر والرغبة بتجاوزها أثناء القراءة”.

في الواقع، يمكن القول إن هذا النص هو مجرد جمل مصاغة على شكل حوت، فالحبكة لا تشكّل سوى حوالى 100 صفحة من مجموع 400 صفحة. أما البقية فهي مجرد “حقائق” عن الحيتان وصيدها؛ وهي فوق ذلك حقائق تقترب من الآراء وتفتقر إلى الدقة، مع توصيفات مملة لتقنيات ومعدات صيد الحيتان. بالنتيجة، يمكن قراءة “موبي ديك” على أنها مزيج مربك بين قصة قصيرة، وكتيب إرشادات صيد حيتان، وكتاب علم أحياء، لكنها ليس على نحو ممتع أو مُعلِّم. كما أن التوقفات المستمرة أثناء السرد تكبح أي اهتمام قد ينمّيه القارئ بالحبكة، وتضع مكانه مهمة رتيبة من قراءة مقاطع عن الصناعات السمكية الأميركية. تُعتبر نهاية الرواية أيضاً غير منطقية بالنسبة إلى الكثيرين؛ رغم أن اسماعيل هو العضو الأقل نفعاً بين الطاقم، ينجو على نحو سحري بينما يغرق الجميع حوله.

5. الخيميائي (باولو كويلو)

باعت الرواية منذ صدورها عام 1988 ملايين النسخ، وتصدّرت قوائم الكتب الأفضل مبيعاً، وتُرجمت إلى أكثر من ثمانين لغة. مع هذا، يراها كثير من النقاد مجرد “قمامة فلسفية زائفة”، ويستغربون رواجها. تروي “الخيميائي” حكاية راعي أغنام أندلسي يُدعى سانتياغو يذهب في رحلة إلى الأهرامات بحثاً عن كنز، ويقدم من خلال ذلك رسالة تبعث على الارتياح حول سعي المرء وراء أحلامه. لكن، ما يبعث على الارتياح ليس دائماً صحيحاً بالضرورة. في رحلته تلك، يلتقي سانتياغو بالكثيرين ممن تخلوا عن أحلامهم ويحاولون بدورهم إقناعه بالتخلي عن رحلته. حسناً، الكثيرون في العالم الحقيقي يجاهدون لنيل طموحاتهم وفي هذا يصيب كويلو، كما أن رسالة إيجاد المرء لسعادته رسالة نبيلة. لكن، فيما عدا ذلك، يبدو أن الرواية لا فكرة لديها عن كيفية تحقيق الأحلام. يتبدى سانتياغو كشخص أحمق ويجعل رحلته، بإرادته، أكثر صعوبة: صحيح أن الرحلات الخطرة تصنع قصصاً جيدة، لكن من الصعب فهم سبب السفر عبر منطقة حرب رغم وجود طريق بحري آمن بقربها. كذلك، ثمة مشكلة واضحة في رسالة الرواية التي تقول: “عندما تريد شيئاً، يتآمر الكون كله لمساعدتك في تحقيقه”. لأن تلك الرسالة تعني أن الحظ والظروف ستكون بجانبك مهما كانت خياراتك، وأن فشل المرء يعود إلى عدم رغبته وحسب.

الرواية كذلك مليئة بالخلاصات التي تنطوي على هراء. وهذه الانحرافات عن الواقع تمثّل عموماً مشكلة عميقة تظهر في معظم كتب المساعدة الذاتية. تروق لنا مثل تلك الكتب لأنها تبدو بسيطة وسهلة للغاية، لكنها تبدو بسيطة لأنها تقدّم حلولاً غير مكتملة، وفاشلة في أغلب الأحيان. الأدب الحقيقي، في المقابل، لا يدّعي أنه يمتلك كل الأجوبة. إن “الخيميائي” هو كتاب من الأمثال والحكم المبتذلة من بدايته إلى نهايته. حين يرفض الخيميائي المشهور تعليم سانتياغو كيفية تحويل الرصاص إلى ذهب، ينصح الصبيّ بأن يستمع إلى قلبه. يفعل سانتياغو ذلك، ويقوده هذا الاستماع إلى الكنز! إنه كتاب واهم، مفرط في البساطة ومؤكد لذاته، ويكاد يكون شبيهاً بكتب قراءة الطالع. كذلك، يحب كثيرٌ من المشاهير (مادونا، ويل سميث) كتاب “الخيميائي” ربما لأنه يبرّر شهرتهم؛ لقد قُدِّر لهم أن يكونوا أغنياء ومحط إعجاب. أخيراً تنطوي الرواية على فكرة متحيزة جنسياً، فحين يقع الراعي في حب امرأة من الصحراء، يتركها في انتظاره إلى أن يحقق قدره ويعود إليها؛ في عالم “خيميائي” كويلو، وحدهم الرجال لديهم أقدار يلاحقونها، أما النساء فتكتفي بالانتظار.

6. يوليسيس (جيمس جويس)

نُشرت هذه الرواية على شكل سلسلة بين عامي 1918 و1920. وهي تتتبع حياة شخصيتين من أهالي مدينة دبلن (ليوبولد بلوم وستيفين ديدالوس) خلال مسيرة يوم واحد هو السادس عشر من حزيران / يونيو. كثيراً ما يُنظر إلى هذه الرواية بوصفها رواية مغيّرة للعقل وللحياة، لكنها، ليست محبوبة عالمياً بقدر ما تبدو. في الحقيقة، الكثير من القراء، وحتى الكتّاب، يكرهونها. وهي تُعتَبر واحدة من أصعب الروايات وأكثرها إرباكاً على الإطلاق. كذلك، تُرى “يوليسيس” أحياناً ككتاب بذيء، حتى أنها مُنعت في بداياتها حمايةً لمشاعر القارئات المرهفة. يعتقد كثيرون أن الرواية كانت بحاجة إلى محرر جيد. ويتساءل القراء عن غرض جويس من تقنيات مثل جمع كلمتين في كلمة واحدة، أو وجود أقسام مؤلفة من جملة واحدة طويلة. ويرى الكاتب الإنكليزي ألدوس هكسلي أن هذه الرواية هي نوعاً ما “كتيب إرشادات تقني يمكن للروائيين أن يدرسوا فيه كل الطرق الممكنة، والكثير من الطرق المستحيلة، لسرد قصة”. لذلك، “يوليسيس”، يقول هكسلي، هو “واحد من أكثر الكتب إثارة للملل”، لا سيما بسبب الغياب التام لأي نوع من الصراع فيه. من ناحيته، يرى  الكاتب الأيرلندي جورج مور أنه “من السخف الاعتقاد بأن أي خير يمكن أن يأتي من محاولة تسجيل كل فكرة وكل إحساس يخطر لإنسان. ذلك ليس فناً”.

أما عالم النفس كارل يونغ، فيرى في “يوليسيس” كتاباً ينسكب على طول 735 صفحة، ويتكلم خلال ذلك كلّه عن يوم واحد لا يحدث فيه أي شيء. “إنه تيار زمني يبدأ في العدم وينتهي إلى العدم، وهو فوق ذلك يتألف من لا شيء سوى اللاشيء”.

في النتيجة، ثمة الكثير من المعايير التي تجعل كتاباً ما جيداً، أو محبوباً؛ سواء أكان للنقاد ومتطلباتهم النقدية الدقيقة، أو للقراء ومزاجاتهم التي قد ترفع كتباً غير جديرة إلى قمم قوائم المبيعات، وترمي كتباً مهمة إلى أسفل رفّ في مكتباتهم. أما بالنسبة إلى هذه القائمة وغيرها من القوائم التي تخص الكتب المكروهة، فكل ما يمكنك فعله هو أن تقرأ بنفسك وتقرر فيما إذا كنت تريد كراهية الكتب التي يكرهها الآخرون، أو تفضّل أن تصنع قائمةً غاضبة خاصة بك.

ترجمة وإعداد: سارة حبيب

 

سيرياهوم نيوز3 – الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...