أحمد يوسف داود
كإنسانٍ عاشَ هنا، على هذه الأرض، مايكادُ يكونُ حياةً، أو مايُشبهُ الحياةْ، على مَدى ثَمانيَةٍ وسَبعينَ عاماً وبِضعةِ أَشهُرٍ حتى الآنْ، لايهُمُّني – بحُكمِ يَقيني بما يُمكِنُ أَنْ يَصيرَ (حَرباً بُيولوجيّةً) مَفتوحةً قادمةْ! – أنْ يَكونَ مايحدُثُ الآنَ في هذا العالَمِ هو بفِعلِ الفيروس الشَّيطانيّ (كورونا) الذي جدَّدوهُ، أمْ بِنَشرِ مالا يُعرفُ من (قَواتِلَ فَظيعَةٍ مَجهولةْ)، ربَّما أَعدّتْها (الدُّولُ الشّرّيرةُ) دونَ سِواها، وأفلَتَتْها من أَحدِ مَخابِرِها على العالمِ، وفَعلَ كُلَّ مايُرادُ لَهُ أَنْ يَفعَلَهْ..
بل إنَّ مايَعْنينا هنا هوَ اليَقينُ بأَنَّ البَشرَ – بلا استِثْناءٍ إلّا نادِراً – يَسعَونَ، بِلا هَوادةٍ، إِلى الانقِراضِ بمُختَلفِ السُّبُلْ، مَدفوعينَ: بالجَشَعِ كَما بالتَّوحُّشِ اللّذَين يَكمُنانِ في أَعماقِ تَكوينِهم المُتولِّدِ مِنْ (وِراثةِ وُحوشٍ) سابِقةٍ أنْسَلتْهُم!.
ورُبّما لايَكونُ دُعاةُ الأَخلاقِ الطيِّبةِ، والمُشتَغِلونَ بأَنواعِ الفُنونِ – على امتِدادِ التّاريخِ – إلّا مَخلوقاتٍ فاشِلةً في أَنْ تَتَوحَّشْ، فعمَدتْ إلى اختِيارِ أَنْ تكونَ (فِئاتِ الشهودِ) علَى التَّوحُّشْ، وكان أَن انتَهى جُلُّهم إلى أنْ يَكونوا ضَحايا لهْ!.
إنَّ (ثَقافةَ دايْفوسْ) مَثَلاً، وفكرةَ (المِليارِ الذّهَبيِّ) الذي هوَ – وَحدَهُ! – مَنْ يَستَحقُّ الحَياةَ المُرفَّهةَ على هذِهِ الأرضْ، لَيستْ جَديدةً إلّا في قَضيَّةِ الضَّبطِ لِصِياغَتِها!.
وما التّاريخُ البَشريُّ كلُّهُ إلّا جُملةُ صِياغاتٍ مُتَواصِلةٍ لَها: بطرائقَ يَلتَزِمُ كلٌّ مِنها (بتِلكَ الفِكرةِ) بِحَسْبِ مَنطِقِ عَصرِهْ!.
وَعلَيهْ: إِلى ماذا يَحتاجُ عُمومُ البَشرِ الآنَ منْ نَشاطٍ، ومنْ أَفعالٍ لدَفعِ هذا الكابوسِ الذي هو مُمْعِنٌ في الحَماقةِ، وفي النّشوزِ – أَو لِنَقُلْ: في الشُّذوذِ! – اللّذَينِ إِنْ حَقّقَهُما الدُّعاةُ إلَيهِما، أَو إنّهما تَحقَّقَا لَهمْ، مالَ بَعضُ (المِليار) أو كُلُّهُ إلى التَّحارُبِ أو إلى التّذابُحِ مِنْ جَديدْ!.
حَقاً، إنَّ البَشرَ جَميعاً لَيسوا مُهدَّدينَ بأنْ يَنقرِضوا كجنسٍ عابِرٍ على هذهِ الأَرضِ إلّا بِما تَكتَسِبُ أَيديهِمْ هُمْ، لاأَيدي سِواهُم!.. وكلُّ الحُروبِ التي قامتْ – والّتي ستَقومْ – ماهي إلّا الشَّواهِدُ – أَوِ الشُّهودِ – على ذلكْ!.
إنَّ القُوى الّتي لاتَنفَكُّ عن دَفعِ الصِّراعِ الوَحشِيِّ بينَ البَشرِ الى مَزيدٍ مُتَواتِرٍ منَ الاحتِدامِ لَهيَ الدَّليلُ الكافي على أَنَّ المُقبلَ من حَياةِ البَشرِ إِجمالاً يَسيرُ سَيراً حَثيثاً نَحوَ مايَبدو أَنّهُ انْقِراضٌ شامِلٌ لهذا الجِنسِ البشريِّ انْقِراضاً كامِلاً دونَ أنْ يَنظُرَ أَحدٌ أَيةَ نَظرةٍ آسِفةٍ إلى ماقدْ يَكونْ: فيَعمَلَ جاهِداً منْ أَجلِ أَلّا يَكونْ!.
والخِتامُ هوَ أًنّهُ لايُمكِنُ تَوصيفُ جِنسَنا هذا إلّا بأنّهُ: جِنسٌ لايَسعى إلّا إِلى أَنْ يَنقَرِضْ، إنْ دامَتْ عقليَّتُهُ على ماهيَ عَلَيْهِ الآنْ.. فهلْ هُناكَ أَخيراً مَنْ يَتَّعظْ؟!.
إنّني، في الخِتامِ، أَشُكُّ كثيراً في ذَلكْ!.
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)